مبادرة تثير مخاوف انشقاق إخوان الأردن

من مسيرة وسط عمان في جمعة الغضب والتي هتفت باسقاط النظام.
undefined
 
محمد النجار-عمّان
 
أثارت مبادرة جديدة للإصلاح أعلنتها قيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، بالمشاركة مع شخصيات إسلامية ومستقلة، جدلا جديدا حول وحدة صف الجماعة، في الوقت الذي يؤكد فيه أصحاب المبادرة أنها لا تهدف بأي حال للانشقاق عنها.
 
وحظيت مبادرة "التجمع الأردني للبناء"، أو ما بات يعرف إعلاميا بـ"مبادرة زمزم"، باهتمام واسع في الأيام الماضية بعد لقاء عقد الأسبوع الماضي بدعوة من القيادي البارز في الجماعة رحيّل غرايبة وحضور 70 شخصية أغلبها من المحسوبين على "تيار الحمائم" في الجماعة، وشخصيات مستقلة أغلبها ذات مرجعية إسلامية.

وعرّفت المبادرة نفسها على أنها "إطار وطني يستقطب طاقات الشباب ومكونات المجتمع الأردني من الرجال والنساء، وإعدادها وتنميتها وتوجيهها لتحقيق الإصلاح الوطني الأردني الشامل بكفاءة"، وتشير إلى "بناء علاقة طيبة مع مؤسسات الدولة تقوم على التعاون والمشاركة الإيجابية الفاعلة في المجالات المختلفة".

كل الألوان
وشدد تصريح صحفي للهيئة المؤقتة للمبادرة على أنها لا تمثل حركة انشقاق عن أي تيار، ولا تهدف إلى مناكفة أي مجموعة، وتضم شخصيات من الحركة الإسلامية ومن خارجها ومن كل ألوان الطيف الأردني.

‪رحيّل غرايبة: المبادرة لا تمثل انشقاقا عن الحركة الإسلامية‬ (الجزيرة نت-أرشيف)
‪رحيّل غرايبة: المبادرة لا تمثل انشقاقا عن الحركة الإسلامية‬ (الجزيرة نت-أرشيف)

وكان لافتا في وثيقة المبادرة الأساسية التي حصلت عليها الجزيرة نت تأكيدها على "اعتماد مبدأ التدرج في الانتقال نحو الديمقراطية ضمن خطط الإصلاح المأمول"، و"اعتماد منهج الإصلاح بالتوافق والتراضي الوطني والمشاركة الشعبية في مشروع الإصلاح".

ويؤكد صاحب المبادرة رحيل غرايبة على ما جاء فيها من أنها لا تمثل حالة انشقاق عن الحركة الإسلامية. وقال للجزيرة نت إن مبادرته تنطلق من إطار وطني أوسع  في وقت نعيش فيه انغلاق الأفق السياسي والاقتصادي وحالة توتر اجتماعي".

وتابع أنها "محاولة لإيجاد انفراج ووضع تصورات معقولة ومدروسة دون تجاذبات وتخندق وبعيدا عن المناكفات داخل الأطر التقليدية، والتي قال إنها لم تستطع أن تقدم الحلول"، مع تأكيده أن المبادرة ليست حركة انشقاقية.

ورغم أن الإعلان عن المبادرة جاء بعد أيام من استقالة الغرايبة من رئاسة اللجنة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لإخوان الأردن، وبعد أشهر من الخلافات مع القيادة الحالية للجماعة التي يسيطر عليها الصقور إلا أنه ينفي علاقة كل ذلك بالمبادرة، كما نفى أي علاقة للمبادرة بالموقف من مقاطعة الإخوان للانتخابات البرلمانية المقبلة.

لا تعليق
وفضلت قيادة جماعة الإخوان المسلمين عدم التعليق على هذه المبادرة، واكتفى تصريح صحفي صدر عن أمين سر الجماعة محمد عقل "بعدم وجود أي موقف حتى الآن".

وأثارت المبادرة جدلا واسعا في الشارع السياسي الأردني، ونظر لها الإعلام الرسمي على أنها حالة انشقاق داخل الجماعة، في سياق هجومه على الحركة الإسلامية وفق مراقبين.

أما المحلل السياسي والباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان فاعتبر أن "توقيت المبادرة خطير ويعكس أزمة داخل الحركة الإسلامية".

محمد أبو رمان تساءل عن مستقبل هذا التيار (الجزيرة نت)
محمد أبو رمان تساءل عن مستقبل هذا التيار (الجزيرة نت)

ويوجه الباحث السياسي انتقادات لمضمون المبادرة، وقال "المضمون يتحدث عن إطار وطني أوسع، علما أن الجماعة انخرطت بالمبادرات الجامعة مع القوى الأخرى وباتت منخرطة بالهم الأردني الداخلي بشكل غير مسبوق".

ويرى أبو رمان في حديث للجزيرة نت أن هناك تناقضا لدى أصحاب المبادرة، "فالدكتور رحيل غرايبة يطرح اليوم شعار الإصلاح المتدرج، وهو الذي طرح قبل الربيع العربي مبادرة الملكية الدستورية التي تريد اقتسام الحكم مع الملك".

وفي تحليله يذهب أبو رمان إلى أن المشاركين بالمبادرة من قيادات تيار الحمائم "مفوضون من هذا التيار لإنشاء المبادرة، وأنه في حال اتخاذ قرار بفصلهم من قيادة الجماعة الحالية فسيخرجون منها في أسوأ حركة انشقاق في تاريخ الجماعة".

غير أنه يتساءل عن المستقبل لهذا التيار في حال انشقاقه، وقال "مصيره إما كحزب الوسط الاسلامي الضعيف، أو كتيار (رجب طيب) أردوغان بتركيا وهذا غير ممكن في الحالة الأردنية".

ويهاجم أبو رمان التقاط الرسميين بالأردن لأي مبادرات تفكك الحركة الإسلامية ودعمها "دون سعي أصحابها لذلك"، وقال إن "انشقاق الجماعة خطير على الأردن، فوجودها أحد أهم عوامل الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية وإضعافها هو إضعاف لهذين العاملين".

المصدر : الجزيرة