السعودية.. هدوء ودعوات للإصلاح السياسي والحقوقي

epa03532523 (FILE) A file photo dated 19 August 2012 shows Saudi women walking after celebrating Eid al-Fitr prayers, in the courtyard of Prince Turki bin Abdul Aziz mosque in Riyadh, Saudi Arabia. Media reports on 11 January 2013 state that Saudi King Abdullah has for the first time appointed 30 women to the country?s parliament, according to a royal decree carried by the official news agency SPA. The decree gives women a fifth of the Shura Council, which is the formal parliament of the conservative, oil-rich kingdom but has very limited powers. EPA/STR
undefined

ياسر باعامر-جدة
 
عاشت المملكة العربية السعودية عاما هادئا بشكل عام -مع ذلك- برزت ضمن الوضع الداخلي دعوات للإصلاح السياسي والحقوقي تشكلت عبر نشطاء ودعاة إسلاميين بارزين كالداعية المعروف سلمان العودة والناشط الإصلاحي محسن العواجي، اللذين طالبا بضرورة تهيئة البيئة الداخلية للإصلاح، ومكافحة الفساد الإداري والمالي في البلاد، بل والجهر بمعاملة سواسية بين الأمراء والمواطنين.

عنوان آخر يضاف للحراك المحلي في 2013، يتمثل في خطاب رفعه مائتا قاض، إلى ملك البلاد عبد الله بن عبد العزيز، يطالبونه بإقالة وزير العدل الدكتور محمد العيسى، الذي يتهمونه بالإساءة إلى العملية العدلية، حيث يعد ذلك سابقة تاريخية في القضاء السعودي.

 
الإسكان كان من بين القضايا الرئيسية التي نوقشت اجتماعياً بقوة، وبخاصة أن 60% من السعوديين لا يملكون منازل خاصة بهم.
 
كان هاشتاق "#الراتب_ ما_ يكفي_ الحاجة"، أبرز صورة دلالية ركز عليها السعوديون للتعبير عن وضعهم الاقتصادي مقارنة بمداخيل بلادهم النفطية المرتفعة

أما اقتصادياً فيمكن التطرق إلى هاشتاق "#الراتب_ ما_ يكفي_ الحاجة"، كأبرز صورة دلالية ركز عليها السعوديون للتعبير عن وضعهم الاقتصادي مقارنة بمداخيل بلادهم النفطية المرتفعة، وهو الهاشتاق الذي بلغ معدلات قياسية هائلة في تغريدات "تويتر".

على المستوى الخارجي، كانت "التحولات" الجيوسياسية التي واجهتها المملكة العربية السعودية في 2013، أشبه ما تكون بـ"مفاجآت سياسية"، حملت تغييرات من "العيار الثقيل" على حد وصف عدد من التقارير التحليلية التي درست السياق السعودي في إطاراته الإقليمية والدولية.

وأبرز تلك المفاجآت أوالتغيرات السياسية، التي ألقت بظلالها على حيثيات ُصناع القرار في قصر الحكم السعودي، هو تغير بوصلة حليفها الرئيسي والإستراتيجي المتمثل في الولايات المتحدة الأميركية باتجاه منافسها الإقليمي الأبرز الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك حركة التقارب مع الأطراف الغربية بعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية.

وقد أشعل الاتفاق غضب السعوديين على الحليف الأميركي، وهو ما شبهه أحد المحلليين السعوديين بأنه طعنة في الخاصرة السعودية من قبل حليف وثقت به لعقود طويلة منذ أيام اجتماع فبراير/شباط 1945 الذي جمع بين الراحلين المؤسس الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي روز فلت على ظهر المدمرة الأميركية "كوينسي".

تحديات ساخنة
تغير هوية العلاقة السياسية مع الولايات المتحدة، وموازين الوضع الإقليمي المستجد الذي تهب رياحه لصالح إيران، هو ما دفع السعوديين إلى الدخول في حالة من التفكير والتحليل العميق لبناء تصورات جديدة في علاقاتهم الإستراتيجية على مستوى الأمن القومي.

وكان "الدب الروسي" من بين تلك الخيارات المدروسة، وبدا ذلك جليا في أكثر من زيارة قام بها رئيس استخباراتها النافذ الأمير بندر بن سلطان لموسكو في محاولة صياغة العلاقة مع "روسيا بوتين"، لترتيب مستقبلها الإقليمي في ظل بروز الدور الروسي كعنصر فاعل، في منطقة تعد أهم مصادر إنتاج الطاقة عالميا، وذلك من خلال تفاهمهما الثنائي على طريقة ترتيب المنطقة وتقاسم النفوذ مع الأميركيين.

الملف النووي الإيراني كان موضوعا بارزا في العلاقات بين الطرفين (الفرنسية)
الملف النووي الإيراني كان موضوعا بارزا في العلاقات بين الطرفين (الفرنسية)

وشكل بقاء النظام السوري في الحكم رغم الاستئثار السعودي بإدارة ملف الثورة، وإبعاد أطراف إقليمية عنه، أبرز تلك المفاجآت التي لم تتوقعها الرياض، وبخاصة مع بذلها أقصى الإمكانات لنجاح الثورة المسلحة في سوريا.

وهنا يمكن الاستشهاد بما ذكره بروفيسور علم الاجتماع السياسي بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتور خالد الدخيل، حيث قال للجزيرة نت إن "السعودية لم تتوقع أن تستغرق الحرب الدائرة بين النظام السوري والمعارضة المسلحة كل هذه المدة، إذ قاربت الثورة على دخول سنتها الثالثة على التوالي، إضافة إلى تنصل الرئيس أوباما من توجيه ضربة عسكرية للقوات النظامية السورية، تشكل بمجملها تحديا جديا للرياض".

ويضاف إلى تلك الملفات الساخنة، الاعتراف السريع بالانقلاب العسكري الذي نفذه وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي على أول رئيس مدني منتخب وهو الرئيس المعزول محمد مرسي.

يقابل ذلك انتقادات داخلية برزت جلياً وبشكل صريح في "تويتر"، ومن شخصيات لها ثقل معنوي كبير في الاعتراف بالنظام المصري المؤقت والمبالغة في تقديم المساعدات المالية ومحاولة تسويقه إقليميا ودوليا. وتبقى مسألة التمسك بالتحالف مع مصر خط أمان -كما يراه بعض المراقبين- يحميها من فتور العلاقة مع الأتراك.

المصدر : الجزيرة