عبد الفتاح السيسي خامس رئيس عسكري لمصر

السيسي يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لمصر
السيسي يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لمصر (الجزيرة)

بأدائه اليمين الدستورية يوم الأحد 8 يونيو/حزيران 2014 أصبح عبد الفتاح السيسي ثامن رئيس لمصر منذ ثورة 23 يوليو/تموز 1952 التي أنهت النظام الملكي في مصر قبل أكثر من ستين عاما.

وباستثناء الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي انقلب عليه السيسي فإن جميع الرؤساء الذين تناوبوا على حكم مصر كانوا عسكريين بدءا من محمد نجيب، ثم جمال عبد الناصر، وأنور السادات وصولا إلى حسني مبارك، والسيسي، مع الإشارة إلى شخصيتين مدنيتين تقلدتا المنصب بصورة انتقالية مؤقتة هما صوفي أبو طالب بعد اغتيال السادات، وعدلي منصور بعد عزل مرسي.

وينفرد السيسي بين نظرائه من الرؤساء العسكريين الذين سبقوه إلى تولي المنصب بأنه الوحيد الذي لم يخض حربا طول مسيرته العسكرية بحكم سنه، كما ينفرد بأنه الوحيد الذي تقلد المنصب في حياة ثلاثة ممن شغلوه من قبل وهم المخلوع مبارك، والمعزول مرسي -والاثنان في السجن مع الفارق- والمؤقت عدلي منصور، كما ينفرد بأنه أول وزير دفاع في مصر يؤدي القسم وزيرا أمام رئيس ثم ينقلب عليه لاحقا.

‪السيسي لدى أدائه القسم أمام مرسي في 12 أغسطس/آب 2012 وزيرا للدفاع‬ (رويترز)
‪السيسي لدى أدائه القسم أمام مرسي في 12 أغسطس/آب 2012 وزيرا للدفاع‬ (رويترز)

صعود
يدين السيسي للرئيس محمد مرسي الذي انقلب عليه بأنه الذي رقاه إلى رتبة فريق أول، في 12 أغسطس/آب 2012 وعينه قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربي خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي الذي أحاله مرسي للتقاعد.

ولد السيسي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، تخرج في الكلية الحربية عام 1977، ثم نال الماجستير من كلية القادة والأركان عام 1987، والماجستير من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 في التخصص نفسه، كما حصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية عام 2003 وزمالة من كلية الحرب العليا الأميركية عام 2006.

شغل مناصب عدة في المؤسسة العسكرية، من رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع إلى قائد كتيبة مشاة ميكانيكي، وملحق عسكري بالسعودية وقائد لواء مشاة ميكانيكي، ورئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وقائد المنطقة الشمالية العسكرية، وقائد سلاح المظلات بالجيش، ثم رئيس أركان إدارة المخابرات الحربية، ثم نائب مدير المخابرات الحربية، فمدير المخابرات الحربية.

عمل في المؤسسة العسكرية تحت قيادة مبارك، وكان الأصغر سنا بين أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة في مصر بعد تنحي مبارك إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011.

وفي 30 يونيو/حزيران 2013، نظمت قوى سياسية مظاهرات في الميادين للمطالبة برحيل مرسي. وفي الأول من يوليو/تموز أعطت القوات المسلحة مهلة 48 ساعة لمؤسسة الرئاسة والقوى الوطنية للتوافق والتشاور للخروج من الأزمة، وفي الثالث من يوليو/تموز 2013 أعلن السيسي عزل مرسي وعلق العمل بالدستور وكلف رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور برئاسة البلاد مؤقتا.

خرجت المظاهرات الحاشدة رافضة للانقلاب ومؤيدة لشرعية مرسي وداعمة لاعتصام أنصاره في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة، فرد عليها السيسي بالخروج يوم 26 يوليو/تموز ليطالب الشعب بتفويضه من أجل "محاربة العنف والإرهاب المحتمل"، لتبدأ من بعدها حملة عنيفة شملت قتل المئات وإصابة واعتقال الآلاف من أنصار مرسي.

وشنت السلطات تحت قيادته حملة قمع دامية ضد أنصار مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها أسفرت عن مقتل 1400 شخص وفق المنظمات الدولية وتوقيف 15 ألفا آخرين تتم إحالتهم تباعا على المحاكمة باتهامات تتعلق بارتكاب أعمال عنف والتحريض عليها والانتماء إلى جماعة غير مشروعة هي جماعة الإخوان التي تم حظرها رسميا.

السيسي لدى استقباله جون كيري في القاهرة في 3 مارس/آذار 2013 (رويترز)
السيسي لدى استقباله جون كيري في القاهرة في 3 مارس/آذار 2013 (رويترز)

تردد غربي
وبعدما أبدت الدول الغربية ترددا في وصف إطاحة مرسي بـ"الانقلاب" ثم صرفت النظر عن ذلك رغم إدانتها القمع الدامي، انتهت على ما يبدو إلى إقرار بسيطرة فعلية للسيسي على السلطة وبضرورة إقامة علاقات قوية مع أكبر الدول العربية سكانا خصوصا وأن لمصر أهمية إستراتيجية في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية كما أنها حليف أساسي للغرب في محاربة "الإرهاب".

وعقب إقرار الدستور -الذي أعدته لجنة الخمسين في يناير/كانون الثاني 2014- رقى عدلي منصور -الرئيس المؤقت- السيسي إلى رتبة مشير، ثم أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (في بيان رسمي ترشيحه للرئاسة في إطار احترام وإجلال لرغبة الجماهير العريضة من شعب مصر العظيم). وفي 26 مارس/آذار 2014 أعلن السيسي في خطاب بثه التلفزيون الحكومي خوض انتخابات الرئاسة المصرية التي أجريت أيام 26، و27 و28 مايو/أيار 2014.

بدون برنامج أو منافس حقيقي خاض السيسي تلك الانتخابات التي رأت فيها قوى سياسة معارضة "شرعنة للانقلاب" وأنها تفتقد للمصداقية بعد تدني نسبة المشاركة وارتفاع نسبة المقاطعين بشكل لافت، وعلى الرغم من ذلك أعلن فوز السيسي رئيسا لمصر بـ96.9% من الأصوات بعد تمديد الانتخابات يوما إضافيا لتدارك ضعف الإقبال. 

ولم تهنئ الإدارة الأميركية وعواصم الاتحاد الأوروبي السيسي إلا بعد يوم أو يومين من إعلان النتائج مع التشديد -كما فعل البيت الأبيض- على ضرورة احترام حقوق الإنسان، وفي حفل التنصيب الأحد تمثلت الولايات المتحدة بمستشار لوزير الخارجية جون كيري هو توماس شانون فيما قد يكون دلالة على الحرج الأميركي. وأكدت واشنطن أنها "تريد أن تعمل مع الرئيس المنتخب" لكنها "ستراقب عملية الانتقال الديمقراطي" في مصر.

المصدر : الجزيرة + وكالات