فوز أوباما ضربة مؤقتة لحركة الشاي

كومبو يجمع أوباما ورومني بعد نتائج الإنتخابات الرئاسية 2012
undefined
مثّل فوز باراك أوباما بالرئاسة الأميركية ضربة لحركة الشاي اليمينية المؤيدة بقوة للجمهوريين ومرشحهم مت رومني، وبذلك لم تتمكن الحركة من استمرار النجاح الذي دشنته عام 2010 عبر دورها في فوز الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس وإحكام الحزب سيطرته على مجلس النواب.
ورغم أن حركة الشاي تعد ناشئة -عام 2009- وصغيرة الحجم ومعظم عناصرها من الجناح اليميني لدى الجمهوريين، فإن تأثيرها لدى الناخب الأميركي أصبح لا ينكر بفضل أعضاء بارزين من الحزب الجمهوري الذي تؤيده شبكات إعلامية قوية التأثير.

ونجحت الحركة خلال الأعوام السابقة في الاستفادة من أخطاء إدارة أوباما والتأثير على قطاعات من الشعب الأميركي وخصوصا إزاء القضايا المحورية لديه مثل تراجع الوضع الاقتصادي وتعديل وضع المهاجرين غير الشرعيين، وما اعتبرته الحركة ضعفا في السياسة الأميركية إزاء "الإرهاب" واتفاقية المناخ وملفات أفغانستان وباكستان وإيران والتعامل مع الصين وروسيا.

وعزز نجاح الحركة وفوز الجمهوريين بانتخابات الكونغرس السابقة من أحلام الجمهوريين، إذ قال السناتور الجمهوري المحافظ جيم دمينت عقب هذا الفوز حينها إن حركة الشاي ما هي إلا "قمة جبل الجليد" للتغيير السياسي، ورأى أن مرشحي حركة الشاي كانوا الطاقة التي حفزت انتصارات الجمهوريين، مضيفا أن ما يشاهد اليوم مجرد قمة لجبل الجليد "لموجة جديدة من نشاط المواطنين الذي أعتقد أنه سيعيد تنظيم الساحة السياسية".

وأكد دمينت أن حركة الشاي قوة محورية في الكفاح الجماهيري المتصاعد في مواجهة الإنفاق الحكومي والضرائب والعجز، وهي القضايا التي ساعدت الجمهوريين في الفوز بالأغلبية في مجلس النواب، في أكبر تحول في السلطة في الكونغرس منذ عام 1948.

لكن فوز أوباما شكل خصما من رصيد التيارات اليمينية بأطيافها المختلفة بدءا من أقصى اليمين مرورا بيمين الوسط الذي تتبعه حركة الشاي بحسب الخبير في الشؤون الأميركية إميل أمين.

‪مظاهرة بسان فرانسيسكو لحركة الشاي ضد أوباما في مايو 2010‬  (الفرنسية)
‪مظاهرة بسان فرانسيسكو لحركة الشاي ضد أوباما في مايو 2010‬ (الفرنسية)

تماهي مع الانعزاليين
وردا على سؤال للجزيرة نت عن كيفية وصول الحركة لهذه الشعبية خلال ثلاث سنوات قال أمين إن تركيز حركة الشاي على القضايا الداخلية يتماهى مع تيار الانعزاليين الأميركيين الجدد الذي يركز على "أميركا ما وراء المحيط" وليس "أميركا أمام المحيط" والذي يتنامى بفعل انفراط الامتداد الإمبراطوري للولايات المتحدة بشكليه "الاستعمار المقنع" (أفغانستان والعراق)، والضغوط المالية والاقتصادية والثقافية.

وأضاف الخبير في الشؤون الأميركية أن المرشح الجمهوري رومني لم يساعد حركة الشاي على استمرار زخمها إذ لم يكن له أيديولوجية محددة وطرح مواقف متباينة ولم يكن له كاريزما ولم يقدم طرحا مغايرا لأوباما إضافة إلى أن الأميركيين يفضلون تقليديا إعطاء الرئيس فرصة للنجاح في الفترة الثانية ليستكمل برامجه.

