حدائق حلب تتحول إلى مقابر لضحاياها

دفن أحد الشهداء في حديقة صلاح الدين
سكان حي صلاح الدين يدفنون أحد الشهداء بحديقة الحي

الجزيرة نت-خاص

تحولت حديقة صلاح الدين بمدينة حلب السورية من ملاعب للصغار ومتنفس لأهل الحي إلى مقبرة للشهداء بعدما طالها قصف النظام وبراميله المتفجرة.

وضم ثراها شبابا لعبوا فيها صغارا قبل دفنهم فيها كضحايا للقصف الذي أغلق طرقات كانت تقود إلى مقابر عائلاتهم بمناطق أخرى.

وتعتبر حديقة صلاح الدين واحدة من أجمل حدائق حلب، المعروفة بخضرتها وأشجارها الوارفة والمقصودة لطلب الراحة والاستجمام من كل أحياء المدينة.

أبو عبدو -ستيني- يشير إلى انتقاله مع بداية الثورة السورية للسكن بحي صلاح الدين. ويقول "كنت أحضر أسرتي إلى هذه الحديقة للتنزه والالتقاء بآخرين من أحياء مختلفة لقضاء فسحة خضراء مع الجميع".

ويستهدف النظام السوري حي صلاح الدين بقصف متواصل "لكونه من أوائل أحياء مدينة حلب التي ثارت وطالبت بإسقاطه".

إغلاق طرقات
كما تفرض قوات النظام حصارا على الحي وتغلق طرقاته، ما يجبر سكانه على دفن جثث الضحايا الذين يسقطون جراء الاشتباكات والقصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ العنقودية في حديقة الحي المعروفة باسمه.

وتؤكد المعلمة أم محمد تردد سكان الحي كثيرا في تحويل الحديقة إلى مقبرة. وتلفت إلى أن قرار دفن الشهداء في الحديقة كان صعبا "لأن ذلك يعني أن السكان لن يجدوا متنفسا يقصدونه عندما تستقر الأوضاع".

وتكشف للجزيرة نت دفن بعض السكان للشهداء في ساحات منازلهم، مؤكدة أن ارتفاع أعداد الشهداء مع مرور الوقت "أرغمهم على قبول أصعب الخيارات بدفن الجثث بالحديقة".

ويؤكد سكان الحي أنه لا يمر يوم واحد دون سقوط ضحية أو أكثر، معتبرين أن ارتفاع عدد الضحايا سيجعل الحديقة تضيق بقبور أهلها.

وباتت الحديقة اليوم فضاء للحزن بعدما ظل يتردد في جنباتها صراخ الثكالى وزفرات أمهات الشهداء وذويهم.

ويختزن سكان الحي الكثير من الذكريات الجميلة عن حديقتهم، يروونها فيما بينهم، حيث كانوا كثيرا ما يقيمون فيها أعراسهم وأفراحهم، ولا سيما في فصل الصيف.

حديقة صلاح الدين تتحول إلى مقبرةلأهل الحي الجزيرة)
حديقة صلاح الدين تتحول إلى مقبرةلأهل الحي الجزيرة)

قصف لا يتوقف
وضاعف من حزن سكان حي صلاح الدين اقتراب حلول صيف هذا العام، وهم يعيشون تحت ظل قصف لا يتوقف دون إيجاد ملجأ آمن يلوذون به.

حفار القبور -الحانوتي- عبود أبو وليد يقول إنه لم يكن يتخيل يوما أن يدفن ابنه في ذات المكان الذي أقام عرسه فيه بعدما سقط برصاصة أحد قناصة النظام على المدخل الجنوبي للحي.

وروى للجزيرة نت أنه في ذات الفسحة من الحديقة اجتمع "أقاربنا وأصدقاء وليد قبل أربعة أعوام ليحتفلوا بزفافه"، مضيفا "ويجتمع الآن من تبقى منهم على قيد الحياة لتأبينه".

ويقول أحد أفراد عناصر الجيش الحر -رفض الكشف عن اسمه- إن حي صلاح الدين أصبح يشابه حال الأحياء الأخرى في حلب، مشيرا إلى عزم الجميع على تغيير الواقع الحالي.

ويزيد في تعليقه للجزيرة نت أنه من الطبيعي أن يحولوا حدائقنا إلى مدافن "لكنهم لن يستطيعوا دفن إرادة الحرية في صدورنا".

المصدر : الجزيرة