الممرات الآمنة خيار أنقرة ومعارضة دمشق

معاناة اللاجئين والنازحين السوريين عند الحدود التركية - صهيب الباز
undefined

مصطفى كامل-إسطنبول

في حديثه أمام كتلة حزبه البرلمانية الثلاثاء الماضي، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان جامعة الدول العربية إلى العمل مع بلاده لإيصال مساعدات الإغاثة الإنسانية إلى الشعب السوري دون إضاعة مزيد من الوقت أو انتظار نظام الأسد "ليريق مزيدا من الدماء".

وشبَّه أردوغان ما يفعله نظام الرئيس بشار الأسد بما فعله هتلر وموسوليني وتشاوشيسكو.

وتكتسب تلك الدعوة الأكثر صراحة هنا أهمية مضافة مع أنباء عن تزايد عدد الفارين من مدنيين ومنشقين عن الجيش السوري الآونة الأخيرة إلى إقليم هاتاي جنوب تركيا, والذي أقامت فيه سلطات مخيمات للاجئين السوريين.

وتفيد المعلومات المتوفرة أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ناقش ملف الممرات الآمنة مع المسؤولين الأميركيين بزيارته إلى واشنطن الشهر الماضي.

من جانبه حث الرئيس عبد الله غول حكومة دمشق على الموافقة على مقترحات التسوية التي قدمها المجتمع الدولي، واعتبر أن ما يحدث في سوريا أصبح قضية الإنسانية والمجتمع الدولي وليس مجرد قضية داخلية، في مؤشر وصف بأنه مقدمة لتدخل دولي.

‪صالحة: التعامل بالشأن السوري يتجاوز القمم والمؤتمرات ويميل للتنسيق مع دول فاعلة‬ صالحة: التعامل بالشأن السوري يتجاوز القمم والمؤتمرات ويميل للتنسيق مع دول فاعلة
‪صالحة: التعامل بالشأن السوري يتجاوز القمم والمؤتمرات ويميل للتنسيق مع دول فاعلة‬ صالحة: التعامل بالشأن السوري يتجاوز القمم والمؤتمرات ويميل للتنسيق مع دول فاعلة

العرب والمجتمع الدولي
وإزاء كل ما تقدم، يبقى السؤال عن الإمكانات المتاحة أمام أنقرة، وما انعكاسات أي تدخل تركي على طبيعة العلاقات الإقليمية؟

وهنا يرى الخبير السياسي سمير صالحة أنه كان أمام تركيا بداية فرصا للتحرك المنفرد وطرح خيارات بالتنسيق مع دمشق أو مع قوى أخرى، ولكن مع استمرار الأزمة تضاءلت هذه الفرص لصالح التعاون مع الآخرين، وهو الأسلوب الأكثر ترجيحا حالياً والأقرب إلى احتمالات النجاح.

ورغم حديث أردوغان عن ممرات آمنة، فإن المزاج التركي العام يعتقد أن خطوة كهذه تحتاج إلى قرار دولي، وهو أمر ممكن لكنه مؤجل حالياً.

وفي التصور فإن من الصعب تحقيق إنجاز ما على الأرض الآن، حتى لو حصل تنسيق إقليمي ودولي، خصوصاً وأن مهمة المبعوث الدولي العربي المشترك كوفي أنان لا تزال في بدايتها.

وبانتظار ما سيسفر عنه الوضع الدولي والعربي، ولأن تركيا لا تنتظر على ما يبدو صدور شيء ذي قيمة عن القمة العربية المزمع عقدها في بغداد نهاية الشهر الجاري، فإنها تفضل الاتصالات الجانبية والمباشرة مع بعض الأقطار العربية الفاعلة بالملف السوري أو مع الأمانة العامة للجامعة العربية.

عازلة أم آمنة؟
ويعتقد صالحة أن التعامل مع الشأن السوري يبتعد عن القمم والمؤتمرات، ويميل إلى التنسيق المباشر مع دول فاعلة لها مواقف سياسية واضحة مثل قطر والسعودية، مشيرا إلى أنه إذا لم  يسفر "مؤتمر أصدقاء الشعب السوري" المرتقب بإسطنبول منتصف الشهر الحالي عن خطوات على الأرض فسيؤدي لخيبة أمل كبيرة، ليس لدى المعارضة السورية فحسب، بل المنطقة كلها.

ويعترف بأن الموضوع يواجه صعوبات بالغة بسبب المواقف الإيرانية والروسية، مشيرا بهذا الصدد إلى مؤتمر الوساطة مع طهران، واحتمال أن تقايض الأخيرة أنقرة بانتزاع تنازلات غربية بالشأن النووي الإيراني مقابل تنازلات من طهران بالملف السوري.

خبير سياسي: أي تدخل تركي بسوريا يؤدي لتدهور كبير في "المشاعر الطيبة" التي بناها حزب العدالة والتنمية مع المحيطين العربي والإسلامي

أما المنطقة العازلة، فإن كل المؤشرات تؤكد أن أنقرة لن تقيم تلك المنطقة إلا في حال هجرة أعداد كبيرة من السوريين أو حدوث فوضى كبيرة بسوريا، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ولا يبدو قريباً، ربما.

ويعتقد صالحة أن المنطقة العازلة هي النقطة الأهم لأن الممرات الآمنة لن تكفي ولن تفي بمتطلبات المعارضة السورية، وهي مسألة تحتاج لغطاء لوجستي وعسكري.

مخاطر وغزو
بدوره قال الخبير بشؤون مناطق جنوب تركيا، محمد باقي، إن أي تدخل تركي بسوريا سيكون مؤشراً خطيراً جدا، وينطوي على مخاطر جمة، ويؤدي لتدهور كبير في "المشاعر الطيبة" التي بناها حزب العدالة والتنمية مع المحيطين العربي والإسلامي.

كما سيزعزع مكانة تركيا عند العرب والمسلمين، حيث يمثل التدخل التركي "غزواً" لدى شريحة كبيرة من العرب، ربما أكبر بكثير من أولئك الذين يؤيدون تدخلاً من هذا النوع ويعتقد الباقي أن أمراً كهذا "لا يمكن لتركيا أن تضحي به إطلاقاً".

وهو أمر يوافقه عليه الدكتور صالحة، الذي يؤكد أن تركيا بعد هذه العلاقات المتنامية مع الجوار العربي، وبعد كل التطورات الإقليمية، لن تقدم على عمل منفرد.

المصدر : الجزيرة