مئات الشهود وآلاف البيانات بقائمة محكمة لبنان
جورج حوراني-لاهاي
بعد تسع سنوات على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بدأت محكمة لبنان الدولية أمس أولى جلسات المحاكمة الغيابية للمتهمين بالقضية، معلنة أن الادعاء ينوي استدعاء مئات الشهود وآلاف البيانات، في مؤشر على أن أحكام القضية لن تصدر في الوقت القريب.
في المقابل، يأمل أهالي الضحايا في أن يشكل انطلاق جلسات المحكمة بداية لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة بلبنان المنقسم سياسيا.
ففي ظل إجراءات أمنية مشددة، بدأت الجلسة في غرفة أنطونيو كاسيزي وسط اهتمام إعلامي كبير بالنظر إلى أهمية القضية وتداعيات الأحكام المتوقعة على لبنان والمنطقة.
ويبدو أن انتظار اللبنانيين سيطول قبل التعرف على أحكام المحكمة بعد أن أعلن رئيسها القاضي ديفيد ري أن الادعاء ينوي استدعاء مئات الشهود وآلاف البيانات.
ضمن هذا السياق، قال المدعي العام للمحكمة نورمان فايل في كلمته الافتتاحية إن من حق اللبنانيين السعي من خلال هذه المحاكمة إلى معرفة الحقيقة، وكشف هوية القاتلين الذين حاولوا تضليل هويتهم.
وتميزت أشغال الجلسة الافتتاحية بحضور سعد الحريري -نجل الرئيس رفيق الحريري- الذي جالسا في المقاعد الخلفية برفقة سبعة آخرين من أفراد عائلات الضحايا والمتضررين وعدد من الشخصيات السياسية، وكل هؤلاء كانوا ينصتون إلى المدعي العام الذي أسمع صوته بكثير من الإسهاب والتفاصيل الدقيقة بشأن الأدلة التي تضمنها القرار الاتهامي.
وظهرت علامات الحزن والأسى على وجوه مجموعة من الحاضرين بمن فيهم أهالي الضحايا وأقاربهم بعد عرض المحكمة صورا على الشاشة الكبيرة للحظات الأولى للانفجار وأجزاء السيارات والأشخاص المتفحمة.
اتهام أفراد
وأثناء كلمته، أشار المدعي العام إلى أن المتهمين بدر الدين وسليم عياش حضّرا لاغتيال الحريري قبل أربعة أشهر وراقباه لمدة ثلاثة أشهر، كاشفا أن سائق الشاحنة المفخخة فجر نفسه، والانفجار تم يدويا وليس عن بعد.
ويأمل أهالي الضحايا ومعهم قطاع من المجتمع اللبناني في أن تشكل المحكمة مرحلة لبدء زمن الحقيقية والعدالة في لبنان المنقسم سياسيا بشأن مشروعية هذه المحكمة الفريدة من حيث كونها أول محكمة على المستوى الدولي تنظر "بجرائم الإرهاب".
وأكد الناطق الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف في حديث مع الجزيرة نت أن الاتهام "موجه لأفراد وليس لأحزاب، وبالتالي لا يضع مسؤولية جماعية على الجريمة".
واعتبر أن صفحة جديدة في العدالة فتحت اليوم للوصول إلى الحقيقة عبر تقديم كل الأدلة والإثباتات الدامغة، وتمنى أن تسمح هذه المحاكمات -رغم أنها غيابية- للشعب اللبناني بمعرفة الحقيقة.
وشدد يوسف على جدية المحاكمات الغيابية بحيث ينبغي على السلطات اللبنانية المساعدة في البحث على المطلوبين.
معرفة الحقيقة
بدوره، قال النائب اللبناني مروان حمادة "إننا لا نريد أن ننتقم، ما يعنينا اليوم هو الحقيقة وأن ينتهي مسلسل الجرائم في لبنان". وأضاف للجزيرة نت أن العرض الذي قدمه "الادعاء مفصل جدا، ومؤثر جدا".
وأضاف "يجب أن يكون لنا موقف قانوني قضائي وسياسي يضع حدا لهؤلاء القتلة".
من جهتها، قالت المحامية ندى عبد الساتر أبو سمرا وكيلة المتضررين الذين بلغ عددهم ٦5 إن معظم هؤلاء يشعرون بالواجب للمشاركة في انطلاقة المحاكمات، وعبروا بدموعهم أثناء الجلسة عن الحزن، وعن سخطهم لأن المتهمين في الجريمة ما زالوا أحرارا.
وتابعت "أهالي الضحايا مصرون على معرفة الحقيقة، وأن يساق المجرمون إلى العدالة". ولفتت إلى أن "الميزانية المخصصة للمتضررين قليلة جدا مقارنة بميزانية المحكمة".
ورأى النائب اللبناني سامي الجميل أن البداية للحلول في لبنان هي "معرفة الحقيقة عبر المحكمة"، مشيدا في حديث للجزيرة نت بمصداقية محكمة لبنان الدولية، وقال "لن نكتفي بالمحاكمة الغيابية للمتهمين، ولكنها بداية جيدة لتحقيق العدالة".
يشار إلى أنه وبينما يرى فريق سياسي لبناني على رأسه حزب الله أن هذه المحكمة سياسية هدفها النيل من المقاومة ودورها، يعتبر الفريق الآخر -وفي مقدمته- تيار المستقبل أنها انتصار للعدالة.