قضاء مصر.. بين حماية القانون والتغول عليه

مجلس الدولة
ناشطون يرون أن عدم خضوع القضاء لقانون الحد الأقصى للأجور ينسف فكرة العدالة الاجتماعية (الجزيرة)

رمضان عبد الله-القاهرة

أثارت فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في مجلس الدولة المصري بعدم خضوع رجال القضاء على اختلاف درجاتهم القضائية لقانون الحد الأقصى للأجور جدلا واسعا، واعتبرها آخرون "بدعة فاشلة".

ووفق الفتوى الصادرة عن المجلس الذي يمثل القضاء الإداري في مصر "لا يخضع رجال القضاء لقانون الخدمة المدنية الذي ينطبق على العاملين بالدولة لأن لهم قانونا خاصا ينظم شؤونهم، كما يخضعون لكادر وظيفي".

ويرى نشطاء أن الفتوى تنسف فكرة العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتعمق الفجوة بين الطبقات، كما تزيد الفقراء فقرا والأغنياء غنى.

ويقول عضو جبهة طريق الثورة صفوان محمد للجزيرة نت إن "مصر أصبحت ملكية خاصة يتقاسمها أصحاب المناصب العليا الذين لا يريدون أن يخضعوا للقانون"، وتساءل محمد "أليس رجال القضاء ضمن العاملين في الدولة، فلماذا يتم تمييزهم؟".

فاضل: الفتوى تناقض فكرة العدالة الاجتماعية (الجزيرة)
فاضل: الفتوى تناقض فكرة العدالة الاجتماعية (الجزيرة)

كيل بمكيالين
وأبدى عضو تكتل القوى الثورية محمد عطية تحفظه على "تمتع رجال القضاء والجيش والمخابرات بامتيازات دون غيرهم".

وفي حديث للجزيرة نت أضاف أنه "يجب تطبيق القانون على جميع العاملين في الدولة دون استثناء".

وحتى مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي أبدى بعضهم تحفظا على الفتوى بدعوى مخالفتها الدستور، وفق عضو تنسيقية 30 يونيو محمد فاضل الذي قال إن "الفتوى تناقض فكرة العدالة الاجتماعية".

واستبعد في حديث للجزيرة نت أن يكون السيسي حاول مكافأة القضاة بصمته عن الفتوى وقبولها.

عطية: يجب تطبيق القانون على العاملين في الدولة دون استثناء (الجزيرة)
عطية: يجب تطبيق القانون على العاملين في الدولة دون استثناء (الجزيرة)

إخضاع القضاة
ويرى محللون أن الفتوى تدل على عدم قدرة السيسي على إخضاع رجال القضاء للقانون، وتؤكد إصرارهم على أخذ امتيازات دون غيرهم.

وقال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يسري العزباوي إن الفتوى "تعيد مصر إلى نقطة الصفر، وتعطي انطباعا بأن جهة قضائية ممثلة في مجلس الدولة تحكم لصالح جهة قضائية تكرس حصول من هو في سلك القضاء والنيابة على مزايا، الأمر الذي يجعلها شبهة للقضاء".

وأضاف قائلا للجزيرة نت "كان يمكن لأي جهة قضائية أن تطلب ذلك من الرئيس، لا أن تصدر فتوى من إحدى جهات القضاء".

أحلام الفقراء
ووصف محمود إبراهيم نائب رئيس مركز الاتحادية لدراسات شؤون الرئاسة فكرة الحد الأقصى للأجور بـ"البدعة الفاشلة"، مؤكدا أنها "متاجرة بأحلام الفقراء، ولا بد من إلغائها".

وأضاف للجزيرة نت "السيسي لا شأن له بهذه البدعة، وهو لا يحابي القضاة ولا غيرهم، وكل ما يقال في هذا الإطار ليس إلا مزايدة سياسية من خصومه".

وحسب القانون 47 لسنة 1978 "يخضع كل العاملين في الجهاز الإداري بالدولة للحد الأقصى للأجور".

سليمان: الفتوى لا تخالف القانون ولكنها تطبيق له (الجزيرة)
سليمان: الفتوى لا تخالف القانون ولكنها تطبيق له (الجزيرة)

إلزامية الفتوى
ولم يشر القانون صراحة إلى خضوع الهيئات القضائية، إنما أشار إلى المستشارين في الجهاز الإداري، وأن رجال القضاء يخضعون لقوانين خاصة لتنظيم عملهم، وهو ما أدى إلى اختلاف قانونيين حول إلزام الفتوى للدولة.

ويرى المستشار السابق في محكمة استئناف القاهرة أحمد الخطيب أن الفتوى "تعاملت مع الإطار اللفظي للقانون"، وأشار في حديث للجزيرة نت إلى "عدم دستورية القانون لأنه لا يطبق مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور".

الجيش والمخابرات
ووفق الخطيب، يمكن تعديل القانون ليشمل الهيئات القضائية، لكن تظل الفتوى غير ملزمة للدولة، حسب رأيه.

ويؤكد وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان أن الفتوى "لا تخالف القانون لكنها تطبيق له".

وأضاف للجزيرة نت "لا تسري الفتوى إلا على مستشاري المحكمة الدستورية ومستشاري مجلس الدولة في حال انتدابهم"، و"مرتبات القضاة لا تصل إلى نصف الحد الأقصى".

وأكد أستاذ القانون الدستوري رمضان بطيخ أن الفتوى "لها قوة القانون، ولا يجوز الطعن عليها ما دامت قد صدرت من الجمعية العمومية لقسم التشريع والفتوى بمجلس الدولة".

يذكر أن السيسي أصدر العام الماضي قرارا بقانون يقضي بعدم خضوع الجيش والمخابرات والشركات المساهمة للحد الأعلى للأجور البالغ 42 ألف جنيه (الدولار 7.5 جنيهات تقريبا).

المصدر : الجزيرة