كيف ينظر المصريون لمحاكمة مرسي؟
عمر الزواوي-القاهرة
تباينت ردود الفعل في الشارع المصري حيال محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي -التي بدأت أولى جلساتها الاثنين- بين من يراها إحدى نتائج "ثورة" 30 يونيو/حزيران، ومن يعتبرها محاولة من "الانقلاب" لتثبيت الأمر الواقع وإجبار مرسي وأنصاره على التسليم به.
وبين المؤيدين والمعارضين يوجد صنف ثالث من عموم المصريين الذين تم التشويش عليهم من قبل وسائل الإعلام المحلية الموجهة من السلطة الحالية، فأصبحوا في حيرة بين واقع يُظهر معاناة كبيرة لأنصار مرسي من قتل واعتقال وإصابة، وبين ما تبثه وسائل الإعلام من مشاهد تقول إنها لأعمال عنف يقوم بها أنصار مرسي خلال المظاهرات المطالبة بعودته وعودة الشرعية.
ثورية أم هزلية؟
يقول أبو بكر محمد من مؤيدي الانقلاب إن محاكمة مرسي هي محاكمة ثورية لاستكمال ثورة 30 يونيو/حزيران التي ثارت عليه وعزلته من منصبة، ومن ثم فإن المحاكمة على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية ضرورية، بعدما دعا أنصاره للتظاهر تأييدا للإعلان الدستوري الذي أصدره بالمخالفة للدستور والقانون، حسب رأيه.
ويتفق رأفت عباس مع ما قاله محمد حيث يؤكد أن مرسي لم يقم بالدور المطلوب منه كرئيس جمهورية في حماية المتظاهرين الذين قتلوا، شأنه في ذلك شأن الرئيس المخلوع حسني مبارك ولذلك فكما حوكم مبارك لا بد من محاكمة مرسي.
وتؤكد رانيا صابر أن حكم مرسي كان مليئا بالأخطاء التي تسببت في تراجع مصر، والتي يجب محاكمته عليها، وقالت إن أقل ما يجب عمله هو محاكمته على الدماء التي أريقت في ظل رئاسته للجمهورية.
أما أنصار مرسي فيرون أن المحاكمة مسرحية هزلية، فبدلا من أن يحاكم الانقلابيون على جرائمهم، وسفك الدماء التي أريقت في مذابح عدة بحق الرئيس وأنصاره، تجرى محاكمة رئيس منتخب أخُتطف وعُزل رغم شرعيته الشعبية والانتخابية.
ويقول ياسر عثمان إن المحاكمة محاولة يائسة من سلطة الانقلاب لزعزعة مرسي ومن معه عن التمسك بالشرعية، والمطالبة بعودتها، مؤكدا أن ذلك لن يجدي نفعا مع رئيس ثبت رغم كل ما حدث، ومع أنصار لم يتوانوا لحظة عن المطالبة بعودة الشرعية.
ويتفق محمد العباسي مع عثمان حيث يرى أن مرسي هو من سيحاكم هؤلاء الانقلابيين "الذين خانوا قسمهم ورئيسهم ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا آلاف الأبرياء وجرحوا آلافا آخرين واعتقلوا أضعافهم".
ولم تجد عبير صابر ما تقوله إلا "حسبنا الله ونعم الوكيل في سلطة الانقلاب التي تقلب الحقائق فتبرئ القاتل مبارك وتتهم البريء مرسي، ولكن نحن نثق في قدرة الله على إظهار الحق وعودة الشرعية رغم كل ما يحدث ولا يأس من ذلك".
عدالة القضاء
وبين الفريق الذي يراها محاكمة ثورية، والفريق الآخر الذي يعتبرها "مسرحية هزيلة" ثمة فريق ثالث يعتبر أن نزاهة القضاء وعدالته هي الملاذ الأخير لتبرئة مرسي إن كان بريئا، أو إدانته إذا كان مدانا.
وبحسب مراقبين تظل علانية محاكمة مرسي هي الضمانة الأكيدة لإقناع الرأي العام بجدية هذه المحاكمة وما تتضمنه من اتهامات وأدلة إثبات ونفي وما ينتج عنها من أحكام إدانة أو تبرئة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي بشير عبد الفتاح أن طبيعة المحاكمة تفرض ضرورة أن تكون علنية، كونها تتعلق برئيس دولة وليس شخصا عاديا، ومن ثم فيجب أن تكون مذاعة على الهواء مباشرة كما حدث في محاكمة مبارك حتى تكون مقنعة للرأي العام المحلي والدولي، وأن يتمكن الرئيس المعزول من الدفاع عن نفسه سواء بنفسه أو عن طريق محام أو هيئة دفاع يوكلها هو بنفسه.
ويضيف عبد الفتاح للجزيرة نت أن الأجدى هو أن يوكل مرسي محاميا أو هيئة دفاع حتى يتم تقديم الدفوع بشكل قانوني ولا يتكلم بكلام يحسب ضده، ويكون ذريعة لإدانته، خاصة وأنه ربما تكون هناك رغبة ملحة من قبل محاكميه في ألا يتكلم وإن خالفهم ربما يرفعون الجلسة ويعلنون سرية المحاكمة.
ويتفق مدير مركز النزاهة والشفافية شحاتة محمد شحاتة مع عبد الفتاح في ضرورة توافر عدة شروط في المحاكمة لضمان نزاهتها، أولها العلانية ثم تحقيق دفاع المتهم ثم حق المتهم في الانفراد بمحامية والاستماع التام لكافة دفوعه والاطلاع على كافة الأدلة التي يقدمها سواء للنفي أو للإثبات.
ويضيف شحاتة للجزيرة نت أن إذاعة المحاكمة وبثها على الهواء من سلطة هيئة المحكمة وحدها، لكن في قضية مثل هذه لا بد من إعطاء طمأنينة للرأي العام بعدالة المحاكمة من خلال إذاعتها مباشرة وعدم تسجيلها وإعادة إذاعتها، لأنه لو تم التلاعب بالمونتاج فسيكون واضحا وسيثير الرأي العام كله المعارضين لمرسي والمؤيدين له.