الحراك الجنوبي.. احتفال بثورة 1963 ومطالب بالانفصال

المنصة الرئيسية للاحتفال الجزيرة نت.
عدد كبير من المتظاهرين اعتصموا بساحة العروض في عدن للمطالبة بالانفصال عن شمال اليمن (الجزيرة)

ياسر حسن-عدن

أحيا سكان المحافظات الجنوبية اليمنية الذكرى 51 لثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول ضد الاحتلال البريطاني بمهرجان أُقيم في مدينة عدن، جاء مختلفا هذا العام على خلفية التوتر الأمني الذي تشهده البلاد.

ودعت جميع فصائل الحراك الجنوبي أنصارها للمشاركة في الفعالية التي أطلق عليها اسم "مليونية الحسم"، وقرر عدد كبير من المشاركين فتح اعتصام مفتوح في ساحة العروض بعدن للمطالبة بالانفصال عن شمال اليمن واستعادة الدولة التي كانت قائمة في الجنوب قبل العام 1990.

وسجلت فعالية هذا العام تأييد أطراف أخرى غير الحراك الجنوبي للدعوات المطالبة بحق تقرير المصير، حيث أصدر حزب الإصلاح بعدن بياناً دعا فيه أعضاءه للمشاركة في الفعالية، وعبر عن دعمه حق الجنوبين في تقرير مصيرهم، ودعت قيادات جنوبية بحزب المؤتمر إلى حضور الفعالية والإسهام في إنجاحها.

أما البيان الصادر عن الفعالية فقد تضمن مطالب لم تتحدث عنها بيانات الفعاليات السابقة للحراك الجنوبي، فقد وجه إنذاراً للقائمين على السلطة في اليمن بضرورة تسليم المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية للمسؤولين الجنوبيين، وإيقاف تصدير الثروات النفطية والمعدنية الواقعة في الجنوب.

الدبيس دعا للاستجابة لمطالب أبناء الجنوب في استعادة دولتهم(الجزيرة)
الدبيس دعا للاستجابة لمطالب أبناء الجنوب في استعادة دولتهم(الجزيرة)

متغيرات
وقال ردفان الدبيس الناطق الرسمي باسم الفعالية إن هذه المناسبة تأتي في ظل متغيرات كثيرة في اليمن شمالاً وجنوباً، وفي ظل "وضع اللادولة" الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي يعطي أبناء الجنوب الحق في تقرير مصيرهم، كما أن دول الجوار أصبحت تؤيد مطالب الجنوبيين بشكل واضح على عكس ما كان في السابق، وفق تعبيره.

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه اتضح استحالة إقامة دولة مدنية في شمال اليمن بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها صنعاء، وهو ما يعطي الجنوبيين حافزاً بضرورة السعي لاستعادة دولتهم التي كانت تمتلك مقومات الدولة المدنية قبل أن تتوحد مع شمال اليمن ويتم العبث بمقوماتها خاصة بعد حرب صيف 1994.

وأكد الدبيس استمرار الجنوبيين في نضالهم السلمي رغم اتفاقهم على ضرورة التصعيد الثوري خلال الفترة القادمة، داعياً المجتمع الدولي والإقليمي إلى ضرورة الاستجابة لمطالب أبناء الجنوب في استعادة دولتهم كون ذلك يسهم في حفظ أمن واستقرار المنطقة.

واتفقت آراء المشاركين في الفعالية مع ما قاله القيادي الدبيس بشأن استعادة الدولة.

وقال علي الخريشي القادم من محافظة لحج "لقد أتينا إلى هذه الساحة لنعلن للعالم رسالة واحدة مفادها أن الوحدة اليمنية فشلت وانتهت، وأنه لا بد لنا من استعادة دولتنا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعاصمتها عدن ولا خيار لنا غير ذلك".

أما محمد فايز القادم من محافظة شبوة فيقول "إن أجدادنا فجروا ثورة 14 أكتوبر وأخرجوا المستعمر البريطاني وأسسوا دولتهم المستقلة، ونحن اليوم نحتفل بذكرى ثورتنا الأولى لنؤكد مواصلة نضالنا في ثورتنا الثانية لاستعادة دولتنا ونيل الاستقلال الثاني".

بدوره يقول زين محسن صالح "إن الهدف من الفعالية هو إيصال رسالة للمجتمع الدولي بأن شعب جنوب اليمن يواصل حراكه السلمي نحو الانتصار واستعادة دولته وتقرير مصيره".

ويرى محللون أن استعادة دولة جنوب اليمن ستسهم في حفظ أمن المنطقة، فيما يرى آخرون وجود ثنائية في الأجندة الوطنية اليمنية، وأن الحراك الجنوبي يتحرك في إستراتيجيات غير واقعية.

فتحي بن لزرق حذر من تحول اليمن إلى ما يشبه النموذج العراقي(الجزيرة)
فتحي بن لزرق حذر من تحول اليمن إلى ما يشبه النموذج العراقي(الجزيرة)

استعادة الدولة
وقال رئيس تحرير صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق "إن خروج أبناء الجنوب في هذه الفعالية يعد تأكيداً شعبياً واسع النطاق على أن الجنوبيين يريدون استعادة دولتهم التي إن أُعيدت فإن في ذلك خير للسعودية ودول الخليج، وفي حال لم تساعد السعودية ودول الخليج مطالب الجنوبيين في استعادة دولتهم فإن جماعة الحوثي ستلتهم الجنوب إلى جانب الشمال وستهدد أمن المنطقة".

وأشار لزرق في حديث للجزيرة نت إلى أنه في حال رفضت دول الخليج مدَّ اليد للجنوبيين، فإن اليمن سيتحول إلى ما يشبه النموذج العراقي، وستجد دول الخليج نفسها مضطرة للتدخل لمحاربة الجماعات المتطرفة، مضيفا أن فعاليات الجنوب ستتواصل ولن تتوقف.

من جانبه اعتبر استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أن تطور الأحداث في اليمن شمالاً وجنوباً يدل على وجود ثنائية في الأجندة الوطنية، وأن الحراك الجنوبي يتحرك في إستراتيجيات غير واقعية لم تستوعب المتغيرات.

وأكد أنه لا يمكن لأي طرف أن يُحدث فعلاً سياسياً إلا إذا كان أحد العناصر القوية في صناعة القرار المركزي، مشيرا إلى إمكانية أن يحقق الحراك بعض الأهداف لكنها مؤقتة.

وقال للجزيرة نت "إن اعتبار ما يحدث في الشمال شأناً شماليا يعد خطأ مركزيا، وإنه ينبغي أن تكون هناك رؤية إستراتيجية وحضور قوي لقيادات تعي جيداً أن ما يحدث في الشمال سينعكس على الجنوب، وبما أن القوة ومصادرها تهيمن عليها الجماعات في الشمال، فتحقيق فك الارتباط لن يكون مجدياً في ظل عدم امتلاك الجنوبيين لمصادر القرار".

ونوه شمسان إلى أن الحراك مهما كانت كثافته وحضوره الجماهيري، فإن اتخاذ القرار مرتبط بالمصالح الدولية التي تريد المحافظة على عدن كونها مهمة بالنسبة لها، ولذلك على الحراك وقف أجندة فك الارتباط وخلق جو من القبول المجتمعي لها، وبعد ذلك اختيار اللحظة المناسبة لذلك في الوقت الذي يكون فيه قادرا على إدارة المرحلة كلاعب رئيسي، بحسب قوله.

المصدر : الجزيرة