داريا جائعة بعدما كانت تطعم الآخرين

يأكل الحشائش المطبوخة
طفل لا يجد ما يأكله إلا الحشائش المطبوخة (الجزيرة)
undefined
  

الجزيرة نت-داريا

تعاني مدينة داريا بريف دمشق منذ أكثر من عام حصارا خانقا فرضته قوات النظام التي تحيط بها من كل مكان، وتمنع إدخال أي شيء إليها حتى أبسط مقومات الحياة من دواء وطعام، وتفرض على سكانها إقامة جبرية، لا تسمح لهم بالمغادرة، وتمنع دخول أي شخص إليها.

ويرى أهالي داريا في تلك المعاناة الناجمة عن الحصار "ضريبة" معارضتهم للنظام وخروجهم "للمطالبة بالحرية". يقول المواطن أبو محمود "يريد لنا النظام الموت جوعا، منذ عام كامل لم يسمح بإدخال ربطة خبز واحدة إلى المدينة، كما قطع عنا الطحين، بضع آلاف من السكان ممن لا يزالون في المدينة باتوا يحلمون برغيف الخبز".

‪يزرعون بحدائق المنازل ما يمكن أكله‬ (الجزيرة)
‪يزرعون بحدائق المنازل ما يمكن أكله‬ (الجزيرة)

الشبيحة
وحتى ما بقي من بساتين العنب والتين المحيطة بداريا، تحولت لمقرات للشبيحة وعناصر النظام يستهدف منها المدنيين بعد أن أحرق أغلبها، وهي المعروفة بالغوطة الجنوبية، وكان إنتاجها من الفاكهة والخضار يكفي دمشق، ويصل كل سوريا، ويصدر إلى الخليج العربي لجودته.
 
في بحثهم عن بدائل لتوفير الطعام الذي حرمهم منه النظام، بعدما منعهم من زراعة بساتينهم ورعاية أشجارها، اتجه الأهالي لحدائق المنازل بل المقابر أيضا، لزراعة ما يؤكل مثل البقدونس والجرجير والنعناع، وبعض أنواع الخضار والبطاطا.

وقال المهندس الزراعي سامر للجزيرة نت "في البداية كنا ندفع أموالا طائلة كرشوة لحواجز النظام للسماح بإدخال الخبز والطحين، ولكن وبعدما أفلسنا، اتجهنا إلى زراعة أصغر المساحات بين المنازل، حتى لا يصيبها القصف لتأمين بعض الطعام".

وأضاف "بغية زيادة إنتاجها لتوفير أكبر كمية من الطعام، نسقيها بمياه الصرف الصحي، نظرا لعدم وجود الأسمدة، وافتقاد روث الحيوانات، بعدما ذبحنا معظمها وحولناها طعاما، سيكون الإنتاج ملوثا ومؤذيا للصحة، نخشى على صغارنا منها، أيدينا مغلولة بالظروف المحيطة".

‪وسط الخراب يزرعون بعض الحشائش للطعام‬ (الجزيرة)
‪وسط الخراب يزرعون بعض الحشائش للطعام‬ (الجزيرة)

تلوث
لا توفر الحشائش وبعض الخضار التي زرعها أهالي داريا مصدرا غذائيا متكاملا، لكن هذا القليل من الغذاء يضمن استمرار حياتهم، يقتصرون على تناول وجبة واحدة باليوم من هذه الحشائش، ويوصف بـ "البرجوازي" من بقي لديه بعض الحبوب من الأرز والبرغل أو البقوليات.

وعن معاناته في توفير الطعام لأولاده، قال أبو رشيد "منذ ثمانية أشهر لم يعرف أطفالي طعم الزيت أو السمن، نسلق الحشائش مع بعض البرغل أو العدس ونأكلها يوميا، زرعت قليلا من البطاطا والبندورة بجانب جدار البيت، انتظر نضوجها لأطعمهم شيئا مختلفا لم يعد مألوفا لديهم، ولكن أخشى أن أفقد أحدهم قبل ذلك".
 
ومن كتبت له النجاة من قصف النظام المتواصل، بات معرضا للموت جوعا أو مرضا، وفق قول الطبيب أبو ماهر واصفا حال السكان في ظل نقص الطعام وتلوث الحشائش.

ويضيف "أغلب السكان يعاون من الهزال وفقر الدم، وأخشى عليهم اليوم من تفشي الأوبئة والأمراض الباطنية، نتيجة تناولهم الحشائش المروية بمياه الصرف الصحي".

ويُحمّل قائد كتيبة في الجيش الحر المعارضة الخارجية المسؤولية عما وصلوا إليه من جوع وعوز. ويقول أبو الليث "لو دعمونا بالسلاح لتمكنا من فتح طريق إمداد لإدخال الطعام لأهلنا في المدينة، إنهم شركاء في قتلنا، سنحاسبهم يوما نرجوه قريبا".

المصدر : الجزيرة