هجوم نيروبي يضع حركة الشباب بالواجهة
دفع الهجوم على مركز للتسوق في قلب العاصمة الكينية نيروبي حركة الشباب المجاهدين الصومالية إلى طليعة الحركات الجهادية العالمية بعد سنوات من العراك الداخلي حول الأهداف.
وتَنِمُّ الدقة والحذق الواضح لهجوم السبت الماضي، الذي نفذه 15 مقاتلاً مسلحين تسليحاً ثقيلاً تمكنوا من الصمود في وجه الجيش الكيني طيلة أربعة أيام، عن تدبير محكم وقوة ضاربة مدرَّبة تتجاوز الأساليب التي تتميز بها الحركة في الكر والفر.
ويعتقد خبراء الاستخبارات بالمنطقة أن المهاجمين الذين تسببوا بمقتل العشرات فأصابوا كينيا والعالم بالصدمة، هم عناصر فيما يسمى وحدة النخبة التي تدين بالولاء لزعيم الحركة أحمد غوداني الذي ظل يسعى لوضع حركة الشباب في مصاف الجماعات الجهادية العالمية الهامة.
ولطالما توعدت الحركة كينيا بالانتقام منها منذ أن أرسلت قبل عامين جنودها لمحاربة الإسلاميين بالصومال المجاورة التي تكتنفها الفوضى، في عملية أُطلق عليها اسم "حماية الأمة".
وتقول أجهزة الأمن إن الحركة أقامت شبكات للتمويل والتجنيد والتدريب في كينيا.
ويُعَزز الهجوم على المركز التجاري مخاوف الغرب من أن هؤلاء المقاتلين يستخدمون الصومال نقطة انطلاق لشن هجمات على دول المنطقة، على الرغم من أن القوات التابعة للاتحاد الأفريقي جعلتهم في موضع الدفاع.
ومع أن الحملة العسكرية التي شنتها القوات الأفريقية قد أضعفت حركة الشباب بعد أن أزاحتها من معاقلها بالمدن خلال العامين الماضيين، فإنها ما تزال مصدر تهديد خطير.
وقال دبلوماسيون في نيروبي إن جهاز أمن غوداني الخاص -وهو عبارة عن وحدة للنخبة لها قيادتها وتجهيزاتها ومواردها المالية- ربما هو الذي نفذ الهجوم على المركز التجاري.
ويرى عميل مخابرات صومالي، اسمه الأول محمد، أن مهاجمي مركز وست غيت ينتمون إلى وحدة نخبة في حركة الشباب يُطلق عليها اسم "اقتحام".
ويقول مراقبون إن مقاتلين أجانب من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج العربي يتمتعون بنفوذ مطرد داخل حركة الشباب مدفوعين بطموح غوداني بتصدير أنشطتها إلى خارج الحدود.
يقول علي صوفان، صاحب مجموعة صوفان التي توفر معلومات أمنية إستراتيجية للحكومات والشركات، إن كثيراً من الناس يعتقدون أن الشباب حركة تُعنى بالقضايا الصومالية، لكنها بعد هذا الهجوم في نيروبي سيُنظر إليها أكثر على أنها جزء من تنظيم القاعدة وشبكة الإرهاب الدولية.
ومن شأن هذا الاعتقاد أن يُكسِب الحركة أنصارا جددا وخبرات جديدة في أوساط المحاربين المؤمنين بالجهاد.
ويجيء الهجوم كذلك عقب خلافات عميقة وسط الحركة تجلت في صراع على النفوذ بين من يريد الإبقاء على نشاطها داخل الصومال وبين نفر بقيادة غوداني يرغب في نشر النشاط بعيداً إلى خارج الحدود.
ثمة تقارير من المؤسسة العسكرية الكينية أن المسلحين تسللوا عبر نظام تكييف الهواء بمركز وست غيت، وهو ما يوحي بقدرة عالية على التخطيط تتطلب دراية تامة بشعاب المركز ودهاليزه.
وقال مدير معهد التراث لدراسة السياسات ومقره مقديشو "سأكون مندهشا جدا إذا تأكد أن حركة الشباب هي التي نفذت هذا الهجوم من تلقاء نفسها". وأضاف عبدي عينتي "ربما تعاقدت الحركة مع جماعة كينية محلية للقيام بعمليات التموين والاستطلاع".