وأكد أمين أن هذه الانتكاسة لحركة الشاي لن تجعلها تسلم بالأمر وستكون للرئيس أوباما بالمرصاد في الفترة الثانية وتتصيد أخطاءه قبل أن تدفع بمرشح جمهوري جديد لانتخابات 2016.

يشار إلى أن الحركة استوحت اسمها "تي بارتي أو حفلة الشاي" من احتجاج شعبي نفذه أميركيون عام 1773 على ضرائب فرضها البرلمان البريطاني على الشاي المستورد إلى المستعمرات الأميركية، وقاموا خلاله بالاستيلاء على ثلاث سفن بريطانية في ميناء بوسطن، ورموا صناديق الشاي في المياه، ليشعلوا بذلك شرارة الثورة الأميركية أو حرب الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني. وبرزت هذه الحركة بقوة على الساحة السياسية الأميركية بعد الأزمة المالية عام 2009 التي أنهكت الاقتصاد الأميركي، واضطرت الحكومة للتدخل بشكل غير مسبوق عبر حزمة إنقاذ لدعم البنوك والشركات.
 
وتعتبر حركة الشاي مظلة أو تحالفا لمنظمات تجمعها نقاط عدة أبرزها الهجوم على باراك أوباما الذي زادت معارضة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري له، فاستخدم عبارة "ثورة الشاي"، في إشارة إلى معارضته لزيادة الضرائب وخطط إنقاذ الاقتصاد.

كما تركز الحركة على عدم تقييد حريات الشركات بما فيها شركات الاستثمار والتأمين الصحي رغم مساوئها، ومنع زيادة الضرائب خاصة على الأغنياء، ونقد الجناح المعتدل في الحزب الجمهوري الذي يقوده السناتور جون ماكين، والتشدد في ما يسمى الحرب على الإرهاب.

لا تخلو أجندة حركة الشاي من محور بارز أصبح التشدق به في الغرب كتناول كوب شاي، ألا وهو مناهضة الإسلام ووقف "الأسلمة"

وقف "الأسلمة"
ولا تخلو أجندة حركة الشاي من محور بارز أصبح التشدق به في الغرب كتناول كوب شاي، ألا وهو مناهضة الإسلام ووقف "الأسلمة"، حيث كشفت صحيفة أوبزيرفر البريطانية عن علاقات وطيدة بين "رابطة الدفاع الإنجليزية" في المملكة المتحدة وحركة الشاي ومنظمات متطرفة أخرى.

وقالت الصحيفة إن الرابطة دعت الحاخام شيفرن إلى لندن حيث سيتحدث بشأن "قوانين الشريعة الإسلامية"، ويبحث طرق تمويل نشاطات المنظمات التي تسعى إلى مواجهة "أسلمة المجتمعات الأوروبية".

وأضافت أن حلقة الوصل بين "حركة الشاي" و"رابطة الدفاع" هو رئيسة منظمة "أوقفوا أسلمة أميركا" باميلا غيلر التي كان لها دور بارز في إشعال حمى الاحتجاجات على بناء مسجد قرطبة قرب موقع برجي التجارة في منهاتن بنيويورك.

وأشارت ذي أوبزيرفر إلى أن غيلر -التي تعتبر "مدللة" الجناح اليميني المتطرف المعادي للإسلام في "حركة الشاي"- تلعب دورا هاما في إدخال ظاهرة "الإسلاموفوبيا" (الخوف من الإسلام) ضمن أجندته.

ويبدو أن تمدد اليمين المتطرف الأخير عبر حركة الشاي العملاقة وهيمنتها في ولايات الجنوب، دفع مجموعة من الجيل الثاني من المهاجرين من دول العالم الثالث لتأسيس حزب صغير في هوليود عاصمة الليبرالية في أميركا في يناير/كانون الثاني الماضي يدعى "حزب القهوة" هدفه مواجهة أفكار الشاي والتعبير عن وجهة نظر مضادة لتطرفها وعنصريتها.

وفي المقابل يرى بعض المحافظين أن حركة الشاي متشددة، وآخرون أنها أضرت بحظوظ الجمهوريين في بعض الولايات خلال انتخابات 2010.

المصدر : الجزيرة