روسيا تخطط لتعزيز دفاعاتها الإستراتيجية
أشرف رشيد-موسكو
في هذه الأجواء المشحونة، أعلنت موسكو عن برنامج لتعزيز قدراتها الدفاعية، تشمل إدخال أربعين صاروخا بالستيا إلى الخدمة أثناء العام المقبل، جاء ذلك أثناء اجتماع موسع عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مؤخرا مع كبار قادة الجيش.
الخطة الروسية لتطوير القدرات الدفاعية العسكرية لا تقتصر على تعزيز الجيش بصواريخ نووية بعيدة المدى وحسب، فقد أعلن الرئيس الروسي عن تغييرات واسعة تطال مختلف تشكيلات الجيش الروسي.
كما تشتمل الخطة على إدخال غواصتين نوويتين إلى الخدمة، بالإضافة إلى 210 طائرة مقاتلة ومروحية و250 آلية عسكرية لمختلف الأغراض، كما ستضاف إلى المنظومة التابعة لقوات الدفاع الجوي ستة أقمار اصطناعية للأغراض العسكرية، و توسيع نطاق التغطية لمنظومات الإنذار المبكر من وقوع هجمات صاروخية.
ومن المفترض وفق الخطة، أن تصل نسبة المعدات الحربية الحديثة في الجيش إلى نسبة 30 % قبل حلول عام 2015 من إجمالي معدات القوات المسلحة، على أن تصل هذه النسبة إلى 100% خلال ثلاثة أعوام. هذا إلى جانب إعادة تشكيل وحدات الجيش باتجاه زيادة أعداد العسكريين المحترفين.
وستزيد هذه التغييرات من حجم النفقات العسكرية الروسية أثناء الأعوام الثلاثة المقبلة، بنسبة تصل في المتوسط إلى 44% مقارنة مع حجم الإنفاق أثناء عام 2013.
الدرع الصاروخي
وقد عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق عن مخاوف بلاده من انتقال "عدوى الاضطرابات في الشرق الأوسط إلى دول آسيا الوسطى، خصوصا مع اقتراب موعد انسحاب القوات الدولية من أفغانستان العالم المقبل".
وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري الجنرال قنسطنطين سافكوف "إن التحولات الراديكالية الجارية في العالم تجبر روسيا على إعادة بناء قوتها العسكرية، وتعزيز قدراتها الصاروخية الإستراتيجية. وهذا يندرج في إطار حماية الأمن القومي وأمن المنطقة".
أوضح سافكوف في حديثه للجزيرة نت، أن ثمة تصعيدا خطيرا تشهده منطقة الشرق الأوسط، وبات من الملاحظ تزايد الوجود العسكري الأجنبي فيها، "إن لروسيا مصالح مهمة في منطقة الشرق الأوسط وهذا يتطلب أن نكون حاضرين هناك ولو بصورة رمزية، إثباتا لوجودنا".
ويضيف، "ولا يزال الحضور العسكري الروسي في البحر الأبيض المتوسط يقتصر على ثلاث قطع بحرية فقط، بما لا يشكل تهديدا عسكريا حقيقيا، إذا ما قورن بالوجود العسكري الأميركي الذي بلغ ثلاثين قطعة بحرية، وهو حضور يتوسع باستمرار".
وتعتقد موسكو أن مواصلة أميركا بناء درعها الصاروخي في أوروبا، يأتي ضمن محاولاتها تحجيم القدرات الصاروخية الروسية التي بإمكانها الوصول إلى عمق أوروبا والولايات المتحدة.
وهو ما عبر عنه الجنرال سفكوف بقوله "إن مشروع الدرع الصاروخية يثبت سوء نوايا واشنطن، لكن هذا الدرع لن يكون قادرا على اعتراض الصواريخ الروسية التي يتعدى مداها خمسة آلاف كيلومترات، ومن هنا تأتي الحاجة لامتلاك صواريخ نووية متطورة".
أما الخبير في العلاقات الروسية الأميركية ميخائيل ديلياغين، فقد قلل من شأن تصريحات الرئيس بوتن معتبرا "أن هذه التغيرات لا تعني عودة سباق التسلح، ذلك أن الأميركيين يعلمون جيدا أن للأسلحة النووية مدة صلاحية، وبالتالي من الطبيعي إخراج بعض الصواريخ التي بقيت منذ العهد السوفييتي من الخدمة، والاستعاضة عنها بصواريخ جديدة أكثر تطورا".
ويضيف ديلياغين، أن إعلان بوتين لم يلق أية اعتراضات أميركية، "فرغم أن هذه الخطوة تزيد من قدرات روسيا الدفاعية الصاروخية، ولكنها لا تخل بموازين القوى العالمية، ولا تعد خرقا لاتفاقية تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية الموقعة مع الولايات المتحدة".