أبو ظبي والدوحة.. صراع داخلي وجوهره خارجي

تصميم إعتقال وتعذيب 3 قطريين بأبو ظبي

سيد أحمد الخضر-الدوحة

من الاستهداف المتعمّد إلى شق الصف وزعزعة الاستقرار، تتنوع التهم المتبادلة بين الدوحة وأبو ظبي لتغذي صراعا يتفق الجانبان على وجوده ويختلفان بشأن أسبابه، وفق ما تعكسه تصريحات الرسميين.

ويبدو أنه بات من الصعب التحكم في خلاف العاصمتين الخليجيتين، إذ أخذ منحى تصاعديا منذ فترة وتضاءلت مساحات التهدئة أمام مفردات التحامل والتجسس والتخوين.

ومهما كانت أسباب الخلاف، فإنه غادر أروقة المؤتمرات إلى زنازين السجون وصفحات الجرائد، وبات جليا أن سوء التفاهم تجاوز القنوات الرسمية وصار موضوعا ساخنا يشغل الرأي العام في الجانبين خاصة بعد اعتقال سلطات أبو ظبي للمواطنيْن القطرييْن حمد علي الحمادي ويوسف عبد الصمد الملا.

فقبل أيام نشرت صحيفة العرب القطرية خبرا على صفحتها الأولى يقول إن السلطات في أبو ظبي اعتقلت ثلاثة قطريين بطريقة غير إنسانية وعذبتهم بعد اقتيادهم إلى السجن.

الجيدة: أخي حضر إحدى جلسات محاكمة الوالد فاحتجزته السلطات الإماراتية وعذبته

في الجانب الآخر، كان الرد أن نشرت جريدة الخليج الإماراتية خبرا يقول إن أبو ظبي تعتقل عناصر استخباراتية تعمل على أرض الإمارات، وما يزال التحقيق معها مستمرا.

تعذيب وسجن
بيد أن الجديد في هذه القضية هو طبيعة التهمة فقط، إذ سبق أن اعتقلت السلطات الإماراتية الطبيب القطري الدكتور محمود الجيدة أثناء عبوره من دبي إلى الدوحة قادما من تايلاند أواخر فبراير/شباط 2013.

والجيدة -الذي أكدت منظمة العفو الدولية تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة- حكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة تقديم الدعم المعنوي والمادي لجمعية كانت الإمارات حظرتها بسبب تبنيها فكر جماعة الإخوان المسلمين.

العفو الدولية -التي طالبت السلطات بإلغاء الحكم الصادر بحق الجيدة- تحدثت أيضا عما سمتها محاكمات واهية ضد مواطنين إماراتيين متهمين بالانتماء للإخوان المسلمين.

حسن محمود الجيدة روى أيضا قصة التعذيب هذه، وأكد للجزيرة نت أن نساء العائلة فقط هن اللائي يمكنهن زيارة والده، بينما أبناؤه باتوا يخشون الاعتقال بعد أن احتجزت السلطات الإماراتية أحدهم وعذبته عقب حضوره إحدى جلسات المحاكمة، على حد قوله.

تغريدة علي بن تميم حول محورية مصر في خلاف الدوحة والعواصم الخليجية (الجزيرة)
تغريدة علي بن تميم حول محورية مصر في خلاف الدوحة والعواصم الخليجية (الجزيرة)

ومن خلال تتبع كتابات مقربين من السلطات في الجانبين، تبدو الاعتقالات وتهم زعزعة الاستقرار وشق الصف الخليجي ليست سوى عرض لخلاف جوهري حول ما يعتمل في المنطقة من ثورات واضطرابات.

مواقف متباينة
فبينما يشيد كتاب قطريون بدعم الدوحة للتغيير وخيارات الشعوب العربية، تسهب الأقلام الإماراتية في تقدير موقف أبو ظبي الرافض "لتطرف الإخوان المسلمين وزعزعة الاستقرار".

موقع 24  الإماراتي الذي يرأس تحريره الدكتور علي بن تميم نشر في وقت سابق خبرا يقول إن الدوحة تحتضن مكتباً يشرف على حسابات مصرفية في سويسرا، لتمويل ما سماها الشبكات الجهادية والمرتزقة الأجانب في سوريا.

وبن تميم -الذي ينتقد بحدة دعم قطر الثورات في العالم العربي- أكد في حسابه على تويتر أن الوضع في مصر هو أصل الخلاف بين الدوحة وعواصم الخليج.

وفي 18 مارس/آذار الماضي، رأى الكاتب بجريدة الاتحاد الإماراتية محمد الحمادي أن قطر أساءت لدول الخليج وفضلت السير في عكس الاتجاه الخليجي والاستمتاع بإثارة القلق بين الآخرين.

العذبة: أبو ظبي نقمت على الدوحة لدعمها توق الشعوب العربية للتغيير (الجزيرة)
العذبة: أبو ظبي نقمت على الدوحة لدعمها توق الشعوب العربية للتغيير (الجزيرة)

مدير تحرير صحيفة العرب القطرية عبد الله بن حمد العذبة برز هو الآخر في معركة التصعيد الإعلامي بين الجانبين، وكتب العديد من المقالات حول ما يسميه استهداف سلطات أبو ظبي لبلده.

وفي حديث للجزيرة نت، استبعد العذبة أن يكون الشأن الخليجي يقف خلف توتر العلاقات بين الجانبين، إذ أكد أن أبو ظبي نقمت على الدوحة بعد أن دعمت الأخيرة توق الشعوب العربية للتغيير.

ومثل بن تميم، يرى العذبة أن الشأن المصري بالذات مثّل محطة بارزة في تدهور علاقات الجانبين بعد عزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي.

صراع بالخارج
وللتدليل على وجاهة رأيه، يلفت العذبة إلى التشابه بين طبيعة الحكم في أبو ظبي والدوحة، مما يستبعد سعي الأخيرة للإضرار بنظام الأولى، ويؤكد أن محور الخلاف خارج فضاء الخليج.

أما عن مستقبل الأزمة بين البلدين، فيرى العذبة أنه ما تزال هناك إمكانية لتفادي الأسوأ عبر الحوار واستحضار أهمية الروابط الاجتماعية والعلاقات الاقتصادية، مشيرا إلى أن أبو ظبي تعتمد على الغاز القطري بنسبة كبيرة.

كذلك يرى الكاتب الإماراتي حمد الشامسي أن تباين الرؤى حول تقدير مآلات الربيع العربي هو ما باعد بين الدوحة وأبو ظبي وخصوصا بعد وصول الإسلامين للحكم في أكثر من بلد عربي.

ووفق الشامسي، فإن الدوحة تعتقد أن دعم إرادة الشعوب العربية أحد عوامل استقرار المنطقة، بينما ترى أبو ظبي أن الثورات تهدد مستقبل أنظمة الخليج.

المصدر : الجزيرة