هل انسدت سبل حوار ألمانيا ومسلميها؟

الدورة الأخيرة لمؤتمرالإسلام انعقدت دون مشاركة أكبر منظمتين لمسلمي ألمانيا . الجزيرة نت
undefined

خالد شمت-برلين

تباين تقييم الحكومة الألمانية ومنظمات ممثلة للمسلمين والأتراك في البلاد لنتائج "مؤتمر الإسلام" الحكومي، الذي أسس ليكون آلية للحوار وتقنين وضع الإسلام ومؤسساته بألمانيا، وتفعيل اندماج المسلمين في المجتمع. ففي حين قال البعض إنه حقق تطورا إيجابيا، رأى آخرون أنه فشل في رسالته.

فقد رفض وزير الداخلية هانز بيتر فريدريش -المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي الحاكم بولاية بافاريا الجنوبية، ووزارته هي الراعية لمؤتمر الإسلام- نقل الإشراف على المؤتمر إلى وزارة جديدة للاندماج، ورأى أن الحوار بين الدولة الألمانية والإسلام حقق "تطورا إيجابيا" عبر المؤتمر.

لكن مسؤولي منظمات إسلامية وتركية وجهوا انتقادات حادة للوزير فريدريش، معتبرين أنه غيّر مسار المؤتمر بإبعاده عن مناقشة القضايا المتعلقة بواقع الأقلية المسلمة، وتركيزه على قضية الأمن ومكافحة الإرهاب كمحور رئيسي.

وتميزت الدورة السنوية الجديدة لمؤتمر الإسلام -التي عقدت الثلاثاء بالعاصمة برلين- بضعف تمثيل الطرفين المشاركين فيها، وطغيان أجواء الخلافات بينهما، وتعد هذه الدورة هي الأخيرة للمؤتمر قبل الانتخابات العامة المقررة الخريف القادم.

وشارك في المؤتمر ممثلون لوزارات ألمانية ومنظمتين إسلاميتين، هما اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية وهيئة الشؤون الدينية التركية (ديتيب) إضافة إلى مجلس الجالية التركية والجالية العلوية.

وزير الداخلية الألماني رفض تنظيم المؤتمر تحت إشراف وزارة غير وزارته
وزير الداخلية الألماني رفض تنظيم المؤتمر تحت إشراف وزارة غير وزارته

انتقادات وردود
وتغيب عن المشاركة في مؤتمر الإسلام هذا العام اثنتان من المنظمات الإسلامية الكبرى، هما المجلس الأعلى للمسلمين والمجلس الإسلامي. ولم يشارك المجلس الأول في المؤتمر للعام الثاني احتجاجا على إخفاقه في تحقيق نجاحات بمعالجة قضايا الأقلية المسلمة المقدرة بأكثر من أربعة ملايين نسمة.

وكانت الداخلية الألمانية قد استبعدت المجلس الإسلامي من المشاركة في المؤتمر بسبب ربطها إياه بمنظمة "ملّي غورش" التركية، وهي منظمة تخضع لمراقبة الاستخبارات الداخلية الألمانية المعروفة باسم هيئة حماية الدستور.

وانتقد رئيسا المجلسيْن المتغيبيْن -في تصريحات للجزيرة نت- المستوى الذي وصل إليه مؤتمر الإسلام الحكومي. وأكد رئيس المجلس الأعلى للمسلمين أيمن مزايك أن المؤتمر أصبح بحاجة ماسة إلى "تغيير جذري" بعد الانتخابات البرلمانية القادمة.

واستغرب مزايك "جعل المؤتمر منتدى لقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب بدلا من مناقشة هذه المواضيع في مؤتمرات متخصصة". بينما شبه رئيس المجلس الإسلامي علي كيزلكايا مؤتمر الإسلام بـ"قطار يسير في الاتجاه الخطأ".

وإلى جانب المجلسين المنسحبيْن، قاطع المؤتمر الكاتبان المسلمان الشهيران فريدون صايم أوغلو -وهو من أصل تركي- ونافيد كرماني ذو الأصل الإيراني. وقال كرماني إن "تحكم الداخلية الألمانية في المؤتمر حوله من حوار إلى إملاءات".

وفي المقابل، رد وزير الداخلية على الانتقادات الموجهة إليه، ونفى تحول قضايا الأمن والإرهاب إلى موضوع أساسي بمؤتمر الإسلام، وقال إن المؤتمر سيهتم بدورته الجديدة بمشاريع "للوقاية من التطرف الإسلامي، ومكافحة العداء للمسلمين، والعداء للسامية، وتقديم الدعم الروحي للمسنين المسلمين بدور الرعاية".

وأيدت أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة بادر بورن حميدة محاججي نفي الوزير تركيز مؤتمر الإسلام على قضيتيْ الأمن ومكافحة الإرهاب. وقالت محاججي -وهي إيرانية الأصل- في حديث للجزيرة نت "إن حديث المنظمات الإسلامية في هذا الجانب أحادي لأن المؤتمر ناقش قضايا أخرى".

كولات دعا لإنهاء المؤتمر لأن استمراره بشكله الحالي غير مجدٍ (الجزيرة)
كولات دعا لإنهاء المؤتمر لأن استمراره بشكله الحالي غير مجدٍ (الجزيرة)

بين تجربتين
ومن جانبه، دعا رئيس مجلس الجالية التركية كنعان كولات إلى إنهاء الشكل الحالي لمؤتمر الإسلام، والاستعاضة عنه بـ"صيغة جديدة" تتيح مشاركة كل المنظمات الممثلة للمسلمين، ومنحها وضعا مساويا للمؤسسات الرسمية الألمانية.

وأشاد كولات -في تصريح للجزيرة نت- بإدارة وزير الداخلية الأسبق فولفغانغ شويبله (وزير المالية الحالي) لمؤتمر الإسلام الذي أسسه عام 2006، وقال "إن شويبله تميز باهتمامه بالجانب الإنساني مع ممثلي المنظمات الإسلامية، وحرصه على المرور عليهم فوق كرسيه المتحرك وتحيتهم فردا فردا، وهو ما لم يفعله خلف الحالي".

ولفت رئيس الجالية التركية إلى أن الوزير فريدريش ألغى المؤتمر الصحفي المشترك الذي سنه شويبله مع كل أعضاء مؤتمر الإسلام.

وتعدت الانتقادات الموجهة لإدارة فريدريش مؤتمرَ الإسلام من المنظمات الإسلامية إلى سياسيين بالأحزاب المعارضة. فقد قال وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى بوريس بيستوريوس المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي إن ما وصل إليه مؤتمر الإسلام بقيادة فريدريش "يجعل التساؤل مشروعا حول جدوى استمرار هذا المؤتمر".

واعتبرت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر ريناتا كونست أن مؤتمر الإسلام أصبح بحاجة إلى "بداية جديدة". بينما دعا مسؤول الاندماج بالحزب الديمقراطي الحر سيركان توران إلى تأسيس وزارة جديدة للاندماج تتولى الإشراف على المؤتمر.

المصدر : الجزيرة