رغم الحصار.. المسحر يصدح بحي القابون الدمشقي

المسحر في حي القابون الدمشقي

نوران النائب-الجزيرة نت

"قوموا إلى سحوركم يا أهالي الشام.. هي شام الأصالة حكموها الظلام"، هذا ما يبدأ به المسحر الستيني أبو اصطيف جولته الليلية قبل الفجر، ليملأ شوارع حي القابون الدمشقي بتراتيله المتواصلة، معتزا بالشعائر الرمضانية والهتافات الشامية التي تبعث الحياة في نفوس أهل الحي المنكوب.

ويرتدي أبو اصطيف عمامته ولباسه الشامي كل ليلة ثم يبدأ بقرع الطبل كواجب سنوي يمارسه منذ أكثر من عشرين عاما لإيقاظ الأهالي وقت السحور، ويقول للجزيرة نت إن بهجة رمضان لا تكتمل من دون مهنة المسحر، فحي القابون ما زال يحتفظ بطقوسه الرمضانية المحببة لدى أهله رغم الحصار واستمرار الحرب منذ خمسة أعوام.

وبسبب انقطاع الاتصالات والكهرباء في القابون بات اعتماد الأهالي على أبو اصطيف مضاعفا، فهو يجوب الحارات ليلا ويطرقها بابا بابا وسط الظلام الدامس والهدوء الذي يخيم على الشارع.

ولا يشعر أبو اصطيف بالملل في عمله ولا يفكر بالنزوح من الحي رغم مآسي الحرب، فتعلقه بأهله وجيرانه في الثورة صار مضاعفا عما كان قبلها، ويقول إن الناس الآن بأمس الحاجة لبعضهم.

‪‬ حي القابون يفتقر للكثير من الاحتياجات الأساسية بسبب الحصار(الجزيرة)
‪‬ حي القابون يفتقر للكثير من الاحتياجات الأساسية بسبب الحصار(الجزيرة)

تحت الحصار
ويتمتع حي القابون بملامح أخرى رغم الحرب والحصار الذي تفرضه قوات النظام، فأم عماد التي فقدت زوجها في إحدى الغارات على مدينة سقبا المجاورة نزحت مع أطفالها الثلاثة إلى القابون، وتقول إنها تتفقد كل صباح حواجز قوات النظام المؤدية لوسط دمشق، فإن كان الطريق سالكا سارعت لشراء بعض الاحتياجات قبل أن يحين وقت المغرب وتغلق قوات النظام الحي.

وتضيف أم عماد أن الطحين من المواد المفقودة داخل الحي، حيث تمنع قوات النظام إدخاله، بينما تحرص هي على صناعة الحلوى في رمضان لتسعد أطفالها بأطباق افتقدوها خلال فترة حصارهم بالغوطة.

وتوضح أن الدخول إلى وسط دمشق ليس آمنا دائما، لكنها اعتادت المخاطر في سبيل استمرارية الحياة وخلق "جو رمضاني" مختلف لأطفالها الذين عاشوا بين نيران الحرب.

ويحاول أكثر من مئة ألف نسمة في القابون الحفاظ على إظهار الشعائر الرمضانية رغم المعاناة الطويلة، في الوقت الذي تضاف فيه معاناة العوائل النازحة من الغوطة الشرقية إلى معاناة سكان هذا الحي الصغير بأزقته الضيقة ومنازله المتهالكة.

ورغم الأوضاع السيئة ما زال القابون يؤوي أكثر من ألفي عائلة نازحة من مناطق مختلفة في الريف الدمشقي، حيث يوصف الحي بأنه الأخف وطأة وقصفا مقارنة بمحيط دمشق الذي يطبق النظام حصاره وقصفه عليه، نظرا لتأثر القابون بهدنة حي برزة اللصيق به والذي يحاول أهل الحي من خلاله توفير الأطعمة والاحتياجات اللازمة للسكان.

المصدر : الجزيرة