وثيقة البديل الديمقراطي السودانية

A supporter from Sudan's main opposition parties signs a document requesting for democratic alternatives to the one-party rule at the Democratic Unity Party headquarters in Omdurman July 4, 2012. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah (SUDAN - Tags: POLITICS)
undefined

وقع قادة أحزاب المعارضة السودانية وقوى المجتمع المدني وثيقة سموها "وثيقة البديل الديمقراطي" يضعون فيها الأسس الأولية لما سموها "المرحلة الانتقالية"، داعين إلى تكاتف الجهود "لإسقاط النظام" الحالي. وفي ما يلي نص الوثيقة:

بسم الله الرحمن الرحيم

وثيقة البديل الديمقراطي

البـرنامـج
من منطلق الإدراك العميق للمرحلة التي تمر بها بلادنا وحساسيتها التي تتطلب من الجميع أقصى درجات المسؤولية الوطنية تجاه تطورات الأحداث في البلاد، وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، فإن بلادنا اليوم تسرع الخطى نحو الهاوية تدفعها سياسات الفساد والاستبداد والظلم الاجتماعي، وبث العصبية العنصرية وزعزعة التعايش الديني والسلام الاجتماعي والانهيار الاقتصادي وإصرار النظام على فرض أحادية سياسية وثقافية في مجتمع تعددي، الشيء الذي أدى إلى إهدار كرامة المواطن والوطن.

إن جملة هذه السياسات أدت إلى انفصال الجنوب وإشعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي، ودفعت البلاد نحو حرب تنذر بالاتساع مع دولة الجنوب، وعليه فإن الواقع الجديد يضع الجميع أمام مسؤولية وطنية كبرى لا بد من مواجهتها بما تستحق من استعداد نضالي وجهد وطني صادق، لإحداث اختراق حقيقي في المشهد السياسي، يوقف نذر الحرب أولا ولتحقيق تطلعات جماهير شعبنا المسحوقة بالفقر والمعاناة من أجل بديل ديمقراطي، لتبتدر معركتها من أجل التغيير الشامل بكل الوسائل السياسية والجماهيرية السلمية.

نحن قوى الإجماع الوطني إذ نؤكد حرصنا على التغيير السلمي الديمقراطي الذي يستلهم تقاليد شعبنا المجربة في مواجهة الدكتاتوريات ومن موقع المسؤولية الوطنية، نتقدم بهذا البرنامج إلى كافة جماهير شعبنا وقواه السياسية والمدنية والاجتماعية بكافة قطاعاته التقليدية والحديثة، في الريف والحضر الملتزمة بالنضال من أجل التغيير، وفك الارتباط بين الدولة والحزب الحاكم، وضمان استقلال القضاء وسيادة حكم القانون، وذلك لضمان الحفاظ على كيان الدولة السودانية من شر التمزق والتفتت، ولا ينقذ البلاد من حالة التردي والفشل والخضوع للوصاية الدولية إلا عزيمة أهلها وكافة قواها الوطنية بإرادتهم الحرة وتكاتفهم من أجل إقامة بديل ديمقراطي يرتكز على مشروع وطني مجمع عليه.

وذلك وفق المبادئ التالية:

أولا:

الفترة الانتقالية يحكمها إعلان دستوري تبدأ بتشكيل الحكومة الانتقالية وتنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ثانيا:
تدير البلاد خلال الفترة الانتقالية حكومة انتقالية تشارك فيها كل القوى السياسية والفصائل الملتزمة والموقعة على برنامج ووثيقة البديل الديمقراطي مع مراعاة تمثيل النساء والمجتمع المدني والحركات الشبابية والشخصيات الديمقراطية المستقلة وتلتزم الحكومة الانتقالية بالآتي:

1- إعلان وقف إطلاق النار في كل جبهات القتال وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسيا، واعتماد الحوار والتفاوض لحل النزاعات القائمة.

2- التقيد، قانونا وممارسة، بالتعددية الفكرية والسياسية والدينية وباحترام واقع التعدد الثقافي والاجتماعي لمكونات شعبنا.

3- كفالة حرية الأديان والعبادة مع الالتزام بعدم استغلال الدين في الصراع السياسي أو الحزبي لضمان الاستقرار والسلام الاجتماعي.

