الحكومة التونسية تتجاهل بيان أنصار الشريعة وتتوعده

الحكومة التونسية تصعد من إجراءاتها لمحاربة تنظيم أنصار الشريعة
الحكومة التونسية تصعد من إجراءاتها لمحاربة تنظيم أنصار الشريعة (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

نأت الحكومة التونسية بنفسها عن التعقيب على بيان نُسب إلى تنظيم أنصار الشريعة المحظور، يعرض تحقيق ما وصفه بالصلح مع قوات الجيش والأمن التونسيين، وأكدت أنها ماضية قدما في الحرب على المسلحين الموصوفين بالتشدّد دون هوادة.

وأطل تنظيم أنصار الشريعة خلال عيد الفطر ليعلن في بيان منسوب إليه تبنّيَه كل الاعتداءات المسلحة ضد قوات الأمن والجيش في مناطق حدودية محاذية للجزائر، وقد لوّح بالمزيد ثأرا لعناصره التي قتلتها واعتقلتها القوات التونسية.

لكن الجديد أن التنظيم الذي حظرت الحكومة التونسية أنشطته في أغسطس/آب 2013 متعللة بتورطه في اغتيال معارضين يساريين وقتل جنود وأمنيين، عرض لأول مرة على السلطة خيار ما وصفه بالصلح أو مزيد التصعيد.

وفي تعقيب على البيان، يقول الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي للجزيرة نت إن "الدولة التونسية لا ترد على التنظيمات الإرهابية"، مؤكدا أن تونس ستزيد من تضييق الخناق على الجماعات المسلحة والعناصر المرتبطة بها.

ويضيف العروي أن قوات الأمن حققت نجاحات كبيرة في الفترة الماضية وأحبطت عددا من العمليات الإرهابية ضد بعض المؤسسات الحساسة وضد قوات الأمن، مؤكدا أنها "ألقت القبض على مئات الإرهابيين وأحالت العشرات منهم على القضاء".

أحد أفراد الحرس الوطني التونسييراقب الحدود مع الجزائر(الجزيرة)
أحد أفراد الحرس الوطني التونسييراقب الحدود مع الجزائر(الجزيرة)

إجراءات صارمة
وكانت خلية الأزمة المكلفة بالوضع الأمني التي يرأسها رئيس الحكومة مهدي جمعة كشفت أمس عن اعتقال 221 شخصا متورطا في جرائم إرهابية، وإيقاف 53 شخصا بتهمة الاحتفاء بمقتل عسكريين في منطقة جبل الشعانبي (جنوب شرق).

وفي 17 يوليو/تموز الماضي نفذت كتيبة عقبة بن نافع التي تتبع تنظيم أنصار الشريعة هجوما على نقطتين عسكريتين في جبل الشعانبي، مما أدى إلى مقتل 15 جنديا، وهو هجوم أكدت السلطات أن عددا ممن تصفهم بالمتشددين احتفوا به.

وتبعا لذلك اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات الصارمة، بينها إغلاق المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة وإغلاق وسيلتي إعلام وتجميد نشاط جمعيات خيرية اتهمت بالتحريض على الإرهاب وتمويله، هذا فضلا عن تكثيف عمليات مراقبة الحدود وشن حملة اعتقالات.

ومن بين المعتقلين التي أعلنت وزارة الداخلية إيقافهم، الناطق باسم التنظيم سيف الدين الرايس، والقياديان في التنظيم عفيف العموري وسامح الشتالي، إضافة إلى أشخاص متهمين بنقل أغذية وشرائح هواتف للمسلحين في الجبال.

وحول قدرة تنظيم أنصار الشريعة على توجيه ضربات جديدة موجعة للقوات التونسية، يقول محمد علي العروي للجزيرة نت إن "الدولة جاهزة لكل الاحتمالات"، مشيرا إلى أنه "لا توجد أي دولة في العالم بمنأى عن الهجمات الإرهابية الغادرة".

ورغم بعض الخسائر في الأرواح، يؤكد العروي أن القوات التونسية مسيطرة على الوضع الأمني في كامل البلاد، مضيفا أنه لا يمكن لمجموعات صغيرة ومعزولة أن تخترق المجتمع التونسي المتجانس الذي ينبذ التطرف، حسب تعبيره.

مختار بن نصر: التنظيم في موقع الضعف بعد قصف مواقعه بالجبال(الجزيرة نت)
مختار بن نصر: التنظيم في موقع الضعف بعد قصف مواقعه بالجبال(الجزيرة نت)

خارج دائرة الحوار
ومن وجهة نظر العميد العسكري المتقاعد مختار بن نصر فإن الاعتداءات التي يشنها تنظيم أنصار الشريعة في تونس من حين لآخر "لا يعني أنه بسط سيطرته"، مؤكدا أن التنظيم في موقع ضعف نتيجة قصف مواقع المسلحين في الجبال وتفكيك خلاياه في المدن.

وحول تعقيبه على البيان المنسوب للتنظيم، يقول بن نصر للجزيرة نت إن "هذا البلاغ لا يرقى حتى إلى الرد عليه"، موضحا أن التنظيم اكتسب زخما معنويا بعد مقتل 15 جنديا ويريد أن يظهر نفسه كجهة فاعلة وقادرة على التفاوض مع الدولة "ندا لند".

ويقول إن التنظيم يسعى من خلال ما عرضه في البيان إلى إطلاق سراح أتباعه المعتقلين، مؤكدا أن هذا لا معنى له لأنه تنظيم يحمل السلاح في وجه الدولة ويستهدف تغيير نمط عيش المجتمع، وفق تعبيره.

من جهته يقول الناطق باسم حركة النهضة زياد العذاري إنه من غير المعقول أن تتفاوض الدولة مع تنظيم حمل السلاح في وجهها وتورط في أعمال إرهابية، مؤكدا أنه "من حق الحكومة أن تتخذ كل الإجراءات في إطار القانون لتأمين استقرار البلاد".

ويقول القيادي بائتلاف الجبهة الشعبية المعارض منجي الرحوي إن بيان أنصار الشريعة يندرج ضمن حرب نفسية على الدولة والمجتمع التونسي، معتبرا أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة "في الاتجاه الصحيح لاجتثاث الإرهاب".

المصدر : الجزيرة