مخاض عسير لدستور مصر الجديد

مجلس الشعب المصري
undefined
مجدي بدوي
 
بات ميلاد الدستور المصري المرتقب عسيرا، المعركة حوله بدأت مبكرا، والمعارك والخلافات تلاحق طريقة تشكيل ومعايير اللجنة المعنية بتشكيله، لكن نواب مجلسي الشعب والشورى المنتخبين في مصر توافقوا السبت على تشكيلة اللجنة وصوتوا لصالح الاقتراح الذي يقضي بتشكيلها مناصفة من المجلسين وخارجه.

وجاء التصويت بأغلبية الأعضاء، وحظي بنسبة 80% من إجمالي الأصوات الصحيحة لـ590 نائبا صوتوا في الجلسة، حيث أيد 472 منهم اقتراح المناصفة. أما عدد المؤيدين لتشكيلها بنسبة 100% من خارج البرلمان فكان 14 صوتا، في المقابل حصل الاقتراح بتشكيلها بنسبة 100% من داخل البرلمان على صوت واحد، إضافة إلى أصوات أخرى حققت نسبا متقاربة.

 
ويمثل تصويت السبت تجاوزا لعقبة كادت تصبح كأداء في طريق صياغة الحياة السياسية في مصر بعد ثورة 25 يناير، وتحويل النقاش حولها إلى خلافات لا تخلو من اتهامات مبطنة أحيانا وصريحة أحيانا أخرى تحذر وتخوف من "ديكتاتورية الأغلبية" ممثلة في الإسلاميين الذين جاءت بهم الانتخابات.

مبالغات
وبالغت التيارات غير الراضية عن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية في إثارة تلك المخاوف وتوجهت بها داخليا لتخاطب وتستنفر الأقباط، وخارجيا أيضا لتستحث الغرب، وهو ما جعل الاتحاد الأوروبي يقول إنه يتطلع إلى لجنة تأسيسية لصياغة دستور مصر الجديد تكون ممثلة لجميع عناصر المجتمع المصري بما في ذلك "الأقليات".

واستهدفت تلك اللغة التحذيرية رفع يد الأعضاء المنتخبين عن صياغة الدستور، وتجاوز الإعلان الدستوري الصادر يوم 30 مارس/آذار الماضي، الذي تقضى المادة 60 منه بأن يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لاختيار جمعية تأسيسية من 100 عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها.

ويبدو أن لغة التخويف أثرت حتى في المجلس العسكري مبكرا، وفي محاولة منه لاختبار المواقف  أعلن أحد أعضاء المجلس وهو اللواء مختار الملا في وقت سابق أن دستور مصر الجديد يجب أن تقره الحكومة والمجلس الاستشاري للمجلس العسكري، لأن "البرلمان المقبل لن يكون ممثلا لكل الشعب المصري".

تصريحات الملا أثارت استياء حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الذي قرر عدم المشاركة في المجلس الاستشاري بعد تلك التصريحات. لكن المجلس العسكري سارع إلى نفي ذلك، وأكد أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المختصة باختيار أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد للبلاد.

تعديل

أفرز احتدام الجدل تعديلا في موقف الإخوان، فبعد أن أعلن حزب الحرية والعدالة أنه يؤيد أن يكون 60% من أعضاء الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان وأن يكون الباقون من الخارج. عدل عن هذا الرأي من باب التطمينات بحيث يكون 50% من داخل البرلمان و50% من خارج البرلمان
أفرز احتدام الجدل تعديلا في موقف الإخوان، فبعد أن أعلن حزب الحرية والعدالة أنه يؤيد أن يكون 60% من أعضاء الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان وأن يكون الباقون من الخارج، عدل عن هذا الرأي من باب التطمينات بحيث يكون 50% من داخل البرلمان و50% من خارج البرلمان.

كما تحركت جماعة الإخوان المسلمين نحو تواصل أفضل مع الأقباط, في مسعى لتعميق التفاهم بين الجانبين في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير, وزار مرشد الجماعة محمد بديع الكنيسة الإنجيلية بعد زيارة مماثلة للكنيسة الأرثوذكسية.

كان لافتا أثناء تلك الزيارة تصريحات لقسس ومفكرين أقباط مفادها تمسك الجانب المسيحي باستمرار المادة الثانية للدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، وأكد أن ذلك يكفل لغير المسلمين الاحتكام إلى شرائعهم في الأحوال الشخصية.

 
هذا الرأي تؤكده الخبرة التاريخية في تشكيل نسيج مصر الوطني، الذي يزداد انصهارا في المراحل الحاسمة في تاريخ الوطن، الذي يثبت أن إثارة النعرات الطائفية مرتبطة بالتراجع والأزمات، أما في مراحل النهوض والمواجهة فإن مناعة الوطن تقاوم وتقضي على أي توظيف سلبي لهذا الملف، ومن ثم تأتي أهمية التوافق على ميلاد صحي للدستور الذي يحدد ملامح الحياة السياسية في مصر ما بعد الثورة.
المصدر : وكالات