مواقع التواصل تغذي العنف بليبيا

نموذج من موقع فيسبوك لصفحة تطالب بإسقاط رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل،والتعليق كالتالي: فيسبوك تحول إلى موقع تصفية حسابات سياسية بين الليبيين ( الجزيرة نت).
undefined

خالد المهير- طرابلس

سب وشتم وقذف وتهديد ووعيد يشمل الأشخاص والمناطق والمدن بليبيا، ذلك ما تحفل به صفحات الليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنك في ليبيا في واقعها اليومي المفعم بالشجارات والخلافات.

وحتى التيارات السياسية الإسلامية والليبرالية لم تسلم هي الأخرى من تلك التصرفات "الافتراضية" في مشهد يوحي بحجم وطأة الخلافات السياسية والفكرية الدائرة الآن في ليبيا.

برقة وطرابلس
وفي الشهور الأخيرة انتشرت على مواقع التواصل الشتائم بين برقة في الشرق وطرابلس، وتحولت في ظل التغذية اليومية إلى ساحة تصفية حسابات سياسية وتاريخية، حيث استدعت الأولى "تاريخها السياسي والاجتماعي وقدرتها على الحكم الذاتي وفخرها بإسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في غضون أربعة أيام"، بينما "بقيت طرابلس تحت حكمه" حتى أغسطس/آب 2011.

ولم يدخر الليبيون جهدا في استخدام مختلف أشكال العبارات والرسوم الساخرة والتلويح باستخدام القوة ضد المدن التي تطالب بالنظام الفدرالي، ومن ذلك تصوير طائرة تحلق في سماء الإقليم وتلقي القنابل عليه.

وما إن هدأت برقة وطرابلس حتى اشتعلت الصفحات من جديد بالتراشق بين التيارات الإسلامية وتحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل.

وخرجت إلى حيز الصفحات المعلومات الشخصية والمكايد السياسية والشائعات والأخبار الملفقة التي أربكت المشهد الليبي العام.

شفيق ليبيا
وبينما تصف صفحات الإسلاميين جبريل بأنه علماني وليبرالي وأنه "شفيق ليبيا"، ترد صفحات الأخير بأن معارضيه كانوا يوما ما "في جلباب سيف الإسلام القذافي".

ويتخلل الرد مساحة واسعة من كيل الشتائم واستدعاء الصور التاريخية من مواقع البحث على الإنترنت والمقابلات الصحفية والتصريحات إبان عهد القذافي.

‪التهكم والسخرية وسب الجهات المناوئة حفلت به المواقع الليبلة‬  (الجزيرة نت)
‪التهكم والسخرية وسب الجهات المناوئة حفلت به المواقع الليبلة‬  (الجزيرة نت)

الشرارة الأولى
وترد مستخدمة لصفحة شخصية أطلقت عليها "بنغازية برقاوية" على تساؤلات للجزيرة نت بقولها إن الخطورة الآن في رجوع الليبيين إلى مضارب قبائلهم ومدنهم "كل يشكر قبيلته ومدينته" وهذا يخلق نوعا من الحساسية المفرطة كما وقع بين بنغازي والبيضاء بشأن من أطلق "الشرارة الأولى" للثورة التي أطاحت بالقذافي.

ولاحظت الأكاديمية خديجة بن صالح عند رجوع خدمات الإنترنت انتشار الصفحات التي تحمل أسماء المدن الليبية والقبائل وتجمعات الثوار وبعض الشهداء أو الشخصيات التي يعتبرها الشعب الليبي رموزا له ولثورته.

وصرحت للجزيرة نت قائلة إن كل ذلك يدخل في إطار "العادي والمتوقع"، وتشير إلى أنها حاولت التفاعل مع تلك الصفحات بداية ظناً منها أنها ستكون على اطلاع على كل ما يحدث في تلك المدن التي تقول إنها تتعاطف معها، لكنها اكتشفت في النهاية كما تقول أنها دخلت في صراع سب وشتم وطعن بالخيانة وعدم الوطنية والسخرية اللاذعة.

اغتيالات وخطف
ويأسف طارق عميش، وهو موظف ليبي، أن يتحول صاحب الفضل الكبير (مواقع التواصل) في دعم الثورة الليبية إلى وسيلة تأثير خطيرة في حالة الفوضى والاغتيالات والخطف والفتنة بين المدن.

وقال في حديثه للجزيرة نت إن الكثير من "المندسين" ممن يعتبرون أنفسهم من الثوار وأنصار الثورة هم من يقومون بالرد على أصحاب الرؤى الوطنية و"تساعدهم كثيرا من الصفحات المشبوهة" التي تستغل طيبة الشعب الليبي وتصديقه لكل ما يقال.

وتتفق آراء المستخدمين آمال الهنقاري وسامي الشامس وعبد الوهاب مليطان على أن العنف الافتراضي خطر كبير على البنية السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية مع وجود سيل من مستخدمي فيسبوك بنحو 600 ألف ليبي وليبية، مؤكدين أن أطرافا عديدة وراء التغذية اليومية للروايات الجهوية والتشكيك وخطاب التخوين لاستمرار دوامة العنف بليبيا.

لكن مليطان يعول في تصريح للجزيرة نت على النخبة المثقفة والمتعلمة التي يقع عليها العبء الأكبر في محاربة هذه الظاهرة "المقيتة" التي تفشت بشكل كبير في ليبيا وانتقلت من مجرد عبارات على فيسبوك إلى "واقع".

وتعتبر ليبيا العاشرة عربيا والـ94 عالميا بعدد مستخدمي فيسبوك. ووصل عدد مستخدمي الموقع من الليبيين إلى 598 ألفا و 598 حسب موقع socialbakers أي قرابة 9.07% من عدد السكان.

المصدر : الجزيرة