إستراتجية إيران بعد الأسد

دخول إيران وحزب الله الأزمة السورية
undefined
 
يكاد يتفق محللون على أن أي ضربة عسكرية ضد النظام السوري قد تكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة، وخاصة على أهم حليف للرئيس السوري بشار الأسد وهي إيران التي ما انفكت تحذر من أي عمل عسكري.

ومع قناعة خبراء بأن التدخل الأمريكي سيقتصر على ضربة عسكرية محددة كقصف مقار حكومية في دمشق، فإنهم لا يستبعدون تداعيات كالتأثير على تفاوض إيران مع الأميركيين بشأن البرنامج النووي، وسعي إيران لخطة بديلة عن الأسد بتشكيل مليشيات داخل سوريا.

ويُعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية في الحادي والعشرين من الشهر الجاري تجاوزا "للخط الأحمر" الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما العام الماضي، وهو ما يدفع البعض لترجيح عمل عسكري للولايات المتحدة وحلفائها ضد النظام السوري.

يقول خبير الشؤون الأمنية من مجموعة أوكسفورد البريطانية للأبحاث، باول روجرز، إنه في حال وصل الأمر إلى ضربات عسكرية "فإنه يصعب التنبؤ بتداعياتها".

توقعات بأن يعارض "الصقور" في طهران التفاوض مع الأميركيين وأن يحثوا على وجوب امتلاك أسلحة نووية

وأوضح أنه حتى وإن اقتصر الأمر على ضربة رمزية، فإنه "ستتم رؤيته في الشرق الأوسط على أنه مثال للتدخل الغربي".

تداعيات محتملة
وبانتخاب حسن روحاني "المرشح المعتدل" رئيسا لإيران، يرى بعض المراقبين أن السياسة الخارجية الإيرانية قد تتغير، وأن روحاني قد يسعى للتفاوض مع الغرب بهدف إخراج إيران من عزلتها الدولية.

وهنا، وفي حال تم التدخل العسكري، فإن روجرز يتوقع أن يعارض "الصقور" في طهران التفاوض مع الأميركيين ويحثوا على وجوب امتلاك أسلحة نووية.

أما الخبير بمركز لندن للدراسات الشيعية، حيدر الخوئي، فتوقع أن تقود الضربة المحتملة إلى قناعات في المنطقة بأن الغرب يتخذ موقفا أحاديا -يعتبره الخبير- صراعا بين "الجماعات الدينية يتجاوز الحدود السورية".

ولم يستبعد الخوئي ردة فعل قوية من أهم حليف للنظام السوري والعدو اللدود للولايات المتحدة. وينقل عن رجل دين إيراني -لم يسمه- قوله "إذا سقط الأسد، فسيجتاح الإيرانيون سوريا مشيا على الأقدام".

لكن أستاذ العلاقات الخارجية في جامعة لندن، آرشين آديب، يرى أن تداعيات أي ضربة عسكرية "قد تكون محدودة على الوضع الداخلي في إيران".

وقال إنها "قد لا تضعف روحاني داخليا، ولكن قد يكون من الصعب جدا إشراك إيران" في أي حل محتمل للأزمة السورية، وهنا "قد تكون الحرب ضد سوريا حماقة إستراتيجية كبيرة أخرى".

خبير يرى أن إيران تستعد لفترة ما بعد الأسد، عندما تتحرك الأمور في سوريا بشكل فعلي، غير مستبعد تشكيل مليشيات

في رؤية مختلفة، يشير الخبير في الشؤون الإيرانية من المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسية، فالتر بوش، إلى محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران عبر سلطان عمان.

وأضاف أن السلطان قابوس بن سعيد قام قبل فترة وجيزة بزيارة إلى إيران وأجرى محادثات مطولة مع المرشد الأعلى للدولة الإسلامية آية الله علي خامنئي حول الوضع الأمني في المنطقة.

خطة بديلة
ويتابع: الدبلوماسيون الإيرانيون حذرون على عكس ما يعتقد البعض، مرجحا أنهم غير قلقين إزاء أي عملية عسكرية محتملة في سوريا، وأن تقوم إيران "كالعادة بإدانة ذلك".

وأضاف أن الأميركيين يدركون جيدا مدى عجزهم في منطقة الشرق الأوسط، وأن "أوباما يعرف أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا" معتبرا أن الأميركيين يقفون عاجزين عن السيطرة وغير قادرين على التأثير على سياسات أي بلد بعد كل عملية عسكرية، مستشهدا بليبيا بعد الإطاحة بمعمر القذافي.
 
واعتبر بوش أن إيران تدرك ذلك و"تستعد لفترة ما بعد الأسد، عندما تتحرك الأمور في سوريا بشكل فعلي" غير مستبعد تشكيل مليشيات محلية وبالتالي "قد تدخل الحرب الأهلية في سوريا مرحلة جديدة".
 
ويتوقع الخبير في الشؤون الإيرانية أن تواصل طهران دعمها العلني للأسد والاحتجاج على أي عملية ضده "لكنها ستتجنب الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة والأوروبيين" معتبرا أن "طهران تفضل بقاء الأسد في منصبه، ولكنها ستتجاوز ذلك، لأن لديها خطة بديلة".

وخلص إلى أن البعض -ومنهم المرشد الأعلى لإيران- يعتقد أنه بحاجة إلى سوريا والأسد وحزب الله لممارسة ضغوط على إسرائيل، لكنه يستبعد ردود فعل كبيرة.

المصدر : دويتشه فيله