جدار بلدة نصبين التركية.. أمن أم سياسة؟

تظهر تواصل أعمال بناء الحائط

undefined

 وسيمة بن صالح-نصبين

لافتات مكتوبة باللغة التركية وأخرى بالكردية تستقبلك عند مدخل بلدة نصبين التركية المحاذية للحدود مع سوريا، ولولا هذه اللافتات لشعر القادم إليها أنها بلدة سورية. وقفزت هذه البلدة إلى دائرة الضوء بعد شروع أنقرة في بناء جدار بينها وبين مدينة القامشلي السورية، مما أشعل مواجهات بين سكان البلدة والشرطة.

معظم سكان البلدة -التابعة لمدينة ماردين جنوب شرق تركيا والتي تبعد نحو 10 كلم عن الحدود السورية- من الأكراد، والبقية أتراك وعرب.

بعد جولة للجزيرة نت في نصبين لم تعثر على أي مؤشر على جو مشحون أو توتر يخيم عليها، ومركزها يشهد حركة مواطنين طبيعية في الأسواق العامة، والإدارات الرسمية والمدارس تعمل بشكل عادي. 

غوكان اتهمت الحكومة بمحاولة تقسيم الأكراد في تركيا وسوريا شعبا وسياسة (الجزيرة نت)
غوكان اتهمت الحكومة بمحاولة تقسيم الأكراد في تركيا وسوريا شعبا وسياسة (الجزيرة نت)

بطلة محلية
"ليس جدارا بل دعاية سياسية بطلتها رئيسة البلدية"، يقول متهكما للجزيرة نت مواطن تركي يدعى أكرم أرسلان.

ويضيف أنه كمعظم سكان البلدة "منزعج" من "تصعيد رئيسة البلدية ومن يدعمها من بعض السياسيين الأكراد وسكان البلدة، وهم أقلية ولا يمثلون رأي سكان البلدة"، وعزا سبب ذلك إلى اقتراب موعد الانتخابات البلدية المقررة في مارس/آذار المقبل، موضحا أن رئيسة البلدية استغلت الأمر لتبدو" كبطلة محلية".

ونفى أرسلان أن يكون الجدار "ممزقا للعائلات في الطرفين السوري والتركي"، وخلص إلى أن أغلبية المواطنين لا يقبلون بأن يؤتى بالعنف والمواجهات إلى المنطقة، ويعتبرون إبرام اتفاقية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني مكسبا لهم لأنها حقنت الدماء وأوقفت دموع الأمهات.

وما وصف بأنه "جدار العار" هو عبارة عن حائط بارتفاع 1.2م على مسافة كيلومتر واحد. وكانت الأعمال فيه لا تزال قائمة عند وصول الجزيرة نت إلى المكان الذي توجد مقابله حديقة عامة ومبان سكنية.

تقسيم الأكراد
وشهد المكان في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، مواجهات بين الشرطة التركية والمحتجين على بناء الجدار. وكانت رئيسة بلدية نصبين عائشة غوكان ضمنهم، وأضربت عن الطعام لمدة أسبوع من أجل إيقاف بنائه.

وتقول غوكان للجزيرة نت إن السلطات التركية بدأت بناء الجدار بدون طلب إذن البلدية، وأنها علمت بالأمر من وسائل الإعلام، متهمة الحكومة "بمحاولة تقسيم الأكراد في تركيا وسوريا، شعبا وسياسة"، في إشارة إلى الحزب الديمقراطي الكردي بسوريا، وحزب السلام والديمقراطية الكردي في تركيا.

لكنها أكدت أن هذه المحاولة "فاشلة" لأنهم لا يعترفون بأي حدود، وهذا الجدار دليل قاطع "للسياسة التمييزية" التي ينتهجها الحزب الحاكم بإبرامه اتفاقية سلام مع أكراد كردستان العراق، في حين يعلن عداءه لأكراد سوريا بإقامة مثل هذه الحواجز.

أمنية وإنسانية
وبينما رفض والي مدينة ماردين التعليق للجزيرة نت عن الموضوع، كان التعليق الرسمي التركي الوحيد بهذا الخصوص هو بيان لوزير الداخلية معمر غولار أثناء احتجاج بعض سكان البلدة ضد الجدار، وجاء فيه أن الجدار يُقام لأسباب "أمنية وإنسانية لحماية أموال وأرواح السكان، خصوصا السوريين الذين يستخدمون المنطقة كممر للعبور إلى الأراضي التركية".

وأضاف أن الألغام المتفجرة ما زالت مزروعة في المنطقة وتشكل تهديدا لحياة كل من يمر منها. أما بخصوص إذن البلدية، فقال "ليس لها سلطة أو علاقة بأي شكل من الأشكال بالجدار الحدودي" الذي اعتبره "استثمارا بحتا للدولة ولا يدخل في مجال استثمارات الخدمات البلدية".

يذكر أن تركيا زرعت بين عامي 1955 و1998 ألغاما في حدودها "لأسباب أمنية"، وفي عام 2003 وقعت اتفاقية أوتاوا التي نصت على إزالة تلك الألغام وتدمير مخزونها وتصميم برامج للوقاية منها بحلول مارس/آذار 2014.

لكن المراقبين يرون أن اندلاع الصراع السوري حال دون تنفيذ المشروع، لهذا طلبت تركيا مهلة إضافية.

المصدر : الجزيرة