خيارات الماليين للتعامل مع القضية الأزوادية

من سيارة تابعة لحركة أنصار الدين تجوب مدينة تمبكتو
undefined

أمين محمد-تمبكتو

تواجه حكومة مالي منعطفا خطيرا فيما يخص تعاطيها مع قضية المنطقة الأزوادية التي أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد من طرف واحد استقلالها وإقامة دولة أزوادية عليها وتتقاسم السيطرة عليها حاليا مع حركتي "أنصار الدين" و"التوحيد والجهاد" السلفيتين.

ويقول مراقبون إن الأمور بلغت مبلغا يجعل من الصعب معه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بجلسات حوارية ومفاوضات ماراثونية، وخصوصا أن حركات مسلحة تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد في وقت واحد، كما أن حجم السلاح والرجال والمخاطر في المنطقة تجعل من الخيار العسكري أمرا في غاية الصعوبة والمخاطرة.

وبينما يلف الغموض حتى الآن نوايا الحكومة المالية الحقيقية في التعاطي مع الموقف، يبدو أن خيار التفاوض يمثل الخطوة الأولى في مواجهة أخطر حدث يشهده الشمال المالي منذ قيام الدولة المالية وإعلان استقلالها مطلع ستينيات القرن الماضي.

حوار لا حرب
وتشي تصريحات رئيس الوزراء الانتقالي الشيخ موديبو ديارا الجمعة بأن خيار التفاوض يبقى الخيار المفضل حيث عبر عن استعداد بلاده للتفاوض مع كل الجماعات المسلحة التي تسيطر على الإقليم، مشترطا أن لا يجري هذا الحوار تحت "سيف مسلط على رقبته".

كما أكد أن حكومته لن تتخلى عن مواطنيها في الشمال أو عن سنتيمتر واحد من البلاد، محملا النظام السابق مسؤولية التقصير والعجز في مواجهة الواقع الحالي.

رئيس الوزراء المالي:
خيار التفاوض يبقى الخيار المفضل مع كل الجماعات المسلحة التي تسيطر على الإقليم، بشرط ألا يجري هذا الحوار تحت سيف مسلط على رقبتي

وسبقت هذه التصريحات اتصالات رسمية بين الحكومة المالية وممثلين عن الحركة الوطنية لتحرير أزواد في العاصمة الموريتانية نواكشوط التي يعتقد أنها تسعى في الوقت الحالي للعب دور أساسي في أي تفاهم يتم في المستقبل بين الطرفين بحكم علاقاتها الجيدة مع قيادات الحركة، واهتمامها المستجد بما يحدث عموما في منطقة الشمال بحكم وجود تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي تعده خصمها اللدود.

ورغم أن الرئيس المالي المؤقت ديونكوندا تراوري أراد يوم تسلمه الرئاسة قرع طبول الحرب والتهديد بشن حرب شاملة لاستعادة كل مناطق الإقليم، فإن بعض المتابعين يرجحون تأجيل تلك الحرب الشاملة وربما لأجل غير مسمى.

أزمات داخلية
ويضيفون أن الجيش -الذي انهار فجأة في وجه المقاتلين الأزواديين- لا يزال ضعيفا ومتفرقا، والمقاتلون الذين بدؤوا حربهم بعمليات خاطفة وسريعة على أرضية يتمترس عليها خصمهم استطاعوا اليوم تنظيم صفوفهم وجمع عتادهم.

إضافة إلى أن دول الميدان ليست جاهزة بعد لإسعاف جارهم وحليفهم المالي وخصوصا بعد إعلانهم قبل أيام قليلة عن تفضيلهم خيار التفاوض في الوقت الحالي، رغم تهديدهم باللجوء للعمل العسكري إذا فشلت مساعي التفاوض وأصر الطوارق على مواصلة السيطرة على مناطق الإقليم.

وتبع ذلك، تصريحات للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لمح فيها إلى إمكانية التفاوض مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد، إلا أنه أبدى استعداد موريتانيا للمشاركة في أي عمل عسكري قادم.

وأكثر من ذلك تبدو كل دول الجوار وحتى مالي نفسها مشغولة بنفسها وأزماتها الداخلية وأوضاعها الخاصة الملتهبة التي تشغلها عن مطاردة "فرسان الصحراء ورجالها الزرق".

وفي ظل هذا الجمود الحاصل على الساحة المالية وعدم قدرة الماليين وعدم رغبة جيرانهم في الوقت الحالي في شن عمليات عسكرية لاستعادة المنطقة الأزوادية، يرى خبراء أنه من المرجح أن يتجه الماليون وجيرانهم في الوقت الحالي لخلق ما يعرف بالصحوات المحلية لزعزعة الأوضاع الأمنية وضرب استقرار الإقليم وإشعال الخصومات السياسية والصراعات الأمنية والعسكرية بين مكوناته.

المصدر : الجزيرة