مسلمو بريطانيا يبحثون تداعيات هجمات باريس

حلقة نقاش وتفكير تستضيف قيادات في الجالية المسلمة ببريطانيا للحديث عن التداعيات المحتملة لهجمات باريس على المسلمين
حلقة نقاش لقيادات الجالية المسلمة ببريطانيا حول التداعيات المحتملة لهجمات باريس على المسلمين (الجزيرة)

محمد أمين-لندن

باتت هجمات باريس وتداعياتها على الجالية المسلمة في أوروبا مثار قلق حقيقي لقرابة 45 مليون مسلم في القارة الأوروبية.

قيادات للجالية المسلمة في بريطانيا ومفكرون وناشطون اشتركوا في ندوة معمقة للتداول والبحث في تداعيات هذه التفجيرات غير المسبوقة، ورأوا فيها انعكاسا لتنامي ظاهرة الفكر المتطرف، في وقت حذر آخرون من أن تفضي هذه الظاهرة لتغيير كبير على مستوى سياسات الاتحاد الأوروبي، خصوصا ما قد تفرضه دوله من تشديدات أمنية جديدة على مسلميها.

وفي الوقت الذي أجمع فيه المتحدثون على إدانة فكر وممارسات تنظيم الدولة الإسلامية، ووصفوه بالفكر "المتنطع والشاذ المنحرف"، رأى البعض أن بعض ممارسات الغرب تغذي هذا الفكر وتعطيه أرضية للانتشار.

ففي الندوة التي نظمها المنتدى الفلسطيني ببريطانيا أمس الجمعة، تدارس المشاركون سبل تعامل المسلمين مع هذه الظاهرة، وطالب بعضهم بإطلاق حملات إعلامية مضادة ضد الحملات التي يمارسها الإعلام اليميني، لكنهم أقروا بعدم وجود إعلام للجالية المسلمة يرد بقوة على هذه الحملات باللغة الإنجليزية، إضافة لغياب المرجعيات الموحدة.

المشاركون شددوا كذلك على ضرورة الاندماج الكامل للمسلمين وعدم الشعور بعقدة الذنب، واعتبروا أن خلفيات من ينضم للتنظيمات المتطرفة ليست بالضرورة إسلامية، بل كثير منهم جاء من حواضن لا علاقة لها بالدين، وكثير منهم كانت سيرهم الذاتية منحرفة تماما، وبعضهم محكوم بقضايا جنائية وربما جمعتهم النقمة أو الحقد أو المغامرة.

جانب من حلقة نقاش في ندوة قادة الجالية المسلمة ببريطانيا (الجزيرة)
جانب من حلقة نقاش في ندوة قادة الجالية المسلمة ببريطانيا (الجزيرة)

فكر منحرف
وقال رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الحضارات الدكتور أنس التكريتي إن فكر تنظيم الدولة "منحرف وشاذ"، لكنه رأى في حديث للجزيرة نت أن الحكومات والأنظمة الاستبدادية العربية هي أحد الأسباب الرئيسية التي غذت هذا الفكر وأعطته مساحة عبر قمعها الخيارات الديمقراطية.  

وربط التكريتي بين الانقلاب الذي جرى في مصر ووأد التحول الديمقراطي هناك، وبين صعود التيارات المتطرفة والعنيفة، مشيرا إلى أن صوت تنظيم القاعدة وغيره خفت تماما إبان الربيع العربي، ولو لم يُقمع ذلك الحراك السلمي لكانت هذه التنظيمات انتهت، وفق رأيه.

من جهته أكد الباحث محمد العربي زيتوت على رفض ربط الفكر المتطرف بالإسلام، معتبرا أن العقليات المتطرفة موجودة في كل زمان ومكان.

ولفت زيتوت إلى أن كثيرا من الممارسات التي كانت تنسب للتنظيمات الجهادية في الجزائر في التسعينيات على سبيل المثال هي في الحقيقة صناعة مخابراتية من العسكر، ودعا للنظر في الظروف القمعية التي تؤدي لولادة مثل هذا الفكر كوصفة مثلى للتصدي له.

وفي سياق فوضى الفتاوى، رأى الخبير في الجماعات الإسلامية والباحث عبد الله أنس أن أجندة القاعدة وتنظيم الدولة ليست أجندة "رفع الظلم" ولا تعبّر عن مصالح المسلمين، داعيا لإيجاد مرجعيات فقهية في أوروبا تفتي لمسلميها وعدم أخذ الفتاوى ممن لا يعرف واقع مسلمي أوروبا.

وتوزع المشاركون إلى مجموعات عمل مصغرة، طرحت رؤى وحلولا مختلفة للمستقبل، منها ضرورة الاستثمار في قيادات وعلماء ليكونوا لسانا ناطقا باسم الجالية، يتحدثون اللغات الأوروبية ويفتون للمسلمين، ويشاركون في وسائل الإعلام الأجنبية المختلفة.

ولفت الأكاديمي الفلسطيني أديب زيادة -الذي أدار الندوة- إلى أن الإستراتيجية الأمنية الجديدة للدول الأوروبية ستركز على البيئة الحاضنة بالدرجة الأولى، معتبرا أن هذا يعني التشديد على المسلمين، في حين رأى القيادي الإسلامي زهير سالم أن تقاعس الغرب عما يجري في سوريا وترك النظام هناك يقتل مئات الآلاف ويهجر الملايين هو أمر ضرب مصداقيته وغذى التطرف، مشددا في الوقت ذاته على أن خلفيات من ينضمون لتنظيم الدولة وحواضنه المختلفة وكثير منهم لم يكونوا متدينين بل العكس تماما.

وحول إستراتيجية الغرب في مكافحة تنظيم الدولة وجدواها، شكك الباحث الفلسطيني إبراهيم حمامي في عزم الغرب القضاء على التنظيم، معتبرا أنه معني بإبقاء ظاهرة "الرعب" والإفادة منها، ومنتقدا حديث وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أن القضاء على التنظيم يتطلب 30 عاما.

المصدر : الجزيرة