ازدهار إلكتروني بمصر والورق ينازع

الشروق تعتذر من قرائها
افتتاحية الشروق: اعتذار للقارئ على رفع السعر (الجزيرة)
 عبد الرحمن رمضان-القاهرة
 
"عذرا أيها القارئ الكريم.. قرار لابد منه" كان هذا عنوان افتتاحية صحيفة الشروق اليومية (خاصة) الثلاثاء الماضي، والتي أشارت فيها إلى أن "صناعة الصحافة في مصر تواجه أوضاعا صعبة لم تواجهها منذ نشأتها قبل مئتي عام" وبررت قرارها برفع سعر النسخة إلى ثلاثة جنيهات (50% من القيمة السابقة) لضمان الاستمرار.

الصحافة المطبوعة تعاني مؤخرا أزمة مزدوجة، فمع تراكم تدني مستوى الإقبال عليها نتيجة استعانة القارئ بالصحافة الإلكترونية والذي تزايد خلال الأعوام الأخيرة، تركت أزمة تحرير صرف العملة المحلية أثرا سلبيا عليها كذلك، حيث أدى ذلك إلى رفع أسعار الورق والطباعة بنسبة كبيرة.

هذه الأزمة دفعت إدارات الصحف القومية والخاصة إلى عقد اجتماعات متتابعة لبحث سبل معالجتها وكيفية الحفاظ على استمرار صحفهم في ظل تفاقمها، متفقين على ضرورة مضاعفة دعم الدولة للصحف بشكل عام لإنقاذ هذه الصناعة، وأنه في حال عدم توفر ذلك سيؤدي ذلك إلى توقف بعضها.

وخلال الأعوام الأخيرة، توقفت عدة صحف عن الصدور بشكل كامل وسرحت العاملين بها، بينما تحول عدد آخر من الإصدار اليومي إلى الأسبوعي بسبب عدم قدرتها المادية على الاستمرار في الطباعة اليومية، بينما اكتفى عدد آخر بنسخته الإلكترونية بعد إيقاف الورقية.

160 ألف نسخة هو أعلى توزيع لصحيفة بمصر
160 ألف نسخة هو أعلى توزيع لصحيفة بمصر

صحف متعثرة
ومن تلك الصحف، البديل الخاصة (أسبوعية) حيث أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 التوقف عن الصدور بسبب ضعف التوزيع، والاكتفاء بموقعها الإلكتروني، وسبقتها بنحو شهرين إلى ذات القرار صحيفة التحرير الخاصة (يومية) مبررة ذلك بـ"انصراف أغلب قطاعات المجتمع عن قراءة الصحف المطبوعة، واتجاههم إلى الحصول على معلوماتهم من الصحافة الإلكترونية".

أما صحيفة المصريون (خاصة) فقد تحولت من النسخة اليومية إلى الأسبوعية نهاية عام 2013، بسبب المصاعب المادية التي واجهتها جراء ضعف التوزيع، بينما توقفت جريدة الوادي (خاصة) في مارس/آذار 2014، وذلك بسبب أزمة مالية.

كما توقفت صحيفة الأحرار الخاصة عن الصدور بعد ثورة يناير 2011 بسبب عدم القدرة على الوفاء بحقوق العاملين المادية، وكذلك تحولت صحيفة الميدان إلى نسخة إلكترونية، وتحولت جريدة شباب مصر من أسبوعية إلى شهرية في أبريل/نيسان 2014.

وكان ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابق نقيب الصحفيين الأسبق قد كشف -في تصريحات سابقة للجزيرة نت- أن توزيع أي جريدة يومية لا يتخطى 160 ألف نسخة، قومية كانت أو خاصة، كما لا يصل توزيع غالبية الصحف اليومية المرتبطة بمواقع إلكترونية شهيرة إلى عشرين ألف نسخة يوميا.

‪سليمان صالح: الصحف ستنهار بأسرع مما نتوقع‬ سليمان صالح: الصحف ستنهار بأسرع مما نتوقع (الجزيرة)
‪سليمان صالح: الصحف ستنهار بأسرع مما نتوقع‬ سليمان صالح: الصحف ستنهار بأسرع مما نتوقع (الجزيرة)

ازدهار إلكتروني
في مقابل ذلك، تتزايد معدلات الإقبال على الصحافة الإلكترونية بشكل كبير، مستفيدة من تدهور أحوال الصحافة الورقية واتساع رقعة العزوف عنها، وقد أرجعت الباحثة سماح عبد الرازق في دراسة تتناول مستقبل الصحافة الإلكترونية بمصر ذلك إلى "ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت والسرعة في نقل الخبر".

ويتصدر موقع صحيفة "اليوم السابع" المواقع الإخبارية الأكثر متابعة بمصر، يليه مواقع "أخبارك" و "مصراوي" وموقع صحيفة "المصري اليوم" وشبكة "رصد" وموقع وكالة أنباء أونا، إضافة إلى عدد من نوافذ الأخبار بمواقع فضائيات خاصة كمواقع "MBC مصر".

وفي هذا السياق، يُرجع أستاذ الصحافة ورئيس قسمها السابق بكلية إعلام جامعة القاهرة سليمان صالح توقف عدد من الصحف عن إصدار نسخها الورقية إلى "ثورة الاتصال وتطور الصحافة الإلكترونية".

ويرى صالح في حديثه للجزيرة نت أن "من العوامل التي ساعدت في تشكيل الأزمة، اكتفاء الصحافة الورقية بتقديم مضمون خفيف وتغطية سريعة للأحداث وتركها تقديم المعرفة للجمهور، ومن ثم لم تستطع الصمود أمام الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية التي تقدم ذلك بشكل أسرع وأفضل".

ويقول إن "الصحافة الورقية ستنهار بأسرع مما نتوقع إذا استمرت بهذا الشكل، وأنه إذا أرادت تدارك أزمتها فلابد من اعتماد حلول علمية أهمها إطلاق حرية الصحافة، وتقديم المعرفة والتغطية الشاملة المتعمقة للأحداث، وإعادة تعريف وظائفها في المجتمع.

المصدر : الجزيرة