معرض في روما يكشف وثائق سرية

معرض دولة وكنيسة من عصر النهضة وحتى اليوم
undefined

 

 غادة دعيبس-روما
 
نظم مجلس الشيوخ الإيطالي بالتعاون مع الكرسي الرسولي معرضاً هو الأول من نوعه تحت عنوان "دولة وكنيسة منذ عصر النهضة حتى اليوم"، يكشف وثائق واتفاقيات سرية أبرمت بين حاضرة الفاتيكان ودولة إيطاليا على مدار 150 عاماً خلال حقبة ما عرف بعصر النهضة.
 
ويتزامن المعرض مع إغلاق عام الاحتفالات الرسمية في إيطاليا بمناسبة مرور 150 عاماً على إعلان توحيد البلاد عام 1861، وهو العام الذي نشبت فيه الصراعات مع كنيسة روما.
 
ويكشف المعرض الذي يُفتتح مجانا أمام العامة غدا الاثنين وحتى يوم 17 مارس/آذار الحالي في أحد مقار مجلس الشيوخ بروما، عن وثائق محفوظة في الأرشيف التاريخي لمجلس الشيوخ ومحفوظات الفاتيكان، من بينها "قانون الضمانات" (1871) الذي وضع حداً للسلطة البابوية في روما ومنشورات أصلية للبابا بيوس التاسع.
 
وقال رئيس مجلس الشيوخ ريناتو سكيفاني في حفل الافتتاح إن المعرض يسرد مسيرة الرحلة الشاقة والمراحل المأساوية بين الدولة والكنيسة، "وآمل أن يساعد المعرض المواطنين الإيطاليين على فهم تاريخ العلاقات بين الطرفين".

من جانبه، قال وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال تارشيزيو بيرتوني "إن هذا المعرض يبرز أهم المراحل في تاريخ الكنيسة ودولة إيطاليا، من توحيد الأراضي الإيطالية إلى الانتشار العالمي للكرسي الرسولي بعد فقدان السلطة السياسية على أرض روما والمصالحة مع دولة إيطاليا".

‪ريناتو سكيفاني: المعرض يسرد مسيرة الرحلة الشاقة بين الكنيسة والدولة‬ (الجزيرة)
‪ريناتو سكيفاني: المعرض يسرد مسيرة الرحلة الشاقة بين الكنيسة والدولة‬ (الجزيرة)

المسألة الرومانية
وتعود بداية العلاقات العاصفة بين الدولة الإيطالية والكنيسة الكاثوليكية غداة إعلان توحيد الأراضي الإيطالية على يد الليبراليين وإعلانها مملكة عام 1861 وما ترتب عليه من قرار ضم مدينة روما وإعلان نهاية السلطة البابوية على أرضها. وفي عام 1862 أعلنت روما عاصمة للمملكة الإيطالية.

وقد أثار ضم روما حفيظة الكنيسة الكاثوليكية واعتبرته استيلاء على أرضها وضرراً على عملها الكنسي ضمن أرضية محددة.

ورغم إصدار "قانون الضمانات" الذي يضمن صلاحيات سيادة البابا وحرمة رجال الدين والتمثيل الدبلوماسي، فإن البابا بيوس التاسع رفض القانون واعتبره أحادي الجانب و"تخريبيا"، واحتجاجاً عليه أغلق على نفسه في قصور الفاتيكان قرابة ستين عاما وأعلن نفسه سجيناً سياسياً. وقد عرف الصراع بين الكنيسة ومملكة روما على أرض روما باسم "المسألة الرومانية". 

وفي عام 1929 أبرمت الكنيسة مع النظام الفاشي بقيادة بينيتو موسوليني معاهدة عرفت باسم "اتفاقيات اللاتران"، وبموجبها اعترفت إيطاليا باستقلال وسيادة الكرسي الرسولي، وسمحت بتأسيس دولة الفاتيكان المستقلة، وتم تحديد العلاقات المدنية والدينية بين الكنيسة والحكومة.

‪(الجزيرة)‬ الكاردينال بيرتوني: المعرض يبرز أهم المراحل في تاريخ الكنيسة ودولة إيطاليا
‪(الجزيرة)‬ الكاردينال بيرتوني: المعرض يبرز أهم المراحل في تاريخ الكنيسة ودولة إيطاليا

الكنيسة والدولة
من جانبه قال السيناتور ستيفانو شيكانتي للجزيرة نت "إن الكنيسة تدخل ضمن كيانات المجتمع وتبدي رأيها وتحشد من أجل تعزيز موقفها، وهذا يدخل ضمن الحوار الديمقراطي الحر والنقاش العام".

وأضاف "قد يكون موقفها صحيحا أو خاطئاً، لكن القرار يرجع إلى الإيطاليين والقوى السياسية بالتأييد أو الرفض".

وأشار شيكانتي إلى حجم ثقل الكنيسة في إيطاليا مقارنة بدول أوروبية أخرى، قائلا إن "المعطيات الاجتماعية كشفت أن نسبة المشاركة في قداس الأحد 25% بإيطاليا مقارنة بـ8% في كل من إسبانيا وفرنسا".

أما الصحفي في جريدة لاونيتا الشيوعية فيليبو دي جاكومو الذي يعمل مع الفاتيكان فقال "لا يمكن القول إن الكنيسة تتدخل في شؤون الدولة، فالكنيسة تتواجد منذ القرن الأول بعد المسيح أي قبل مجيء الدولة، ولها أفضال كبيرة على إيطاليا".

وحسب دي جاكومو فإنه "إذا ألغت الكنيسة مشافيها ومدارسها وأعمالها الخيرية من البلد فإن إيطاليا ستصبح مثلها مثل أي دولة فقيرة في أفريقيا".

وأضاف "نشعر بأن هويتنا الإيطالية تتحد بالهوية الكاثوليكية، وفي نفس الوقت نحن علمانيون ونعبر عن رأينا في الكنيسة ورجالها.. في الصباح ننتقد البابا وقبل الذهاب إلى النوم نؤدي واجباتنا الدينية".

المصدر : الجزيرة