أوكرانيا.. من احتجاجات الميدان إلى عسكرة المجتمع

أحد الإعلانات التي تحث على الالتزام بالتعبئة في الجيش
أحد الإعلانات التي تحث على الالتزام بالتعبئة في الجيش الأوكراني (الجزيرة)

محمد صفوان جولاق-كييف

بعيدة هي العاصمة كييف عن مناطق المواجهات في جنوب شرق أوكرانيا، لكن الحياة فيها -وفي غيرها من المدن- تذكرك بأن البلاد تخوض حربا مع الانفصاليين، وتستعد لحرب محتملة مع روسيا التي تدعمهم.

حركة الآليات المعدات العسكرية كثيفة داخل المدن وخارجها، والداخل إلى كييف وغيرها يقف على حواجز عسكرية للتفتيش، وكذلك يقف حراس عسكريون وأمنيون حول بعض المنشآت، كالمباني الحكومية والأهلية وكبريات الجسور.

وفي شوارع العاصمة تنتشر إعلانات تحث على التطوع، أو على الالتزام بقرارات التعبئة والالتحاق بمؤسسات الجيش لمواجهة "المعتدي"، في إشارة إلى روسيا التي أعلنها البرلمان الأوكراني "دولة معتدية" قبل أسابيع.

أما في الأسواق فتنتشر حملات رسمية وشعبية تجمع التبرعات للجيش والجنود المشاركين بـ"عمليات مكافحة الإرهاب"، كما أعلنت مجمعات تجارية وبعض شركات الطاقة أن جزءا من أرباحها سيخصص لهذا الغرض أيضا.

دميترو كوليبا: لا نريد أن نخيف أحدا لكن علينا الاستعداد لحرب شاملة(الجزيرة)
دميترو كوليبا: لا نريد أن نخيف أحدا لكن علينا الاستعداد لحرب شاملة(الجزيرة)

استعداد للحرب
أوكرانيا -التي خرجت من أزمة سياسية كانت الاحتجاجات مشهدها في ميدان الاستقلال وسط العاصمة- تستعد اليوم لحرب هي حديث المسؤولين والعامة على حد سواء.

المركز الإعلامي للأزمة التابع لوزارات الخارجية والداخلية والدفاع نشر معلومات تفيد بأن أوكرانيا رفعت عدد موظفيها في القطاع العسكري من 232 موظفا إلى 250 ألفا، ووجهت نداء الالتحاق بالجيش عاجلا إلى 45 ألفا من الجدد والاحتياط.

ورغم تردي الأوضاع الاقتصادية زادت أوكرانيا حجم إنفاقها على الأمن والدفاع بواقع الضعف، ليصبح الرقم 4.7 مليارات دولار، وزادت حجم الإنفاق على كوادرها العسكرية إلى نصف مليار دولار، أي بنحو ستة أضعاف ما كان عليه قبل بداية الأزمة، خاصة على قوات "الحرس الوطني" التي شكلت قبل أشهر.

في حديث مع الجزيرة نت قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية دميترو كوليبا "لا نريد أن نخيف أحدا، ولكن علينا الاستعداد لحرب شاملة".

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم "عمليات مكافحة الإرهاب" فلاديسلاف سيليزنيوف للجزيرة نت "نلتزم باتفاق مينسك، ولكننا لا نثق بروسيا ومن تدعمهم، فقواتنا لا تزال تستهدف مرارا، ولا تزال قوات المسلحين تهاجم محاولة التوسع جنوبا وشرقا، علينا أن نستعد للأسوأ دفاعا عن أوكرانيا".

آنّا:
سافر ابني ليختبئ في مكان لا يعرفه فيه أحد، قد أكون مخطئة بحق وطني، ولكني لا أستطيع أن أضحي به

جدل الخدمة
غير أن "عسكرة المجتمع" تثير جدلا واسعا في أوكرانيا، فالكثير من الأهالي يرفضون التحاق أبنائهم بالجيش في هذه الظروف، وينهمكون بالبحث عن مخارج لا تعرفها الدولة.

تحدثنا مع بعض المارة في أحد شوارع العاصمة، ومنهم آنّا التي قالت "سافر ابني ليختبئ في مكان لا يعرفه فيه أحد، قد أكون مخطئة بحق وطني، ولكني لا أستطيع أن أضحي به".

وقالت لودميلا "التحق عمي بالجيش مؤخرا، وهو ضابط سابق فيه، قيل له إن عليه الالتحاق سريعا وإلا فسيسجن ثلاث سنوات فالتحق مكرها".

وفرضت السلطات قيودا على مغادرة البلاد بالنسبة للمطلوبين إلى الخدمة بالجيش، لكن الناطق سيليزنيوف قال للجزيرة نت "الأوكرانيون أمة مسالمة تحب وطنها، وقوات "الحرس الوطني" التي تزيد على ثلاثين ألفا هي أصلا من المتطوعين للدفاع عنه".

وأضاف "لكن الحرب تفرض أن يكون الجميع مؤهلين، وهذا لا يعني بالضرورة أن يحاربوا".

المصدر : الجزيرة