ساحة اعتصام الأنبار تتحول ليلا لمجالس ترويحية

معتصمون يجلسون في احدى خيم ساحة الاعتصام ليلا وهم يتبادلون الحديث عن الأنساب وقصص العشائر – الصورة خاصة بالجزيرة نت – تصوير محمود الدرمك
undefined

محمود الدرمك-الأنبار

تحمل ساحة اعتصام الأنبار ليلا طابعا مغايرا لما هي عليه أثناء النهار، لتتحول إلى مجالس للنقاش وحلقات للذكر والتثقيف ومحاضرات دينية ومجالس أدبية وفكرية وفنية تهدف إلى الترويح عن المعتصمين.

وينتهي وقت الهتافات والخطب من على منصة ساحة الاعتصام بعد أذان المغرب، ليذهب جميع المعتصمين بعدها في أوقات راحة داخل السرادق أو خارجه.

وخرج أبناء محافظة الأنبار منذ 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي في مظاهرة حاشدة على الطريق الدولي السريع الرابط بين بغداد والأردن وسوريا، جاعلين منه ساحة للتظاهر، رافعين جملة مطالب أبرزها إطلاق سراح سجينات.

ويوقد بعض المتظاهرين النار خارج المخيمات ويتحلقون حولها، وآخرون يفضلون التحلق حول المواقد النفطية أو الكهربائية داخل السرادق.

وتتفرد كل مجموعة بخصوصية عن غيرها، ومن هذه المجاميع: الإعلامية والدينية والأدبية والفنية والعشائرية وغيرها.

ويرى مسؤول الهيئة الإعلامية لساحة الاعتصام محمد عباس أن الهدف من الاعتصام هو إيصال صوت الجماهير للحكومة، ووجود هذه المجاميع ليلا دليل على سلمية خروجهم ومطالبتهم بنيل حقوقهم.

وقال للجزيرة نت "وجود هذه المجاميع تأكيد على الاعتصام السلمي، ليس بيننا من يحمل السلاح فمطالبنا سلمية كما أن وجود هذه المجاميع يساهم في توفير الحماية للمعتصمين".

ولم يستبعد حصول خروقات أمنية للاعتصام "ربما تحاول جهة ما الإخلال بأمن ساحة الاعتصام، وهذا أمر غير مستبعد الحدوث لذلك يتناوب المعتصمون بالسهر والحماية".

فنانون
المصور الفوتوغرافي رياض بدر يعرض لأصدقائه الفنانين أجمل ما وثق من صور للمتظاهرين، وقال للجزيرة نت "أهتم كثيرا بالتقاط أفضل الصور لما يدور في ساحة الاعتصام كل يوم، ونجتمع نحن مجموعة من الفنانين كل يعرض ما أنجزه من عمل فني طوال اليوم".

ويقول "بيننا رسامون يرسمون لوحات على الورق أو الخشب يرفعها المتظاهرون في الساحة أو تعلق داخل ساحة الاعتصام، منها رسومات كاريكاتورية معبرة"، منوها أن همهم هو التعبير عن غضب الجماهير وكيفية المساهمة في إيصال هذا الغضب من خلال الفن.

معتصمون ينشدون مدائح نبوية داخل إحدى الخيم أثناء الليل(الجزيرة نت)
معتصمون ينشدون مدائح نبوية داخل إحدى الخيم أثناء الليل(الجزيرة نت)

وداخل إحدى الخيم يستمع عدد كبير من المعتصمين الشباب لمواعظ ودروس دينية يقدمها الطالب بكلية الشريعة الشيخ أيمن هذال، الذي قال للجزيرة نت "الكثير من الشباب لا يملكون المعرفة الكافية عن أمور دينهم وحرصت على أن أستغل وجودهم ليلا لأقدم لهم النصح والارشاد".

مبينا أن "الدروس الدينية زادت المعتصمين قوة وصلابة خاصة حين أسرد سير الأنبياء والصحابة، حيث تثبت في نفوسهم العقيدة والعزيمة والإيمان وبذلك يستطيعون الصمود  حتى يحقق الله لنا ما نريد".

أما المتظاهر فراس الجنابي فقال "لا ينفك مجلسنا عن الحديث حول العشائر والأنساب وقصص البادية. بعض الشباب المعتصمون يحملون قدرا كبيرا من الاطلاع على أدأب العشائر بسبب مجالستهم لشيوخ العشائر وأرباب المضافات".

وأضاف "أحيانا نستمع إلى بعض المعتصمين الشباب وهم يغنون أغاني البادية، أو نقيم منقبة نبوية ندعوا إليها بعض المنشدين الدينيين، حيث يقرأ فيها معتصمون قصائد نبوية بأنغام عراقية على أصوات الدفوف".  

مشيرا إلى أن مثل هذه الفعاليات تبقي على روح التضحية متوقدة فينا خاصة أننا نبذل جهدا كبيرا طيلة النهار داخل ساحة الاعتصام، حيث نقوم بواجبات الحراسة وبعضنا يقوم بواجب الخدمة من تهيئة الطعام والتنظيف وغير ذلك".

الشاعر صهيب جبار قال للجزيرة نت "أحرص كثيرا على البقاء ليلا في ساحة الاعتصام. الكثير من القصائد والأهازيج الخاصة بالمظاهرة كتبتها وأنا هنا في ساحة الاعتصام بين أصدقائي الشعراء والأدباء، حيث نجتمع معا حول موقد النار".

وأضاف "ليل ساحة الاعتصام بات ملهمي، وحين أقرأ على المعتصمين في النهار ما كتبته ليلا أرى حب الوطن يتجسد فيهم حيث تتعالى صيحاتهم وهتافاتهم، حينها أقر بداخلي أني قد ساهمت بشيء بسيط في هذا الاعتصام العظيم بإيقاد روح الحماسة داخل المتظاهرين".

المصدر : الجزيرة