السودان شهد عدة مظاهرات في الأيام الأخيرة احتجاجا على غلاء المعيشة
السودان شهد عدة مظاهرات في الأيام الأخيرة احتجاجا على غلاء المعيشة

4- مراجعة نظام الحكم الاتحادي الراهن، وإعادة هيكلة الدولة بما يراعي مبادئ ديمقراطية حقيقية ويضمن لكل المناطق حقوقها في السلطة والثروة وعدالة توزيع فرص التنمية والخدمات وفي التعبير عن مكوناتها الثقافية وتأسيس نظام حكم انتقالي توافقي.

5- إعادة توطين النازحين واللاجئين في مناطقهم وضمان تعويضهم العادل، وتوفير مقومات العيش الكريم لهم.

6- الالتزام بتطبيق مبدأ قومية وحياد مؤسسات الخدمة المدنية والقوات النظامية.

7- استقلال القضاء وكافة الأجهزة العدلية وأجهزة تطبيق القانون.

8- قومية الأجهزة الإعلامية، واستقلال الجامعات وحرية البحث العلمي.

9- استقلال البنك المركزي وإعادة بناء جهاز الدولة، بتعيين شخصيات مهنية وقومية لقيادة مؤسسات الخدمة المدنية والقوات النظامية وفقا لمعايير الكفاءة وحقوق المواطنة والتوازن في مشاركة أهل السودان، مع إعادة المفصولين تعسفيا للخدمة أو توفيق أوضاعهم بجبر الضرر الذي حاق بهم وبأسرهم.

10- تنظيم مؤتمرات نوعية متخصصة تضم القوى السياسية والمجتمع المدني والخبراء حول الاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة والبيئة … إلخ، والخروج منها بتوصيات وبرامج مفصلة للفترة الانتقالية.

11- إجراء إحصاء سكاني شامل ليكون أساسا للتنمية والخدمات ولإجراء انتخابات نزيهة وعادلة.

12- محاكمة كل منتهكي حقوق الإنسان والفاسدين ومبددي المال العام، وتعويض الضحايا ماديا ومعنويا، مع إعلاء قيم الحقيقة والمصالحة وفق مبادئ ونظم العدالة الانتقالية.

13- إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات, والتي تتعارض مع المواثيق والعهود الدولية المعنية بحقوق الإنسان وسن قوانين بديلة تتفق مع هذه المواثيق والعهود.

14- تمكين النساء سياسيا واقتصاديا وفي كافة مجالات الحياة, ومراجعة كافة القوانين وعلى رأسها قانونا النظام العام والأحوال الشخصية بما يحقق كرامة المرأة ويدعم دورها في الحياة، مع ضمان مساواة النساء بالرجال في الكرامة الإنسانية والحقوق.

15- عقد المؤتمر القومي الدستوري.

16- إجراء إصلاح اقتصادي يراعي الأبعاد الاجتماعية، ويضع حدا للفساد ولهدر وتبديد الموارد في الإنفاق السياسي والأمني، ويضمن أولوية الصرف على الصحة والتعليم ومياه الشرب النظيفة والإسكان والرعاية الاجتماعية، ويولي عناية قصوى لتصفية آثار الحرب في المناطق المتضررة بما يحقق التنمية المتوازنة، ولتوظيف الشباب العاطلين، خصوصا خريجي الجامعات والمعاهد العليا.

17- الاهتمام بالثروة الحيوانية وتوظيف موارد مقدرة للزراعة بقطاعيها التقليدي والمروي وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة.

18- اعتماد نصوص قانونية وآلية دستورية لضمان عدالة توزيع الدخل القومي بما يحقق التنمية المتوازنة اجتماعيا وجهويا وتوفير الخدمات وفقا لمعيار عدد السكان ومعدل الفقر ومستوى التنمية في الإقليم.

19- إعداد وصياغة مشروع قانون انتخابات ديمقراطي متفق عليه بمشاركة كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يقوم على قاعدتي التمثيل النسبي والفردي ليحكم وينظم انتخابات حرة ونزيهة في كل المستويات.

20- انتهاج سياسة خارجية متوازنة ومستقلة تخدم المصالح العليا الاقتصادية والسياسية، وتحقق الأمن القومي للبلاد، وتعمل على إنهاء المواجهة القائمة بين السودان والمجتمع الدولي، واستبدالها بالتعاون وفق مبادئ وأحكام القانون الدولي وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين لتعود للسودان مكانته، عربيا وأفريقيا ودوليا.

