الاتحاد الخليجي.. تحديات إيران والربيع العربي

In a handout picture released by the official Saudi Press Agency (SPA), Gulf Cooperation Council (GCC) leaders and officials pose for a group picture on the sidelines of a summit meeting in the Saudi capital Riyadh on May 14, 2012. Gulf leaders gathered in the desert kingdom to discuss developing their six-nation council into a union, a Saudi proposal likely to start with the kingdom and unrest-hit Bahrain. From L to R: Saudi Crown Prince Nayef bin Abdul Aziz, Kuwaiti Emir Sheikh Sabah al-Ahmad al-Sabah, Qatar's Emir Sheikh Hamad bin Khalifa al-Thani, Omani Deputy Prime Minister Fahd Bin Mahmud al-Said, Saudi Arabia's King Abdullah bin Abdul Aziz, his Bahraini counterpart King Hamad bin Issa al-Khalifa and Emirati Vice President and ruler of Dubai, Sheikh Mohammed bin Rashid al-Maktoum. AFP
undefined

إلياس تملالي
 

لم يرد اسم إيران في مشروع الاتحاد الذي تدارسه قادة مجلس التعاون الخليجي هذا الأسبوع بالرياض واتخذوا قرارا بتأجيل بحثه، ومع ذلك كان التحسس الإيراني واضحا، مثلما كان واضحا التحمس البحريني للفكرة.

وجاء مشروع الاتحاد في وقت زاد فيه التوتر مع إيران، في ملفات بينها الملف النووي والجزر الإماراتية المحتلة واحتجاجات البحرين.

ويقول مدير مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي في اتصال مع الجزيرة نت إن إيران كانت محركا أساسيا لقرار الانتقال إلى الاتحاد، الذي سيحسن ميزان القوة البشرية والعسكرية في مواجهة هذا البلد.

مقاربات مختلفة
لم تكن مواقف دول الخليج من إيران دائما محل تطابق، فبينما ظل التوتر سمة العلاقات الإيرانية الإماراتية، احتفظت دول كقطر بقنوات الحوار مفتوحة، وفضلت أخرى كعمان سياسة أقرب إلى العزلة الاختيارية.

لكن قهوجي يذكّر بأن هناك تراجعا عاما في العلاقات الخليجية الإيرانية، فقد فترت العلاقات القطرية الإيرانية، كما تتحفظ الكويت على المواقف الإيرانية، وحتى عمان التي تنأى بنفسها عن الجدل عادة، تصطف مع الجيران الخليجيين.

‪‬ قهوجي: بعض الدول تتحسس من تقلص سيادتها أمام الدور السعودي(الجزيرة-أرشيف)
‪‬ قهوجي: بعض الدول تتحسس من تقلص سيادتها أمام الدور السعودي(الجزيرة-أرشيف)

ويقر قهوجي مع ذلك بأن اختلاف المقاربات نحو إيران والسياسات الخارجية عموما أحد الأسباب التي جعلت المجلس يؤجل دراسة مشروع الاتحاد.

ومنذ إنشائه عام 1981 (أي بعد عامين من انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية)، ظلت السعودية (أكبر بلدان التكتل مساحة وسكانا واقتصادا) المحرك الرئيسي لمجلس التعاون، الذي يضم أيضا الكويت وقطر وعمان والإمارات والبحرين.

مسائل السيادة
وبدا واضحا تحسس بعض الدول من دور أكبر للمملكة السعودية.

لم يرد ذلك في بيانات رسمية، لكن صحيفة "ذي ناشنول" الإماراتية -التي تعبر عادة عن وجهة نظر الأسرة الحاكمة- تحدثت صراحة في افتتاحية لها عن هذا التخوف فـ"الاندماج الأعمق محل ترحيب لكن ليس على حساب فقدان الدولة تأثيرها الخاص".

وغابت عن لقاء الرياض قيادتا الإمارات وعمان، وهما بلدان انسحبا في 2006 من مشروع عملة خليجية موحدة، كانت ستشمل إنشاء بنك مركزي مقره الرياض.

