فرنسا تسعى لاستعادة "مواقع" في أفريقيا
ورأى هؤلاء المحللون أن تلك "الغاية السياسية" لا تتعارض مع الأهداف الإنسانية والأمنية التي حددها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لعملية "الفراشة الحمراء" (سانغاريس) فور الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي.
وقالت الخبيرة في العلاقات الدولية آن جيوديشيلّي إن نشر 1600 جندي فرنسي في أفريقيا الوسطى "يرمي فعلا -كما أعلن المسؤولون الفرنسيون- إلى منع وقوع المزيد من المذابح وحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين".
وفي تصريح للجزيرة نت أشارت إلى أن باريس تتوخى أيضا من حضورها العسكري المساهمة في إنجاح عملية انتقال سياسي تفضي إلى انتخاب مؤسسات حاكمة جديدة في هذا البلد الذي يعيش حالة من الفوضى منذ أن أسقط متمردو تحالف "السيليكا" رئيسه السابق فرانسوا بوزيزي في مارس/آذار الماضي.
استرداد النفوذ
وأضافت جيوديشيلّي التي عملت ثماني سنوات في وزارة الخارجية الفرنسية، أن باريس "حينما تهب لنجدة بلدان أفريقية مهددة في أمنها ووجودها كمالي بالأمس وأفريقيا الوسطى اليوم، فإنها تسعى لإعطاء دفعة جديدة للشراكة الفرنسية الأفريقية".
وأوضحت أن فرنسا تريد استرداد بعض المواقع الاقتصادية والتجارية وحتى السياسية التي خسرتها في القارة السمراء خلال السنوات العشرين الأخيرة، أمام تزايد نفوذ فاعلين دوليين آخرين كالولايات المتحدة والصين والهند والبرازيل.
واستطردت الخبيرة في القضايا الجيوسياسية قائلة إن "شركاء باريس الأوروبيين يقرون بشرعية المبادرة الفرنسية في أفريقيا، وينظرون إلى فرنسا كرأس حربة للنفوذ الأوروبي في مواجهة واشنطن والقوى الدولية الصاعدة لاسيما الآسيوية منها".
ورأت أن التدخل الفرنسي لن يكون"محايدا"، مشيرة إلى أنه "سيغير موازين القوى على الأرض"، لكنها لم تستبعد أن يفضي الحضور العسكري الفرنسي إلى الإطاحة بقائد متمردي "السيليكا" ميشال جوتونديا الذي نصب نفسه في مارس/آذار الماضي رئيسا مؤقتا للبلاد.
وفسرت المحللة السياسية قول الرئيس هولاند بأن قواته ستبقى في أفريقيا الوسطى "طالما كان ذلك ضروريا"، بأنه يمثل "إقرارا بأن مدة الأشهر الستة التي أعلنها المسؤولون الفرنسيون في وقت سابق، قد لا تكون كافية لإنجاز كل أهداف العملية".
مكانة فرنسا
من جانبها، رأت المعلقة السياسية آلبا فانتورا أن العملية الفرنسية ترمي إلى الحفاظ على مكانة فرنسا في أفريقيا، مشيرة إلى أن باريس عاقدة العزم على "استعادة مواقع في قارة فقدت فيها كثيرا من النفوذ".
ولم تستبعد وجود دوافع اقتصادية للعملية، لافتة إلى أن أفريقيا الوسطى تملك ثروات مهمة كالماس والذهب والحديد واليورانيوم.
أما الكاتب النيجري المتخصص في الشؤون الأفريقية صديقي آبا فاستبعد أن تكون لفرنسا مآرب اقتصادية في أفريقيا الوسطى، إلا أنه أكد أن التدخل العسكري لحماية المدنيين في البلاد "يحسن صورة باريس ويقوّي وضعها في مواجهة منافسيها على النفوذ في القارة".
ورأى أن فرنسا سيكون لها دور حاسم في ترتيب أوضاع أفريقيا الوسطى وتنظيم مرحلة انتقالية، مؤكدا أن بقاء قواتها هناك "قد يستمر فعلا أكثر من ستة أشهر لكنه لن يكون أبديا".