انتخابات الجزائر .. الخوف ورغبة التغيير
وتأتي انتخابات الجزائر التشريعية في ظرف عربي خاص، عرف ثورات أطاحت إلى الشرق من هذا البلد بثلاثة رؤساء، وحراكا إلى الغرب منه سمح للإسلاميين بتشكيل حكومة لأول مرة في تاريخ المغرب.
لكن الجزائر لم تعرف مظاهرات كبيرة ضد النظام، ولم يخرج في مسيرات في العاصمة دعت إليها أحزاب من المعارضة وبعض من منظمات المجتمع المدني إلا بضعة مئات من الأشخاص.
ورغم أن الاحتجاجات تزايدت بشكل كبير في الجزائر عام 2011، فإنها كانت ذات طابع اجتماعي بالأساس، وتصدت لها السلطات بحزمة من التحفيزات.
لكن بعض التشكيلات السياسية شككت في الضمانات. ويبدو هذا التشكيك جليا أيضا لدى بعض الجزائريين كما تظهره تعليقات منشورة على موقع الجزيرة نت.
الاقتراع عرض مسرحي يشارك بإعداده مبدعون بفن الفساد والإفساد ينتهي بجوائز.. يستمر توزيعها لمدة غير محددة |
عرض مسرحي
فأبو رعد يتحدث عن "بوادر تزوير ظاهرة حتى للأعمى"، بينما يرى إسماعيل أن هذه الانتخابات مثلها مثل الانتخابات السابقة "لن تغير شيئا في الواقع الجزائري ما دام الحكم بيد مجموعة من الجنرالات".
وفضل معلقون آخرون اعتماد أسلوب السخرية مثل "الجزائرية الحرة" التي تحدثت عن مسرحية بعنوان "فن الفساد" حيث "جميعُ الجزائريين مدعوون لحضور هذا العرض المسرحي المشارك في إعداده مبدعون في فن الفساد والإفساد"، والذي "ينتهي بجوائز توزع محاصصة بين معدي العرض ويستمر توزيعها لمدة غير محددة".
لكن بعض المعلقين يرون أن التزوير إن حصل فلن يكون كسابقه، كون النظام اعتبر مما حدث في بعض الدول العربية.
يؤكد خالد مثلا أن "الانتخابات لن تكون مزورة هذه المرة لكنها ستكون مميعة، لأن السلطة فهمت الظرف التي تمر به المنطقة العربية والعالم، لهذا سارعت لاعتماد عشرات الأحزاب الموالية لها، أغرقت بها الساحة حتى تميع النتائج".
ويقول معلق آخر وصف نفسه بمختص في علم التزوير "لن يكون هناك تزوير كما قال بوتفليقة، ولكن سيكون (هناك) تزوير مقنن وسيشهد عليه المراقبون العرب والعجم".
دعونا وشأننا
وتحيل تعليقات أخرى إلى خوف مستحكم لدى بعض الجزائريين من أن ينزلق البلد إلى الحرب الأهلية، التي اندلعت بعد إلغاء الجيش تشريعيات فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1991، ليسقط في الصراع بينه وبين الجماعات الإسلامية المسلحة بين مائة ومائتي ألف قتيل.
ويدعو بعض هؤلاء إلى المشاركة في الاقتراع حتى وهو مقتنع بـ "فساد" النظام، لأن مجرد التصويت يفوّت الفرصة على من يراهم يتآمرون على البلد، فـ "نحن شعب فهمنا معنا المؤامرة.. لذا نحن راضون بجميع النتائج" كما قال معلق لم يذكر اسمه، في حين يؤكد معلق آخر اسمه ابن الجود مشاركته قائلا "نعم سأنتخب نعم، سأنتخب نعم، سأنتخب.. لا عزاء للمتفرجين".
هل هذا الربيع مخصص للجمهوريات فقط؟ |
ويثنّي معلق اسمه فيصل على هذا الكلام بقوله "نحن راضون بجميع النتائج، فنرجو من الدخلاء أن يلتزموا حدودهم وأن يبتعدوا عن الجزائر". أما صالح فيقول إنه ضد المقاطعة لأنها "لا تفيد بل بالعكس ستمنح الفرصة لأنصار النظام الفاسد في البقاء، لذلك أدعو الشعب للذهاب بقوة لصناديق الاقتراع وتوجيه صفعة قوية لكل رموز الفساد".
وتحيل تعليقات أخرى إلى الخوف من التدخل الأجنبي، وتتساءل لم "يُراد" للحراك ألا يشمل إلا بعض الدول العربية.
هل "هذا الربيع مخصص للجمهوريات فقط؟"، تسأل مريم، ويثنّي جمال على سؤالها بقوله: "هذا ما اخترتموه عن الجزائر وتشريعياتها، فماذا عن انتخاباتكم؟ أم أنكم معفيون منها إلى أجل غير مسمى؟"، قبل أن يخاطب هؤلاء بقوله : "دعونا وشأننا".
ويؤكد معلق آخر اسمه رياض أن الجزائريين يؤمنون بأن "الحل لأزماتنا لن يأتي من الخارج، ولهذا سنبقى نصارع مشاكلنا الداخلية داخليا. لا نريد تدخلا أجنبيا ولا حتى عربيا".
آخرون يرون في مجرد متابعة التغطية أجندة مخفية، ودليل ذلك كلمة "الثورات العربية" التي وردت في بعض أجزاء التغطية، كما يرى معلق اسمه صالح يقول: "كاتب هذا المقال مستعجل علينا.. لدرجة أنه لم يصبر حتى السطر الثاني أو الثالث ليطفو علينا بمكنونه".