21- قضية دارفور: الاستجابة لمطالب أهل دارفور المشروعة، وهي:

أ- المشاركة في كل مستويات الحكم من خلال المشاركة العادلة لكل أقاليم البلاد وفي كل مستويات الحكم.

ب‌ – تعويض النازحين واللاجئين فرديا وجماعيا وحقهم في ضمان العودة الآمنة لأراضيهم أو تعويضهم بأماكن يتم التوافق عليها.

ج – الإقرار بحق أهل دارفور المشروع في السلطة والثروة بنسبة السكان.

د – المساءلة عما ارتكب في دارفور وغيرها من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

مشهد من إحدى المظاهرات التي خرجت في السودان (الجزيرة)
مشهد من إحدى المظاهرات التي خرجت في السودان (الجزيرة)

22- قضية أبيي: التمسك بآلية التفاوض السلمي لحل قضية أبيى وكل المناطق الحدودية مع الجنوب، على أن يشمل ذلك التفاوض زعماء قبائل المنطقة واستفتاء ساكنيها، من أجل إنجاز استحقاقات سياسية وأمنية تتم تسويتها عبر التفاوض السلمي بما يضع حدا للاقتتال ويصون المصالح المشتركة للمواطنين.

23- قضية جنوب كردفان والنيل الأزرق: الاستجابة للمطالب المشروعة لمواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق, السياسية والخدمية والتنموية، والتوافق على مشاركتهم في الحكم، وعلى أساس اتفاق سياسي وأمني يضع حدا للاقتتال.

24- العلاقة مع دولة جنوب السودان: إبرام اتفاقية بين السودان ودولة جنوب السودان على أساس المصالح المشتركة والعلاقات التاريخية مدخلا لحل المشاكل العالقة بما يضمن علاقة تكامل اقتصادي واجتماعي خاصة في مجال المياه والمراعي والبترول والتجارة والالتزام بحدود مرنة ومعالجة قضايا الجنسية المزدوجة وكفالة الحريات الأربع وإقامة آليات مشتركة بين البلدين على كل المستويات للتعاون والتنسيق، الأمر الذي يفتح الباب مستقبلا لاستعادة الوحدة على أسس جديدة.

ثالثا: الوسائل
اتخاذ النضال السياسي الجماهيري السلمي بكافة أشكاله (الإضراب، التظاهر السلمي, الاعتصام, العصيان المدني, الانتفاضة، وكافة أساليب الثورة الشعبية) من أجل إسقاط النظام ولتحقيق الانتقال من الوضع السياسي الراهن في البلاد إلى وضع ديمقراطي عبر فترة انتقالية يحكمها برنامج البديل الديمقراطي.

ونحن إذ نعزم على معالجة مشاكل بلادنا بهذا البرنامج القائم على الحل الوطني, نتطلع أن يتضامن معه الأشقاء والأسرة الدولية بالدعم عبر إجراءات عاجلة، أهمها: إلغاء العقوبات، وإعفاء الدين الخارجي، والدعم التنموي للسلام والتحول الديمقراطي في السودان والدعم المستحق وفقا للاتفاقيات الدولية.

نلتزم نحن الموقعين على هذا البرنامج باعتماد النضال الديمقراطي السلمي والسياسي الجماهيري لإنفاذه، ولا ندعي سوى أنها عناوين الأمل ومعالم المستقبل المنتظر المعبرة عن ضمير الشعب وخياره الديمقراطي من أجل بديل ديمقراطي مستقل يحقق المشاركة الأوسع لجميع السودانيين في السلطة والثروة على أساس المساواة الكاملة، وعلى قاعدة الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، نطرح هذ البرنامج لكل أهل السودان وبمختلف مكوناتهم وقواهم للإسهام وإبداء الرأي والتوقيع.

وإدراكا منا أن التغيير الجذري والشامل لا يمكن إحداثه دون جهد سياسي ونضال جماهيري وفي كافة الميادين، نعلن نحن الموقعين أدناه التزامنا المبدئي والأخلاقي بنص وروح بنود هذا الميثاق حشدا لطاقات أبناء وبنات شعبنا نحو تخطي الأزمة الوطنية الراهنة من أجل بديل ديمقراطي يعبر عن تطلعات شعبنا في حياة حرة كريمة آمنة ومستقرة، وبما يؤمن وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها ويحقق السلام العادل والشامل والحرية والمساواة.

المصدر : الجزيرة