خيارات محدودة لأميركا بالأزمة الأوكرانية
أما التهديدات العسكرية الأميركية فلا تحمل أي معنى لأن نسبة تنفيذها -من وجهة نظر اندلمان- ضئيلة للغاية، مدللاً على ذلك بالتهديدات الأميركية لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيميائية ثم التراجع عن تلك الخطوة.
وتوقع اندلمان أن تكرر واشنطن موقفها السلبي تجاه محاولة روسيا ضم شبه جزيرة القرم، مثلما فعلت أثناء الحرب الروسية الجورجية عام 2008.
خيارات واشنطن
بالمقابل، يرى أستاذ الشؤون الدولية في جامعة بيتسبرغ، مايكل برينر أن خيارات واشنطن في أوكرانيا تظل محدودة جداً.
وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن الخيارات الأميركية لا يمكنها إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتخلي عن مساعيه للسيطرة على جزيرة القرم، مؤكداً أن "مصير الجزيرة بات واضحاً فهو إما جمهورية ذات حكم ذاتي أو إقليم روسي".
وانتقد برينر سياسة واشنطن وحلفائها الأوروبيين تجاه أوكرانيا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي أوائل تسعينيات القرن الماضي، واعتبر ما يجري الآن نتيجة طبيعية لتلك السياسة التي قال إنها "اعتمدت على ضبط التوجه السياسي لأوكرانيا من خلال التحركات لضمها للاتحاد الأوروبي أو جعلها عضوا في حلف شمال الأطلسي دون الاعتراف بالمصلحة الروسية فيها قبل أن تتمكن موسكو من قلب الطاولة على الجميع.
ولفت إلى أن الاعتقاد الشائع الذي كان في واشنطن يقول إن "موجة من التاريخ ستقود إلى اندماج أوكرانيا في المؤسسات الغربية بينما القيادة الروسية لن تعمل شيئاً لمنع حدوث ذلك".
ويرى مايكل برينر -وهو باحث أميركي مرموق يعمل بمراكز بحثية عدة من بينها مركز الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هابكنز- أن التدخل العسكري الأميركي في أوكرانيا ليس مطروحا وخارج السياق تماماً.
بينما يرى أن العقوبات الاقتصادية التي ستتخذها أميركا وحلفاؤها الأوروبيون لن تكون فعالة لأسباب منها اعتماد أوروبا الغربية على الطاقة الروسية وحصة استثماراتها في روسيا فضلاً عن غياب الإرادة السياسية في برلين وباريس ولندن.
خطط الطوارئ
وبهذا فإن خطوات واشنطن للضغط على موسكو من جانب واحد لن يكون له من أثر سوى إثارة غضب بوتين -بحسب برينر- الذي أضاف أيضا أن "إدارة أوباما في الحقيقة لا تعرف ماذا تفعل تجاه الأزمة الأوكرانية، ومن الواضح أنها ليست على استعداد للتعامل بشكل حاسم مع التحركات الروسية ولا تملك خططاً للطوارئ".
وواصل برينر انتقاده القيادة الأميركية، وقال "بينما تندد بتوغل روسيا في القرم باعتبار ذلك انتهاكاً للقانون الدولي وعملاً واضحاً من أعمال العدوان تغفل عن الآثار الناتجة عن تصرفاتها المارقة كغزوها للعراق من دون سند قانوني أو سبب مقنع" مؤكداً أن "احتلال أميركا للعراق من دون وجود أدنى المقومات الشرعية وضع سابقة للآخرين".
وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري قد حذر نظيره الروسي سيرغي لافروف السبت الماضي من أن استمرار تصعيد الوضع في أوكرانيا "يغلق الباب أمام الدبلوماسية".
إلا أن الباحث الأميركي قلل من شأن هذه التصريحات، وقال إن كيري يتحدث أحيانا بشكل متهور من دون أن يفكر في ما ستنطوي عليه تصريحاته من عواقب. وأضاف "يبدو أنه كان يريد أن يظهر فكرة أن الولايات المتحدة لن تناقش أي تسوية سياسية إذا ما أعلن الكرملين ضم القرم كأمر واقع".