اللاجئون السوريون يتعرضون للاستغلال باليونان

اليونان/مرفأ جزيرة كوس، لاجئون سوريون وآسيويون ينتظرون دورهم للدخول الى الباخرة التي ستنقلهم الى اثينا
مرفأ جزيرة كوس باليونان يستقبل الكثير من اللاجئين قبل إبحارهم مجددا إلى أثينا (الجزيرة)

شادي الأيوبي-أثينا

وصل عبد الله موسى من مدينة درعا السورية إلى اليونان قبل عام تقريبا، ودفع ألفي يورو إلى مهرب عربي أوصى به أصحابه لمساعدته في الوصول إلى شمال أوروبا، ليكتشف لاحقا أنه ضحية جديدة للاحتيال والاستغلال الذي يتعرض له الكثير من اللاجئين.

أصدر المهرب بطاقة هوية يونانية مزورة لعبد الله، وبدأت محاولات السفر الفاشلة واحدة تلو أخرى، حيث اكتُشفت عملية التزوير وتم احتجازه عدة أشهر في سجن الترحيلات. ولم تقف المشكلة عند هذا الحد، حيث لم يتمكن عبد الله من استعادة أمواله من المهرب زاعما أنه أنفق المبلغ ولا قدرة له على إرجاعه.

وتحول عبد الله إلى متشرد يأوي إلى المقاهي عدة أشهر، منتظرا تحويلات مالية من أصدقائه في أوروبا لشراء طعامه وشرابه، إلى أن وجد المأوى لدى بعض المهاجرين العرب في أثينا.

وفي النهاية، اضطر أصحاب عبد الله اللاجئون بشمال أوروبا لجمع ألفي يورو وإرسالها إليه كي يجدد محاولات سفره، حتى نجح أخيرا في الوصول إليهم بعدما تراكمت عليه الديون، وهو ما زال يطالب المهرب بالمبلغ دون جدوى.

قصص الاحتيال على اللاجئين ليست الطريقة الوحيدة لسلبهم أموالهم، فقد تشكلت سلسلة طويلة من المستغلين وتجار الأزمات الذين يرون في اللاجئين مصدرا للكسب السريع، وذلك ابتداءً من أصحاب سيارات الأجرة إلى سماسرة الحافلات والقطارات.

‪لاجئون يستقلون مركبا مطاطيا في طريقهم إلى اليونان‬ (الأوروبية)
‪لاجئون يستقلون مركبا مطاطيا في طريقهم إلى اليونان‬ (الأوروبية)

استغلال اللاجئين
وبعد تدفق اللاجئين بالآلاف على اليونان وفتح الحدود مع جارتها الشمالية مقدونيا لعبورهم، تقلص عدد الراغبين بالسفر عبر المطارات والموانئ اليونانية عن طريق تزوير الأوراق الثبوتية، لتبدأ طرق لكسب المال من اللاجئين بطرق استغلال أخرى.

وقالت صحيفة "توفيما" اليونانية اليومية في مقال لها قبل أيام، إن أصحاب المحلات التجارية التي تبيع الخيام الجاهزة تربح أموالا كثيرة لقاء بيع الخيام للاجئين، مضيفة أن اللاجئين السوريين أنقذوا الفنادق الرخيصة في الجزر التي وصلوا إليها خلال الفترات غير السياحية.

وأوضحت "توفيما" أن بعض أصحاب الفنادق يكدسون أشخاصا كثيرين في غرفة واحدة مقابل عشرين يوروا (22 دولارا تقريبا) من كل شخص، أو يتقاضون نصف المبلغ مقابل بقائهم بضع ساعات في الغرفة للاستراحة.

وتضيف الصحيفة أن بعض اللاجئين باليونان يضطرون لدفع ما بين ثلاثة وخمسة يوروات لقاء استخدام الحمام أو شحن الهاتف المحمول بالكهرباء.

‪سوريون ينتظرون سفينة تنقلهم من إحدى الجزر اليونانية‬ (أسوشيتد برس)
‪سوريون ينتظرون سفينة تنقلهم من إحدى الجزر اليونانية‬ (أسوشيتد برس)

طرق الاستغلال
وأوضح الناشط أيمن صليبي للجزيرة نت أن عمليات استغلال كثيرة تحدث للاجئين خلال رحلتهم، حيث يدفعون المال لعبور البحر بمركب يعتقدون أنه آمن، ثم يتبين لهم أنه زورق مطاطي ضعيف، كما تطلب الفنادق أسعارا مرتفعة منهم، في حين يشتري "سماسرة الأزمة" بطاقات القطار بأكملها لمدة يومين أو ثلاثة أيام ليبيعوها لهم لاحقا بأضعاف السعر الحقيقي.

وأضاف أن بعض سائقي الأجرة قد ينقلون أربعة أشخاص من أثينا إلى سالونيك (500 كلم شمالا) مقابل سبعمئة يورو (780 دولارا)، معتبرا أنه مبلغ مرتفع جدا، وأوضح صليبي أن الاستغلال عملية تصاحب كل أزمة، وأن هذه الأزمة لا تشكل استثناء من القاعدة.

ولعل الانطباع الذي تركه بعض اللاجئين السوريين من خلال مظهرهم الأنيق شجع البعض على الاستغلال، وفقا لما يقول بعض الذين يتعاملون معهم في اليونان مقارنة باللاجئين من دول آسيوية أو أفريقية. كما تتحدث وسائل الإعلام اليونانية عن انتماء اللاجئين السوريين إلى الطبقة المتوسطة وأنهم ليسوا من الفقراء.

ويشير ناشطون إلى أن بعض المستغلين هم من العرب أو السوريين أنفسهم، وأنهم يجدون هامشا من الحرية لانشغال اليونان بالأزمة الاقتصادية والسياسية، حيث لا تمارس السلطات أي رقابة على هذا الملف، بحسب قولهم.

المصدر : الجزيرة