تسريب بكالوريا الجزائر.. صراع أيديولوجيا وتصفية حساب

بكالوريا الجزائر
امتحانات البكالوريا لهذا العام كانت استثنائية بسبب حجم التسريبات (الجزيرة نت)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

باتت قضية تسريب أسئلة امتحان البكالوريا (الثانوية العامة) حديث الناس في الجزائر خلال الأيام الماضية، ووصفت بالفضيحة غير المسبوقة بسبب عدد المواد التي سربت امتحاناتها.

ورغم أن وزارة التربية ظلت طيلة أيام الامتحان تنفي حدوث تسريبات حقيقية للأسئلة فقد اضطرت في آخر يوم للإقرار بحدوث تسريبات على نطاق واسع، مما دفع الحكومة إلى الإعلان عن دورة استثنائية بين 19 و23 يونيو/حزيران الجاري في سبع مواد سربت أسئلتها.

وأفضت التحقيقات الأمنية إلى القبض على عشرات المتورطين، بينهم ثلاثة من كبار الموظفين في الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات المسؤول عن تنظيم امتحان البكالوريا.

ودافع كبار المسؤولين في الدولة -بينهم رئيس الوزراء عبد المالك سلال- عن "كفاءة" وزيرة التربية نورية بن غبريت، واتهموا "أطرافا خارجية باستهداف الجزائر والتآمر عليها"، بينما ذهب مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى إلى اتهام "المحافظين الإسلاميين" بقيادة حملة للإطاحة بالوزيرة.

وكان نواب ينتمون للمعارضة الإسلامية في البرلمان قد قدموا عريضة تطالب بإقالة الوزيرة باعتبارها المسؤولة الأولى عما وقع.

فيما دفعت بعض الأطراف بفرضية أن التسريبات تعد أحد فصول الصراع بين أجنحة النظام مثلما حدث من قبل في بكالوريا 1992 وأطيح بوزير التربية يومها علي بن محمد.

مبنى وزارة التربية الجزائرية (الجزيرة نت)
مبنى وزارة التربية الجزائرية (الجزيرة نت)

وقال رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني إن ما حصل هو "عملية إرهابية".

وأبدى قسنطيني في تصريحات للجزيرة نت جهله بهوية الجهات التي تقف وراء تسريب أسئلة البكالوريا، لكنه شدد على أنه "لا أحد يملك حق العبث بمستقبل ومصير عشرات الآلاف من الطلاب".

واعتبر أن المساس بمصداقية امتحان البكالوريا "هو مساس بسمعة التعليم وجهود الدولة في هذا الميدان"، وأضاف "من لديه مشاكل مع وزيرة التربية نورية بن غبريت ويريد تصفية حساباته معها فلا يجب أن يقوم بذلك على حساب الطلاب".

في المقابل، أكد العضو السابق في لجنة إصلاح المنظومة التربوية رابح خدوسي أن المؤامرات على البرامج والمناهج التعليمية التي بدأت منذ استقلال البلاد في 1962 لم تتوقف قط "وسط صراعات بين اللوبي المفرنس والمعرب".

وأشار خدوسي في حديث للجزيرة نت إلى أن كل طرف يتربص من أجل الإطاحة بالآخر للسيطرة على المدرسة، وسرد بعض الوقائع التي تؤكد احتدام الصراع بين التيارين، مثل تسريب أسئلة بكالوريا عام 1992 التي أجبرت وزير التربية علي بن محمد -المتمسك بقيم وثوابت الشعب الجزائري- على الاستقالة.

جانب من امتحانات البكالوريا في الجزائر (الجزيرة نت)
جانب من امتحانات البكالوريا في الجزائر (الجزيرة نت)

وبرر خدوسي التسريبات بتداعيات "صراع الأجنحة داخل النظام الجزائري"، وشدد على أن الأطراف الخارجية التي تتهمها الحكومة بالتورط في التسريبات "لم تكن لتنجح لو لم تكن لديها امتدادات داخلية".

وحمل "فرنسا واللوبي الفرنكوفيلي" مسؤولية وضع العصا في عجلة التقدم والتسبب في "الشرخ الذي تعانيه الهوية الجزائرية".

من جهتها، قالت الكاتبة الصحفية فتيحة زماموش إن تسريبات أسئلة البكالوريا كان هدفه الإطاحة بالوزيرة، واعتبرت في تصريحات للجزيرة نت أن الضربة ضد بن غبريت جاءتها من محيطها و"من طرف الذين همشتهم مذ تسلمت حقيبة وزارة التربية".

وبرأي زماموش فإن ما وقع هو انعكاس للصراع القائم بين التيارين التغريبي والمحافظ.

المصدر : الجزيرة