الثورة السورية مدرسة عسكرية

منذ أن اندلعت الثورة السورية في درعا وتداعت لها كل المناطق، تحولت هذه الثورة إلى بوتقة انصهرت فيها كل مقومات المجتمع السوري، وشكلت مدرسة عسكرية قدمت أروع الأمثلة في البطولة والفداء والتجرد والولاء.

ومثلما كانت الثورة في سلميتها مضرب الأمثال، تحولت عسكريا إلى مصنع للأبطال من كل المناطق والتوجهات والعرقيات، وأعادت سيرا من التاريخ قلما ندر حدوثها.

استعادة التاريخ
لواء حلب الشهباء واحد من ضمن ألوية الدفاع عن مدينة حلب، وفي المقر الذي تتوفر فيه بالكاد مقومات الحياة، تبادرك وجوه الشباب الذين تعلو محياهم البسمة والترحاب، ويجمع بين قلوبهم هدف واحد هو إزالة الظلم عن الشعب السوري، كما يجمع بينهم زي موحد, فاجتمعوا في القلب والشكل.

وينفرد لواء حلب الشهباء بمجلس شورى، وهو الأول من نوعه على مستوى الألوية، وقد قرر -في سابقة هي الأولى من نوعها تستعيد معها دروس التاريخ عندما تنازل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش- أن يتم عزل القائد القديم ويعين قائد جديد بعدما أعطى الأول كل ما عنده وأصبحت هناك متطلبات جديدة. 

أبو الصادق القائد القديم للواء حلب الشهباء يقول "تلقيت القرار بصدر رحب، فغايتنا هي الله عز وجل وهمنا هو الجهاد والاستمرار فيه حتى النصر بإذن الله، وسنظل يدا واحدة في كل مراحل العمل".

وأضاف "سأكون جنديا في هذا اللواء أقوم بالدور المطلوب مني بغض النظر عن الموقع".

القائد الجديد
أما أبو صالح القائد الجديد للواء فقال "رشحنا أبو الصادق كقائد للواء منذ البداية، ونجح في بعض المهام وأخفق في البعض الآخر نتيجة مشاغله الكثيرة التي أثرت على إدارته للأمور".

ويقول إن أعضاء مجلس شورى اللواء -الذي يتكون من قائد اللواء ونائبه وقادة الكتائب، إضافة إلى مدير مكتب الإرشاد والتوجيه- "رشحوا الأسماء وتم التصويت عليها واختياري كقائد للواء، وقرر المجلس أن يكون هناك ما يسمى بتجديد الثقة كل شهرين".

وأضاف أبو صالح أن "عملية التسليم والتسلم تمت بروح أخوية، لأننا نعمل من أجل الجهاد في سبيل الله وليس من أجل منصب ولا مغنم".

وأوضح أن خطته للعمل تبدأ "بحل المشاكل الإدارية التي كانت عالقة وتفعيل آلية المحاسبة لعناصرنا التي قد تقع في بعض الأخطاء, وأيضا ترتيب أمور اللواء عسكريا من خلال متابعة عمليات التذخير والتدريب والعمليات العسكرية".

ومن حيث الوضع الإداري يقول أبو صالح "سنرتب الوضع المالي والتنظيمي والإغاثي والتمويني، خاصة بعدما اكتسبنا بعض الخبرات العسكرية في مدرسة الثورة".

أبو محيو الكردي
وفي إطار تلك المدرسة التي لا تعرف العرقيات، التقينا "أبو محيو" وهو كردي الأصل، لكنه انضم إلى لواء حلب الشهباء دون أن يجعل من كرديته عائقا للانضمام إلى الجيش الحر، فهو سوري كما هو كردي.

وعن الأسباب التي جعلته ينضم إلى الثوار قال "كنت أعرف بقصص الظلم التي اقترفها النظام البعثي بحق الشعب السوري عموما وبحق أقارب لي خصوصا سواء من قتل أو سجن، لذلك قررت الانضمام إلى الثورة وهي في بدايتها سلميا، وما زلت حتى اليوم أشارك فيها عسكريا".

وأكد أن الأكراد شاركوا بفاعلية في لواء حلب الشهباء وغيره من الألوية والجبهات والكتائب منذ بداية الثورة، خاصة أن النظام اقترف بحقهم الكثير من الانتهاكات والممارسات التعسفية طوال فترة حكمه وخاصة بعد انتفاضة 2004.

وقال "نحن نطالب بحقوقنا المشروعة في اللغة والهوية في إطار الدولة السورية، ولا نسعى للانفصال، وإن كان هذا لا ينفي وجود فصيل آخر من الأكراد يسعى لذلك".