الحوار الليبي.. تقارب في وجهات النظر دون اتفاق

مؤتمر صحفي للمعبوث الأممي وفريقي الحوار في تونس- صفحة البعثة الأممية
مؤتمر صحفي للمبعوث الأممي غسان سلامة وفريقي الحوار الليبيين في تونس (الجزيرة)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

انتهت ستة أيام من اللقاءات والحوارات بين لجنتي الحوار المنبثقتين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن تعديل بنود اتفاق الصخيرات السياسي إلى التوصل لعدد من التفاهمات، لكنها لم تحسم النقاط الخلافية والجوهرية المختلف عليها بين الطرفين.

وأعلن المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة عقب انتهاء الجولة الأولى من جلسات الحوار في تونس في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري التوصل إلى عدد من التفاهمات بشأن النقاط الواجب تعديلها في الاتفاق السياسي، وهي إعادة هيكلة السلطة التنفيذية، بحيث يتكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين، ورئيس وزراء منفصل عن المجلس.

وتعد هذه اللقاءات التي جرت برعاية وإشراف المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة، ووجها لوجه هي الأولى من نوعها بعد سنوات من التجاذبات والخلافات السياسية بين الأطراف السياسية الليبية حول بنود الاتفاق السياسي.

تفاهمات مبدئية
ويوضح عضو لجنة الحوار بمجلس النواب عيسى العريبي أنه جرى التوافق على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، ومجلس رئاسي مكون من رئيس ونائبين، وحكومة منفصلة عن المجلس الرئاسي، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن نقاط الاختلاف كانت حول اختيار القائد الأعلى للقوات المسلحة، وآلية اختيار رئيس الحكومة ونائبيه.

‪صالح افحيمة: لقاء الوفدين الليبيين وجها لوجه كسر الجمود‬ (الجزيرة)
‪صالح افحيمة: لقاء الوفدين الليبيين وجها لوجه كسر الجمود‬ (الجزيرة)

وتطرق العريبي إلى هيكلية المجلس الأعلى للدولة الحالي ووصفها بغير المتوازنة، مطالبا بضرورة انضمام كتلة الـ 94 بالمؤتمر الوطني العام السابق لمجلس الدولة، حتى يجري تضمين المجلس في الاتفاق السياسي وتشريع عمله، حسب قوله.

وبعيدا عن التفاهمات التي جرى الاتفاق عليها، أفاد عضو لجنة الصياغة الموحدة لمجلسي النواب والأعلى للدولة عمر بوشاح بأن الوفدين ناقشا الوضع القانوني للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وآلية الوصول لصيغة نهائية توافقية لمشروع الدستور.

وقال بوشاح للجزيرة نت إنه تم طرح جميع النقاط المختلف عليها، وصياغات وخيارات عدة للعمل على حصرها للوصول إلى أقل عدد من الخيارات في كل نقطة خلافية، رافضا الخوض في تفاصيل النقاط الخلافية.

وتتمثل مطالب عدد من النواب الموالين لعملية "الكرامة" في تعديل الاتفاق السياسي ليصبح المجلس الرئاسي مكونا من رئيس ونائبين، ويكون رئيس الحكومة منفصلا عن المجلس الرئاسي، مع إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق، وعودة كتلة الـ94 بالمؤتمر الوطني العام السابق للمجلس الأعلى المنبثق عن اتفاق الصخيرات.

ويعد المجلس الرئاسي بليبيا ثمرة الاتفاق السياسي الذي وقع في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 بمدينة الصخيرات المغربية بين عدة أطراف ليبية برعاية المبعوث الأممي السابق الألماني مارتن كوبلر.

تقارب دون حسم
ويرى عضو مجلس النواب صالح افحيمة أن لقاء الوفدين هذه المرة وجها لوجه كسر الجمود، ويقول للجزيرة نت إن اللجنتين أبلتا بلاء حسنا نوعا ما حتى الآن، متسائلا في الوقت ذاته "هل أصبح كل طموحنا هو أن نلتقي لنتحاور وجهًا لوجه؟! وهل هذا أقصى ما يمكننا تقديمه للشعب؟"

أعضاء لجنة الصياغة المشتركة المنبثقة عن لجنتي الحوار الليبي في تونس(الجزيرة)
أعضاء لجنة الصياغة المشتركة المنبثقة عن لجنتي الحوار الليبي في تونس(الجزيرة)

ويشير افحيمة إلى أن النتائج المعلن عنها غامضة وغير واضحة، ولا ترقى إلى تطلعات الشعب الليبي، معتبرا أنه ترك المجال مفتوحا للنقاط الخلافية التي جرى بحثها -ولم تُعلن بعد- لإعادة بحثها في الجولات القادمة، متمنيا في الوقت نفسه أن يكون ذلك في مصلحة القضية، وألا يكون في مصلحة أفراد أو جماعات سياسية تسعى من ورائه لنيل مناصب أو مكاسب تتعارض مع المصلحة العامة.

بدوره، يعتبر عمر بوشاح أن بداية الحوار المباشر بين اللجنتين خطوة إيجابية، ساعدت على تذليل الكثير من المصاعب، والحد من التدخلات الخارجية التي أسهمت في تعميق الفجوة بين الليبيين.

وفي السياق نفسه، يؤكد النائب عن الزنتان وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي عمر غيث أن الجولة الأولى من الحوار مشجعة بعدما أصبحت القواسم المشتركة واضحة للطرفين، وهو أمر يدفع للمضي قدما في الجولات القادمة.

ورغم اعتباره الحوار وجها لوجه خطوة إيجابية لا شك فيها، ينتقد الناشط السياسي الليبي محمد فؤاد إضاعة الوقت في الاتفاق على نقاط لا يختلف عليها الجميع أساسا، منبها إلى أن الشعب ينتظر الوصول إلى نتائج واقعية وملموسة.

وأكد سابقا المبعوث الأممي غسان سلامة أن الوفدين سيعودان إلى ليبيا للتشاور مع مرجعياتهما قبل استئناف الجولة الثانية من المشاورات بشأن القضايا العالقة، آملا أن تكون الجولة القادمة الأخيرة بشأن النقاط المتبقية.

وكان المبعوث الأممي غسان سلامة طرح خارطة طريق لليبيا في العشرين من سبتمبر/أيلول الماضي تتكون من ثلاث مراحل: تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات، ثم عقد مؤتمر وطني تحت رعاية أممية لفتح الباب أمام الذين استُبعدوا أو همّشوا أنفسهم، والأطراف التي تحجم عن الانضمام إلى العملية السياسية.

وتضمنت الخريطة كذلك إجراء حوار مع الجماعات المسلحة لدمجها في العملية السياسية والحياة المدنية، ومبادرة لتوحيد الجيش، ومعالجة قضية النازحين على أساس تنظيم استفتاء على الدستور في غضون سنة تتلوه انتخابات رئاسية وبرلمانية، وبذلك تنتهي المرحلة الانتقالية.

المصدر : الجزيرة