إعادة طلاب الجامعات المفصولين بمصر تهدئة أم تركيع؟

جامعة القاهرة
جامعة القاهرة أعادت 56 طالبا كانت فصلتهم بعد مشاركتهم باحتجاجات بعد تعهدهم بعدم ممارسة العنف (الجزيرة)

رمضان عبد الله-القاهرة

يسود خلاف بين الطلاب المفصولين والنشطاء والجامعيين بعد قرار جامعة القاهرة إعادة 56 طالبا منهم من أصل 125 طالبا بعد توقيعهم وأولياء أمورهم على تعهدات بـ"عدم العودة إلى ممارسة العنف".

ففيما اعتبر نشطاء أن القرار يضع الطلاب الذين تمت إعادتهم في دائرة الاشتباه الدائم، يرى الطلاب المعنيين أن القرار إثبات حرص وحسن نية من الجامعة تجاه أبنائها، فيما يؤكد قانونيون أن هذا الإجراء اختصار لإجراءات التقاضي.

وكان وزير التعليم العالي الدكتور سيد عبد الخالق قد قال إن أي طالب مفصول "لن يعود إلا بعد تقديمه وولي أمره تعهدا بأنه تائب، ولن يعود لارتكاب أعمال عنف".

مبدأ التوبة
وفي تصريحات لوسائل الإعلام قال المتحدث باسم جامعة القاهرة عادل عبدالغفار، إن الجامعة قبلت 56 تظلما من طلاب تم فصلهم بعد تعهد أولياء أمورهم بعدم عودة أبنائهم للعنف، وعلق على حرمان طلاب كليتي الهندسة والإعلام من دخول امتحان الفصل الدراسي الأول لتجاوزهم نسبة الغياب بأن ذلك "شأن كل كلية حسب لائحتها الداخلية".

ورفضت حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة القاهرة فكرة "التوبة"، وتعهد الطلاب بعدم ممارسة العنف، واعتبر المتحدث باسم الحركة الطالب حسن فريد أن الطلاب "لم يمارسوا عنفا وإنما عبروا عن وجهات نظرهم سلميا".

وتابع فريد -وهو من بين المفصولين وقد رفض التوقيع على التعهد- للجزيرة نت، إن "توقيع الطلاب على التعهد تركيع لهم لأن الدولة تريد الخروج منتصرة".

محمد علي: التعهد يعني الإدانة واعتراف الطالب وولي أمره بالتهم (الجزيرة نت)
محمد علي: التعهد يعني الإدانة واعتراف الطالب وولي أمره بالتهم (الجزيرة نت)

أبعاد أسرية
وأضاف "من حق كل طالب أن يوقع على التعهد أو يرفض"، ولفت إلى أن التعهد "يحمّل الطالب المسؤولية المادية والجنائية حال عودته للتعبير عن رأيه ويعرضه للفصل النهائي".

أحد الطلاب الذين وقعوا على التعهد -والذي طلب عدم ذكر إسمه- قال للجزيرة نت "أنا لست سعيدا بالتوقيع على التعهد".

وأضاف للجزيرة نت "وقع ولي أمري على التعهد نظرا لأبعاد أسرية، وتصريح وزير التعليم العالي ليس جديدا"، واختتم حديثه بالقول، "قرار الجامعة ربما يكون سعيا للتهدئة مع الطلاب بسبب كثرة الاحتجاجات".

وفي السياق نفسه قال أحد طلاب السنة النهائية بكلية الطب بجامعة القاهرة -واشترط عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت "الكلام لن يجدي بعد أن وقعت على التعهد"، وبرر ذلك بأن الضغوط الأسرية تلعب دورا كبيرا وأن من الأفضل ألا يفهم شيئا، "للعبة خيوط خفية".

فكرة التوبة
وأضاف "الدولة أرادت التهدئة خاصة مع حلول امتحانات نصف السنة و25 يناير"، مشددا على أن "توقيع الطلاب على التعهد لا يغير فكرهم".

ويرفض نشطاء فكرة التوبة التي أشار إليها وزير التعليم العالي والجامعة ويرونها "توريطا للطلاب بتحميلهم مسؤولية مادية وجنائية إذا احتجوا أو عبّروا عن آرائهم".

ويؤكد محمد مصطفى -عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل- للجزيرة نت أن الوزير والجامعة "تعاملا مع الطلاب تعاملا أمنيا وكان يجب محاورتهم".

إبراهيم منشاوي: الدولة لا تسعى لتصفية حسابات مع الطلبة (الجزيرة نت)
إبراهيم منشاوي: الدولة لا تسعى لتصفية حسابات مع الطلبة (الجزيرة نت)

تصفية حسابات
ونفى أن يكون "للمصالحة المصرية القطرية أي دور في إعادة الطلاب المفصولين"، ونبه إلى "احتمال خوف الجامعة من هجرة الطلاب إلى تركيا خاصة وأن فصلهم لم يوقف حراكهم".

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إبراهيم منشاوي قرار إعادة الطلاب المفصولين "محمودا ولصالحهم"، نافيا وجود علاقة بين القرار وتصريحات الوزير وفقا لقانون استقلال الجامعات.

وأكد منشاوي للجزيرة نت أن "الدولة لا تسعى لتصفية حسابات مع الطلاب فعددهم قليل ولا يمثل تهديدا لها"، ولفت إلى أن "التوقيت إيجابي كي يتمكن الطلبة من تقديم امتحانات الفصل الدراسي الأول".

وأشار الخبير القانوني والمحامي محمد علي للجزيرة نت أنه "لا قيمة قانونية لتصريحات الوزير، وأن الطلبة وأولياء أمورهم وقعوا على التعهد توفيرا لإجراءات التقاضي أمام مجلس الدولة التي تستغرق على الأقل ثمانية أشهر، ما يضيع عليهم فرص تقديم الامتحانات"، وحذر علي من خطورة التعهد "لأن الطالب يصبح مدانا باعتراف هو وولي أمره".

ويشار إلى أنه تم فصل 442 طالبا العام الماضي كما جرى فصل 182 هذا العام من الجامعات المصرية على خلفية مشاركتهم باحتجاجات داخل جامعاتهم رفضا لأحداث 30 يونيو، وفض اعتصامي رابعة والنهضة عام 2013.

المصدر : الجزيرة