يبرود بعيون النازحين.. تعددت الأسباب والموت واحد

مخيم استحدث للنازحين الجدد من يبرود
undefined

علي سعد-عرسال

يحمل النازحون من مدينة يبرود عاصمة القلمون في ريف دمشق إلى بلدة عرسال اللبنانية الملاصقة للحدود السورية، قصصا كثيرا عن الموت والخوف والمعاناة والحرمان. وتختلف قصص الذين نزحوا مع بداية المعركة يوم 9 فبراير/شباط الحالي، مع الذين وصلوا قبل أيام بعد اشتداد حدة المعارك.

ويروي هؤلاء أن المدينة باتت محاصرة من جميع الجهات، ولم يعد ممكنا الدخول إليها أو الخروج منها إلا عبر الحدود اللبنانية وتحديدا عرسال، وهو ما تؤكده مصادر بعرسال قالت للجزيرة نت إن سيارات وحافلات تتوجه يوميا إلى يبرود وتعود منها.

ويقول النازحون للجزيرة نت إن تقطيع أوصال المدينة شتت معظم قاطنيها وفي كثير من الأحيان هناك عائلات انفصلت عن بعضها، وأغلب هذه العائلات كان قد هرب من حمص خلال معارك القصير وسكنوا منازل مهجورة في يبرود التي تركها معظم أهلها مع بداية معركة القلمون وأحيانا قبل ذلك.

ويروي خالد بغدادي (اسم مستعار) أن الأمور في المدينة الجبلية سيئة جدا، مشيرا إلى أن المعركة محتدمة والموت يخيم على المشهد، خاصة أن القصف قوي جدا من الطيران الحربي الذي يلقي البراميل المتفجرة ويخلف عددا كبيرا من القتلى.

ويضيف للجزيرة نت أن "مقاتلي حزب الله هم الأكثر تواجدا على الأرض وفي المواجهات والاقتحامات، أما الجيش الحر فلا يزال يقاوم ووضعه جيد في المنطقة".

ويتخوف بغدادي الذي ترك يبرود بينما بقي أشقاء له مع عائلاتهم هناك، من أن يؤدي توقف إمدادات الغذاء منذ بدء المعارك إلى تكرار مجاعات كالتي حصلت خلال حصار غوطة دمشق ومخيم اليرموك، لافتا إلى أن العائلات التي ما زالت موجودة في المدينة تحاول تدبير أمورها بما هو موجود لديها وتتقشف كي لا ينفذ قريبا، وإذا طالت مدة الحرب لأسابيع فقط فسيموت الناس من الجوع".

‪آثار الدمار جراء الغارات الجوية‬ (الجزيرة نت)
‪آثار الدمار جراء الغارات الجوية‬ (الجزيرة نت)

قصف عشوائي
خالد ليس وحده الذي حفرت هذه المشاهد في ذاكرته، فإلى جانبه وقف رجل ستيني أخذ عائلته قبل أسبوع على عجل وغادر يبرود إلى عرسال بعدما ألقت الطائرات الحربية ثلاثة براميل في أماكن قريبة جدا من المنزل الذي يسكنون فيه.

ويقول الرجل الذي يفضل كالباقين عدم ذكر اسمه، إن القصف في المدينة عشوائي ومعظمه يصيب المدنيين، لافتا الى أن "الوضع صعب جدا فإذا جرحت أو جرح أحد أفراد عائلتك لا يوجد من يداويه، وإذا نفذ الطعام في منزلك لن تجد مكانا تشتري منه".

ويضيف الرجل للجزيرة نت أنه هاجر مع عائلته وكثيرين من الموجودين في عرسال من حي باب عمرو في حمص إلى القصير ثم إلى قارة في القلمون وبعدها إلى النبك ليستقروا في يبرود لأشهر قليلة، قبل أن يهاجر الآن إلى عرسال، مشيرا إلى أن معظم الموجودين هنا سقط لهم قتلى وجرحى في المعارك الدائرة.

ويبدو جليا أن الغالبية العظمى من النازحين من يبرود إلى عرسال هم من المؤيدين للثورة السورية وتتشابه أحاديثهم وروايتهم كما تتشابه معاناتهم في النزوح المتكرر. وتقول المفوضية العليا للاجئين في لبنان إن عدد الذين وصلوا إلى عرسال منذ التاسع من الشهر الجاري بلغ حوالي 12 ألفا، في حين يؤكد العاملون في مجال الإغاثة بالبلدة أن عدد هؤلاء قد يصل نحو عشرين ألفا.

‪النازحون اضطروا للتنقل أكثر من مرة‬ (الجزيرة نت)
‪النازحون اضطروا للتنقل أكثر من مرة‬ (الجزيرة نت)

الجيش الحر وحيدا
وفقد معظم النازحين ثقتهم بالدول التي تسمي نفسها أصدقاء سوريا حسب تعبيرهم، فلو كانت هذه الدول تقف إلى جانبهم بجدية لما اضطروا للنزوح ثلاث أو أربع مرات خلال أقل من سنة.

ويقول خالد بينما يتجمع حوله أكثر من عشرة رجال -معظمهم نزح حديثا ويؤيدون كلامه- "إننا لم نعد نثق إلا بالمقاتلين، فالدول التي طبلت وزمرت لمؤتمر جنيف لم تقدم لنا شيئا"، بينما يضيف آخر أن "الأسلحة الكيميائية أرحم اليوم مما يحصل لنا".

ويعتقد معظم النازحين أن الجيش الحر لا يملك سلاحا نوعيا يحارب به لأن الدول التي تقول إنها تدعمنا لا تريد أن تقدم له أسلحة قتالية، ويضيفون "عندما أرادوا حاربوا القذافي وأنهوه، ولكن في حالة سوريا الجميع شريك في هذه الجريمة بما فيهم الدول العربية والإسلامية وبينها تركيا، والجيش الحر وحيد اليوم يحارب حزب الله وقوات عراقية وإيرانية إلى جانب قوات النظام".

ويرفض النازحون التحجج بشبح تنظيم القاعدة لمهاجمة مدنهم، ويقول أحدهم -وهو من حمص- إن "القاعدة موجودة في دير الزور فليحاربوها هناك، أما الجهات الإسلامية التي تقاتل في القلمون وبينها جبهة النصرة فهي ليست إرهابية، وهذه مجرد حجج للدخول إلى يبرود".

المصدر : الجزيرة