الكيانات الإرهابية.. قانون جديد للقمع بمصر
الجزيرة نت-القاهرة
ويعتبر القانون -الذي صدر الثلاثاء الماضي- الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات -أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي- "كيانات إرهابية" متى مارست أو كان الغرض منها الدعوة بأي وسيلة في داخل البلاد أو خارجها إلى إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر.
ويعتبر كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأي وسيلة كانت ولو بشكل منفرد، أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك "إرهابيا".
تقنين القمع
وبعد صدور القانون سارعت محكمة الاستئناف إلى تشكيل أربع دوائر لنظر طلبات الإدراج التي ستقدمها النيابة العامة، وتختص وفق قانونيين بإصدار قرارات بإدراج أسماء الاشخاص أو الكيانات التي لم يصدر بحقها حكم قضائي على قوائم الإرهاب، وذلك بشكل إداري لا تستمع فيه الدائرة لمرافعة ولا تنظر فيه طلبات للمطلوب إدراجه.
اللافت أن القانون جاء محملا بالعقوبات التي لا يجوز إيقاعها إلا بحكم قضائي، لكن الناشط الحقوقي مدير مركز هشام مبارك للقانون أسامة خليل أوضح للجزيرة نت أن النظام "حاول تقنين القمع بتخويله النيابة العامة إدراج أسماء الكيانات والأشخاص على قوائم الإرهاب من خلال حصولها على قرار من الدوائر القضائية المشكلة لهذا الشأن".
واعتبر خليل أن القانون "يعكس رغبة السلطة في توسيع دائرة الاتهام بالإرهاب لتطال كل من يمشي على أرض مصر، حتى لو كان من غير المصريين".
غير دستوري
ولفت إلى أن مجرد توجيه الحكومة تهمة الإرهاب لأي شخص أو منظمة يكون سببا في إيقاع العقوبات التي نص عليها القانون قبل ثبوت التهمة، وهو أمر غير دستوري، حسب رأيه.
كما أن سحب جواز السفر يقتضي صدور حكم قضائي، وليس اتهاما -حسب خليل- الذي أضاف أن "كل من ينتمي لـجماعة الإخوان المسلمين بات إرهابيا بموجب هذا القانون، لأن الجماعة إرهابية بموجب حكم سابق".
ويتابع خليل "قانون العقوبات المصري به ما يكفي من النصوص التي تواجه الإرهاب، لكن تخصيص قانون على هذا النحو يؤكد أن الجميع باتوا مهددين بهذه التهمة".
أسامة خليل: النظام حاول تقنين القمع بتخويله النيابة العامة إدراج أسماء الكيانات والأشخاص على قوائم الإرهاب من خلال حصولها على قرار من الدوائر القضائية المشكلة لهذا الشأن |
الكيانات السلمية
ووفق الناشط الحقوقي، قد يؤدي الطعن بعدم دستورية هذا القانون لإعادة النظر فيه.
وأصدرت الجماعة الإسلامية بيانا هاجمت فيه القانون الذي قالت إنه "يفتح الباب لتجريم الكيانات السلمية، ولا يحل مشكلة الإرهاب".
وطالبت "بضرورة تقنين عملية مواجهة الإرهاب الحقيقي بشكل صحيح، وبتحديد المعنى الدقيق له، وأن يكون الإدراج بناء على حكم قضائي بات".
تكميم الأفواه
واستنكرت حركة شباب 6 أبريل القانون، وقالت في بيان إنه "قانون ديكتاتوري يحرم المصريين من أشكال التعبير السلمي عن الرأي كافة بدعوى محاربة الإرهاب".
وأشارت إلى أن الهدف الوحيد منه تكميم أفواه المصريين وإخراسهم وتقنين تجميد وتأميم أشكال العمل السياسي السلمي القانوني والشرعي في مصر.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة خالد إسماعيل للجزيرة نت إن النظام الحاكم "يثبت سعيه لقمع أي تحركات معارضة في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، ويقوض كل مظاهر العمل السياسي العلني السلمي ويدفع الكثيرين للعمل السري".
حوار مجتمعي
غير أن هناك من يسعى لإمساك العصا من الوسط بالقول إن القانون مطلوب وإن كانت عليه تحفظات.
وفي هذا الإطار تحدث عضو تنسيقية 30 يونيو محمد فاضل للجزيرة نت وقال "نرفض إصدار أي قانون في جنح الظلام ودون حوار مجتمعي، لأن هذا يمثل إساءة لسلطة التشريع التي يمتلكها السيسي بشكل استثنائي".
ورأى أن وجود مواد يمكن استغلالها لتوسيع مفهوم الإرهاب أمر غير منطقي، لأنه يمكن الدولة من التضييق على القوى السياسية وشل حركتها.
إسقاط الدولة
وتحدث فاضل عن أن ارتفاع وتيرة العنف، وتصاعد محاولات إسقاط الدولة يجعلان القانون ضروريا في هذه المرحلة، حيث طالبت قوى وأحزاب سياسية بإصداره منذ فترة.
بدوره يرى محمود إبراهيم نائب رئيس مركز الاتحادية لدراسات شؤون الرئاسة أن كل الدول لديها قانون مشابه، كما أن وضع قانون خاص بالإرهاب "يغلق الباب أمام انتقاد المحاكم الجنائية، ووصف الأحكام بالمسيسة".
وفي حديث للجزيرة نت قال إبراهيم "أعتقد أن الإرهابيين فقط هم من يخشون القانون، لأن تلفيق تهم الإرهاب ليس سهلا كما يقول البعض".
ولفت إلى أن الفوضى هي التي أدت إلى إصدار مثل هذه القوانين، وتساءل "هل هذا القانون أفضل أم قانون الطوارئ؟".