صمت القبور يلفّ تفتناز المدمرة

صواريخ طائرات الميغ تلحق دمارا كبيرا ببيوت متجاورة في تفتناز
undefined

محمد بنكاسم-تفتناز

يشعر الداخل إلى مدينة تفتناز الواقعة في ريف إدلب الشمالي وكأنه يتجول في مدينة شهدت حربا حقيقية بين جيشين نظامين مدججين بكافة الأسلحة الثقيلة، فالكثير من البيوت مهدمة وكذا المساجد والمدارس والمحلات التجارية، وفي بعض المناطق تجد مجموعة مبان متجاورة وقد سويت بالأرض أو لحقها دمار كبير جراء صواريخ الطيران الحربي أو البراميل الفراغية.

لا أثر للحياة البشرية إلا من بعض المقاتلين أو الرجال الذين يمرون مسرعين على متن عرباتهم أو دراجاتهم النارية. سكون رهيب يلف تفتناز التي تعرضت لقصف عنيف من الجيش النظامي السوري، واقتحامات عديدة خلال السنة الماضية تمت خلالها إعدامات ميدانية وعمليات إحراق لعشرات المنازل، وهو ما تجد آثاره ظاهرة في جدران العديد منها.

وحتى سكان المدينة الذين أعادوا صباغة المنازل المحترقة لم يهنئوا بها، حيث دمرت بالقصف بواسطة المدفعية والطيران الحربي والمروحيات ولا سيما أن المدينة لا تبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن مطار تفتناز العسكري، الذي سقط في يد كتائب الثوار في الحادي عشر من الشهر الجاري.

‪مسجد الحسين بتفتناز صار راكما‬ (الجزيرة)
‪مسجد الحسين بتفتناز صار راكما‬ (الجزيرة)

أطلال مسجد
من المساجد التي دمرت بالكامل مسجد الحسين الذي لم يتبق منه سوى جزء من المحراب، ويقع في حارة بيت غزال وهي الأقرب لمطار تفتناز وبالتالي نالت نصيبا كبيرا من القصف والتدمير، حسب ما يقول عبد السلام غزال وهو شاب صادفنه في الحارة وهو يوثق بالفيديو مشاهد الدمار، كما أنه ناشط في لواء الحق الذي ينتشر عناصر منه في المدينة.

ومن أصل 120 شخصا قضوا نحبهم جراء قصف القوات النظامية والإعدامات الميدانية كان قرابة 65 منهم من آل غزال، وهو ما يفسره عبد السلام قائلا "أسرتنا معروفة بانتمائها إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والنظام يكن لها العداء من عقود".

لم يعد يقطن في تفتناز أي أحد من سكانها البالغ عددهم 20 ألف نسمة، فقد نزح الجميع مكرهين إلى القرى المجاورة الأكثر أمنا مثل الدانا ومعرة نعسان وأطمة، وبعضهم لجأ إلى داخل تركيا، وكانت آخر أسرة غادرت المدينة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

‪القصف شمل مختلف مرافق المدينة ومنها المدراس‬  (الجزيرة)
‪القصف شمل مختلف مرافق المدينة ومنها المدراس‬ (الجزيرة)

مدرسة مهدمة
انتقلنا إلى مدرسة ثانوية غير بعيدة عن مسجد الحسين فكان المشهد مماثلا، أسوار مهدمة وجدران مدمرة واللون الرمادي -لون الركام- سيد المكان بامتياز، كما تجد الكثير من طلقات رشاشات المروحيات تملأ جانبا من فناء المدرسة وبجوارها حائط لا يزال قائما وقد كتبت عليه عبارة "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الخائن بشار".

بمجرد الدخول من باب المدرسة أو ما يشبه الباب تجد كتابا ملقى على الأرض خاصا بتدوين بيانات الحالة الصحية للطالب من سلامة حواسه والأعضاء والنطق وغيرها.

فأي إجابة يمكن تدوينها وقد دمرت مدينة كانت تضج بالحياة ومدراس كانت قبلة لطلاب يأملون في مستقبل أفضل فإذا بهم الآن بلا مساكن ولا يجدون المقومات الأساسية للحياة من مأكل وملبس إلا بشق الأنفس.

قبل مغادرة الجزيرة نت تفتناز صادفنا شابا ينقل أمتعة من شاحنة مهترئة إلى داخل أحد المنازل، سألنا عن سبب وجوده هنا رغم استمرار الخطر والوضع المأساوي للمدينة، فقال إنه عائد إلى منزله لأنه لم يطله الدمار، ورغم أن المدينة لا تزال معرضة للقصف فإنه لا يخشاه لأنه اعتاده، وربما كانت سيطرة الثوار على مطار تفتناز قبل أسبوع عاملا مشجعا على عودة بعض العائلات إلى منازلها.

المصدر : الجزيرة