التصنيع العسكري العراقي.. تاريخ لا حاضر له

Iraqi security forces fire artillery during clashes with Islamic State militants, outside the city of Falluja March 11, 2015. Picture taken March 11, 2015. REUTERS/Alaa Al-Marjani (IRAQ - Tags: CIVIL UNREST POLITICS CONFLICT)
الحاجة لتصنيع أسلحة عراقية تزداد في ظل المواجهات التي يخوضها الجيش مع تنظيم الدولة الإسلامية (رويترز)

أحمد الأنباري-بغداد

أثارت الحاجة الملحة للحصول على أسلحة وتقنيات عسكرية حديثة في الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية دعوات سياسية لإعادة الصناعة العسكرية في العراق، وسط توجهات مختلفة حول إمكانية إعادة تأهيل هذه المصانع في ظل صعوبات عدة، أبرزها الأوضاع الاقتصادية.

ويعود تأسيس الصناعات العسكرية في العراق إلى بداية سبعينيات القرن العشرين عندما شكلت الحكومة حينذاك هيئة من كفاءات علمية للبدء بإنشاء المنشآت والمعامل والورش عبر "هيئة التصنيع العسكري" التي تم من خلالها تأهيل آلاف المهندسين والفنيين والعمال.

وازدادت الحاجة لهذه المصانع في الحرب مع إيران (1980-1988) وهو ما دفع لتطويرها وتنويع منتجاتها من الأسلحة والذخائر المختلفة، إلا أن حرب الخليج الثانية عام 1991 أدت إلى تدمير الكثير من منشآت التصنيع العسكري.

كما تعرض ما تبقى منها خلال فترة العقوبات الاقتصادية في التسعينيات إلى التفكيك من خلال عمل اللجنة الدولية المكلفة أمميا بالتفتيش عن قدرات العراق في إنتاج الأسلحة المحرمة، ثم أتى السلب والنهب والتخريب على ما تبقى من شركات التصنيع العسكري وبنيتها التحتية بعد الحرب التي أسقطت النظام السابق في أبريل/نيسان 2003.

‪عبد الله: الضائقة المالية تجعل العراق مكبل اليدين في التصنيع العسكري‬  (الجزيرة)
‪عبد الله: الضائقة المالية تجعل العراق مكبل اليدين في التصنيع العسكري‬  (الجزيرة)

ضائقة مالية
وربط عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية هوشيار عبد الله إمكانية إعادة تأهيل هيئة التصنيع العسكري المنحلة بالتخصيصات المالية الكبيرة التي تحتاجها شركات التصنيع لإعادة عملها مجددا، مبينا أن الضائقة المالية التي يتعرض لها العراق حاليا تجعله مكبل اليدين في هذا الجانب.

وقال للجزيرة نت إن الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية تحتاج إلى سلاح جديد ومتطور، والعراق ليس باستطاعته إنتاج هذا السلاح والعتاد في الحرب الشرسة التي يخوضها مع تنظيم الدولة الذي يعتمد على أساليب وخطط عسكرية لا يمكن مجابهتها إلا بالسلاح المتطور، خاصة في ما يخص مواجهة العجلات المدرعة المفخخة وغيرها من الأمور.

ورأى أن الحل الوحيد والأمثل في ظل الحرب الحالية والأزمة المالية أن يبقى الاعتماد على التسليح الخارجي والمساعدات الدولية ودعم التحالف الدولي.

وحمّل عبد الله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مسؤولية ضعف المؤسسة العسكرية العراقية لضعف اهتمامه بها سواء كان تسليحيا أو بتعيين القيادات المناسبة في وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى شبهات الفساد في العقود التسليحية مع الدول الأجنبية.

‪ضرغام محمد: العراق بحاجة لعشرات مليارات الدولارات لإعادة تأهيل شركات التصنيع العسكري‬  (الجزيرة)
‪ضرغام محمد: العراق بحاجة لعشرات مليارات الدولارات لإعادة تأهيل شركات التصنيع العسكري‬  (الجزيرة)

الحاجة للتصنيع
من جهتها، طالبت عضوة لجنة الخدمات والإعمار النيابية عوطف نعمة الحكومة بالعمل السريع على إعادة تأهيل هيئة التصنيع العسكري للحاجة الملحة إلى إنتاجها في حسم الحرب مع تنظيم الدولة.

وأكدت -في حديث للجزيرة نت- أن أحد أسباب ضعف العراق عسكريا وسيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة هو عدم تفعيل شركات التصنيع العسكري العراقي بعد عام 2003، متهمة جهات داخلية وخارجية بالتعمد في عدم تأهيل هذه الشركات لأغراض الفساد وإبقاء العراق ضعيفا.

كما حملت وزراء الصناعة الذين تعاقبوا على ترؤس الوزارة بعد عام 2003 بالفشل بإدارة وزارتهم ومصانع التصنيع العسكري ونهب أموالها من خلال الفساد.

أما رئيس مركز الإعلام الاقتصادي ضرغام محمد فتحدث عن حاجة العراق إلى عشرات مليارات الدولارات لإعادة تأهيل شركات التصنيع العسكري، بسبب الدمار والإهمال اللذين أصاباها، بالإضافة إلى الحاجة لأجهزة وماكينات حديثة لتصنيع المقذوفات وباقي الأمور اللوجستية التي تخدم القوات المسلحة العراقية.

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى إمكانية البدء بتأهيل عدة شركات بمبلغ مليار دولار لصناعة العتاد العسكري لرفد القوات المقاتلة ضد تنظيم الدولة، فيما يتم إعادة تأهيل البقية من خلال تخصيص مبالغ لها في موازنة العام المقبل 2016.

المصدر : الجزيرة