النظام.. الغائب الأبرز بالشمال السوري

سوريون في منطقة اطمةعلى الحدود التركية يقيمون في ظروف صعبة هروبا من القصف.jpg
undefined

محمد النجار-ريف إدلب

لا يكاد الزائر لريف إدلب من حدود باب الهوى التركية وصولا لمسافة تزيد عن مائة كيلومتر في العمق بعد ريف معرة النعمان يصدق أنه في سوريا حيث يعتبر النظام وقوات الجيش التابعة له هي الغائب الأكبر عن الحياة إلا من القصف وبعض التواجد في مقاطع رئيسية ومنها 12 موقعا لا تزال بيد النظام منها مدينة إدلب نفسها.

في جولة طويلة امتدت من الريف الشمالي إلى إدلب من قرية أطمة المحاذية للحدود التركية وصولا لما بعد ريف معرة النعمان زارت الجزيرة نت عشرات القرى والبلدات والمدن التي يطلق عليها النشطاء اسم المدن المحررة.

ويصنف النشطاء مناطق الريف ومحافظة إدلب من حيث الأمن مناطق آمنة إلى أخرى أقل أمنا رغم سيطرة الجيش السوري الحر عليها، إلى مدن يعتبرونها "غير محررة" وينصحون بعدم الاقتراب منها لوجود قناصة وحواجز للنظام فيها.

في الطريق يمر الزائر على قرى وبلدات ومدن عديدة وصولا لسرمدا ومعرة مصرين التي يجد الزائر لها مدينة أشبه بمدن الأشباح حيث لم يعد فيها من سكانها الخمسين ألفا سوى أقل من خمسة آلاف لكنها تحمل ميزة بالنسبة للنشطاء تتمثل في أنها أقرب مدينة محررة شمال مدينة إدلب التي لا تزال تحت سيطرة النظام السوري رغم وجود ثوار يقاتلون بداخلها.

أما في الطريق نحو بقية ريف إدلب يضطر النشطاء إلى الالتفاف على بعض الطرق الرئيسية والتوجه نحو الطرق الفرعية والزراعية للابتعاد عن مناطق يوجد فيها حواجز للنظام أو قناصة.

‪المناطق التي يسيطر عليها الثوار غاب عنها النظام‬ (الجزيرة نت)
‪المناطق التي يسيطر عليها الثوار غاب عنها النظام‬ (الجزيرة نت)

في الجولة مررنا على قرية زردنا التي كانت قد تعرضت لقصف قبل ساعة واحدة من وصولنا قتل فيه طفل يبلغ من العمر عشر سنوات وجرح عدد من السكان رغم أن القرية التي كان يقطنها ستة آلاف نسمة لم يعد فيها إلا أقل من ألفين.

تحدث بعض السكان للجزيرة نت عن أن إمام مسجد القرية نادى عبر المكبرات يوم السبت وطلب من الأهالي إرسال أولادهم للمدارس اعتبارا من يوم الأحد الذي شهد سقوط ثلاث قذائف بالقرب من مدرسة الشهيد جمعة مكحلة.

قال أحد السكان معلقا على الأمر "لن أرسل أولادي للمدرسة وليضيع عليهم العام الدراسي. العام الدراسي سيعوض لكن ابني لن يعوض إن قتل في قصف النظام".

مناطق أشباح
بالانتقال من زردنا مرت بنا السيارة بعدة قرى حتى وصلنا تفتناز التي بدت مدينة أشباح خالية من السكان إلا من بعض الثوار الذين يحاولون تعطيل حركة الطائرات المروحية التي تقلع من المطار لتقصف مناطق بحلب وريفها.

بعد تفتناز انتقلت بنا الطريق نحو أوتستراد حلب دمشق الدولي الذي يسيطر الجيش الحر على مسافة تمتد لنحو 45 كيلومترا من منطقة إيكاردا بريف حلب حتى معر شورين بريف إدلب باستثناء الطريق مقطع جسر سراقب.

يضطر السالكون للأوتستراد الدولي وخاصة من النشطاء الالتفاف على جسر سراقب الذي تتركز في شماله قوات تابعة للنظام وقناصة يستقرون على معملي الزيت والويس ومركز البث الإذاعي في سراقب عبر عدة قرى قبل أن يعودوا للأوتستراد مرة أخرى وتستمر سيطرة الجيش الحر حتى ما قبل معرة النعمان بنحو كيلومترين حيث تبدأ سيطرة الجيش النظامي على الطريق حتى العاصمة دمشق.

الجامع بين سكان ريف إدلب -إضافة لغياب النظام وسيطرة الجيش الحر على نحو 80% على المحافظة التي تشكل نحو 3% من مساحة سوريا- هو أنهم يتعرضون لعقوبات من النظام تتمثل في توزع القصف على المدن والأرياف من جهة، وانقطاع الكهرباء عنهم من جهة أخرى.

في جرجناز عايشنا مع السكان انقطاع الكهرباء بشكل متقطع، بينما في زردنا أبلغنا السكان أن الكهرباء مقطوعة منذ تسعة أيام، وفي كل بلدة ومدينة وقرية كنا نمر بها كنا نسمع الشكوى من انقطاع الكهرباء من ساعات لأيام.

تحدث لنا أحد أعيان جرجناز عن أن البلدة فقدت منذ بداية الثورة على النظام السوري 41 من خيرة أبنائها، رغم أنه وعلى مدى أربعين سنة لم تحدث إلا جريمة قتل واحدة في البلدة التي يقطنها 18 ألف نسمة.

حصيلة الجولة بريف إدلب كانت أن النظام سقط فعليا في معظم المناطق، لكن النظام لا يزال يسيطر على 12 بلدة ومدينة ومنها مدينتي إدلب وأريحا، والحقيقة الأخرى التي يؤكدها النشطاء أن الثوار لا يسيطرون حتى اليوم على أي مدينة رئيسية، كما أن النظام لا يعمل على استعادة أي بلدة أو مدينة يفقد السيطرة عليها.

المصدر : الجزيرة