تجهيز خطب خمس سنوات في إطار التجديد الديني بمصر

تجديد الخطاب الديني يتم بمعزل عن الأزهر. (تصوير خاص من داخل صحن الجامع الأزهر لعمليات ترميم مآذن وقباب الجامع ـ القاهرة يناير 2017).
بدء عمليات ترميم مآذن وقباب الجامع الأزهر (الجزيرة)
 عبد الله حامد-القاهرة

أعدت وزارة الأوقاف المصرية خطة لخطب الجمعة بقوائم تشمل 270 موضوعًا لخمس سنوات، وقالت إن الهدف من الخطة تجديدُ الخطاب الديني.

ووفق بيان أصدرته وزارة الأوقاف، فإنها ستبدأ كتابة الموضوعات بمشاركة من أساتذة الدين والنفس والاجتماع. وستطرح الخطب على موقع الوزارة على الإنترنت لتلقي ملاحظات بشأنها ومراجعتها قبل رفعها كاملة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.

يأتي ذلك بعد فترة وجيزة من حديث السيسي في احتفال المولد النبوي الذي وجه خلاله انتقادا علنيا لوزير الأوقاف قائلا إنه طلب منه تحديث الخطاب الديني فقام الوزير بتوحيد خطبة الجمعة، وطالب السيسي بـ"تشكيل هيئة علماء تعمل على مدار أيام العام لتجديد الخطاب الديني".
    
وفي تقييمه لتلك الخطوة، قال المستشار السابق لوزير الأوقاف سلامة عبد القوي للجزيرة نت إن "القرار سيحول الداعية إلى آلة تردد ما يمليه عليه النظام بلا اجتهاد ولا إبداع، وهذا ما يريده قادة الانقلاب، حيث الخطيب مجرد بوق فوق المنبر، يردد دون وعي ولا فهم ما يريدونه".
 
ويرى عبد القوي أنه "من الخطورة أيضا قولبة الجمهور المتلقي بما يريده الحكم العسكري، فوزير الأوقاف يسعي بكل الطرق لإرضاء قائد الانقلاب عنه بإصدار هذه القرارات، ويظن هو وحكامه أنهم سيبقون في حكم مصر لمدة خمس سنوات، ولكن هيهات".

كما أشار إلى أن كلية الدعوة بالأزهر يتخرج منها الإمام والخطيب ملمّا بما يؤهله للقيام بواجب الدعوة والخطابة بتمكّن، وهو ما يتطلب ترك المجال للداعية ليعبر عن قدراته ببراعة وإبداع، و"لا يتحقق ذلك في ظل هذه القرارات الكارثية التي تتخذها وزارة الأوقاف". 

‪المظاهرات ضد الانقلاب قاومت السيطرة مبكرا على المساجد‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪المظاهرات ضد الانقلاب قاومت السيطرة مبكرا على المساجد‬ (الجزيرة-أرشيف)

انتكاسة
من جتهه اعتبر أستاذ الشريعة رجب سليمان توحيد خطب الجمعة لخمسة أعوام "انتكاسة وتبديداً للخطاب الديني، ونتيجته فرار الناس من المساجد، فتخرب ولا يقصدها إلا الكهول، كما كان الحال منذ قرن تقريبا قبل الصحوة الإسلامية".

وأضاف "في الوقت الذي كان يفترض أن تعين الأوقاف الإمام لينهض بهذا الدور، ها هي تغرق في الصراع السياسي الذي كان من الواجب عليها أن تنأى عنه". وطالب بأن "يتعدى دور إمام المسجد الوعظ إلى إصلاح المجتمع كله حتى الذين لا يحضرون الصلاة".

وانتقد عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر محمد الشحات الجندي عدم عرض خطة الأوقاف المزمعة على أفرع المؤسسة الدينية كلها وعلى رأسها الأزهر بهيئاته.

وتابع الشحات خلال مداخلة لبرنامج "ساعة من مصر" على قناة فضائية أن "تكليفات الرئيس كانت واضحة بضرورة أن تكون هناك خطة وفقا لملامح محددة لا يتم اختزالها في خُطب الجمعة فقط".

ويرى الجندي أن تحديد خطب لخمس سنوات "ليس بالمسألة الهينة"، معربا عن رفضه لهذا الطرح من الأوقاف "لأن هناك هموما مجتمعية ومتغيرات".
   
وقال رئيس تحرير جريدة وموقع "المصريون" محمود سلطان إنه لم يستوعب فكرة أن "لدى الرئيس من الوقت والفراغ بحيث يراجع خطب الجمعة، قبل أن توزع على المشايخ".

وتابع في تدوينة بصفحته على فيسبوك "بيان الأوقاف لا يقتصر في دلالته على خطب الجمعة، فعلينا أن نطلق لتوقعاتنا العنان لتلامس اللامعقول في حياتنا السياسية الراهنة، ناهيك عن أنه يعيد إنتاج صورة الزعيم السوبر الذي يفهم في كل شيء حتى الفقه والعلم والإيمان".

بدوره رفض الأمين العام لـمشيخة الأزهر الشيخ علي عبد الرحيم التعقيب على قرار وزير الأوقاف، في حين قال مصدر قريب من قيادات وزارة الأوقاف للجزيرة نت إن الوزارة بصدد تقديم توضيح للموضوع ونشره على موقعها الرسمي لإزالة الالتباس والجدل.

المصدر : الجزيرة