يقول قهوجي إن العامل النفسي موجود، وإن بعض الدول لها أولوياتها وتخشى على سيادتها، حتى إن لم يتضح بعد شكل الاتحاد القادم: فهل سيكون وحدة تامة، أم اتحادا فدراليا على الطريقة الأوروبية، ولذا أقرت الدول الأعضاء –يضيف قهوجي- مبدئيا الفكرة مع إتاحة مزيد من الوقت للمشروع بما يسمح بتعزيز الثقة فيه.

البحرين والسعودية
لكن بعض المحللين يرون أن السعودية والبحرين أكثر اهتماما بالمشروع من بقية الدول، فالبحرين تواجه منذ 15 شهرا احتجاجات نظمتها المعارضة الشيعية، وقادت الرياض الجهد العسكري الخليجي لاحتوائها.

يقول غاري سيك أستاذ سياسيات الشرق بجامعة كولومبيا لرويترز: "يمكن للجميع أن يقول إنه يقر الفكرة مبدئيا، لكنني أراها جذابة بشكل خاص للسعودية والبحرين".

وقد تحدث رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان عن حاجة "ماسة" لإنشاء اتحاد خليجي.


ويرى قهوجي تحمس البحرين شيئا طبيعيا، فهي تشعر بشكل خاص بأنها مهددة من إيران، كما أن الوحدة ستطمئن السعودية لأن دورها داخل هذا البلد سيكون كبيرا، ويذكّر بأن الدولتين طالما احتفظتا بعلاقات متميزة داخل المجلس، ليس سياسيا فقط، بل اقتصاديا أيضا.

وفي طهران كان التحسس الإيراني واضحا، فحذر رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني من أن "البحرين ليست لقمة سائغة بإمكان السعودية ابتلاعها بسهولة والاستفادة منها".

كما كتب 190 نائبا في عريضة أن "الشعب البحريني أقوى من كل القوات الغازية والمحتلة وخاصة القوات السعودية".

 

البحرين أشبه بشركة مهددة بالإفلاس، ليس حكيما الدخول في شراكة مع صاحبها

وكانت مجموعة "أوراسيا" للأبحاث قد قالت الشهر الماضي إن "النظام (البحريني) سيكون عليه الاعتماد بشكل متزايد على الدعم السعودي سياسيا وماليا وأمنيا ليحتفظ بسيطرته على الوضع".

تحديات الربيع
لكن التحسس من الوحدة ليس عمانيا وإماراتيا فقط، فبعض المحللين يتحدثون عن توقيت مريب، ولا يرون أن إيران هي العامل الوحيد الذي حرك القرار الخليجي.

ورغم أن بعض الدول الخليجية تلعب دورا رياديا في معالجة بعض الأزمات العربية (اليمن وليبيا وسوريا)، فإنها هي نفسها تواجه تحديات الربيع العربي، خاصة البحرين.

يقول المحلل السعودي عبد الله الشمري في لقاء هاتفي مع الجزيرة نت إن المحرك الأساسي للقرار الخليجي شعور الأنظمة بحاجتها لمظلة أكبر خاصة في البحرين، ويصف مشروع اتحاد هذا البلد بالسعودية بأنه حماقة، معتبرا أن الحديث عن التهديد الإيراني مبالغ فيه، فإيران -حسبه- بغض النظر عن التصريحات العلنية، "أول دولة تتمنى حدوث حماقة اتحاد سعودي بحريني لأنها تقدم لها فرصة لتثبت للعالم أن هناك شهوة مبالغا فيها لضم البحرين".

 

ويضيف: "إنْ كان مفهوما استعجال البحرين، فمن غير المفهوم استعجال السعودية وهي الدولة الغنية والقوية التي لا تحتاج اتحادا".

ويشبه الشمري وضع البحرين بشركة تواجه مصاعب مالية، فـ"من الحكمة ألا تدخل في اتحاد مع صاحبها.. وأن تكتفي بمساعدته، لأن الدخول في اتحاد معه يجعلك تتحمل كل خسائر شركةٍ ربما كانت على شفير الإفلاس"، قبل أن يختتم حديثه بنبوءة قاسية: "السعودية قد تفتح على نفسها أبواب جهنم" بهذا الاتحاد.

المصدر : الجزيرة