نمو الإسلاموفوبيا بهولندا

صورة لجانب من عرض الكتاب الاسلاموفوبيا والتمييز والذي تم المنتدى الاكاديمي لجامعة امستردام

المنتدى الأكاديمي بجامعة أمستردام يستضيف فعالية عرض كتاب الاسلاموفوبيا والتمييز (الجزيرة نت) 

نصر الدين الدجبي-أمستردام

توصلت باحثة هولندية في كتابها "الإسلاموفوبيا والتمييز" الذي عرضته أمس في المنتدى الأكاديمي بجامعة أمستردام، إلى غياب تشريعات وقوانين صارمة تهدف إلى التصدي للظواهر المعادية للإسلام واستهداف المساجد.

وتوصلت الباحثة أينكه فاندر فالك المتخصصة في علم الاجتماع في كتابها الذي يعتبر الأول من نوعه والذي يدرس الإسلاموفوبيا بشكل منفرد ومعمق، أن الحوادث التي شهدتها مساجد في هولندا بين عامي 2005 و2010 بلغت 117 حادثة مقابل 42 حادثة فقط في الولايات المتحدة في الفترة ذاتها.

وتنوعت الحوادث بحسب الباحثة بين الحرق والتخريب والكتابة على الجدران، إضافة إلى رسائل بريدية ملغومة، وتهديدات عبر الهاتف، وتعليق شاة ميتة على عمود وكتابة عبارة "لا لبناء مسجد" عليها، أو وضع رأس خنزير، أو تلطيخ الحائط بالدماء.

أينكه: للتسامح وجهه السلبي (الجزيرة نت) 
أينكه: للتسامح وجهه السلبي (الجزيرة نت) 

وأوضحت أينكه في حديث للجزيرة نت أن هولندا عرفت بصورتها المتسامحة، ولكن التسامح -كما تقول- له أيضا وجه سلبي، إذ ولّد عقلية التسامح مع العنصريين تجاه القادمين من دول إسلامية. كما بينت أن عقلية عدم التسامح مع المسلمين كرسته أحزاب عبر تبنيها لهذا التوجه المعادي للأجانب والمسلمين.

وحول أسباب انتشار الإسلاموفوبيا أوضح مدير المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية عبدو لمنبهي للجزيرة نت أنه رغم تداعيات هجمات 2001 ومقتل المخرج ثيو فان خوخ عام 2004، كان بإمكان الحكومات الهولندية المتعاقبة محاصرة الظاهرة وتجاوزها، لكن السياسة الهولندية الصامتة على نشر الكراهية والتمييز ضد المسلمين وتحالفها مع حزب يميني متطرف، أسهمت إلى حد كبير في الموافقة على انتشار الخوف من الإسلام.

وعبّر أحد الحاضرين على هامش أمسية عرض الكتاب عن امتعاضه من السياسة الهولندية، قائلا "أول شيء فعله الرئيس (الأميركي جورج بوش كسياسي بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول كان الذهاب إلى المسجد ليفصل بين الحدث والتعايش. أما في هولندا فكان الأمر مغايرا، حيث انتعش بعض الساسة من الأحداث ودعموا حربا ضد الإسلام، ونشأت أحزاب وتيارات تعتبر الإسلام عدوا بهدف الكسب السياسي".

لمنبهي: مصطلح الإسلاموفوبيا سيُضافإلى القاموس مثل السامية والجنوسية(الجزيرة نت)
لمنبهي: مصطلح الإسلاموفوبيا سيُضافإلى القاموس مثل السامية والجنوسية(الجزيرة نت)

تكتم
وبينت الباحثة أن المسلمين لا يبلغون عن كل الحوادث التي تحصل مخافة تكرارها أو الانتقام أو اللامبالاة، وأحيانا أخرى لمعوقات لغوية أو بناء على نصيحة من الشرطة. كما أن هناك قناعة لدى بعض الناس بأن الشرطة لن تفعل شيئا، وتقديم شكوى يستغرق وقتا طويلا كما أنه قليل الجدوى.
 
وأوضحت أن نسبة الكشف عن الجناة ضعيفة جدا، فمن أصل 117 حالة ظلت 99 منها مجهولة الفاعل. وتعرض الكتاب إلى أن جل الحوادث وقعت في المدن الصغيرة لقلة احتكاك الناس فيها بالمسلمين.
 
وتناول البحث ما يزخر به الإنترنت من إسلاموفوبيا، بحيث رصد مكتب مراقبة حالات التمييز عبر الإنترنت في العام الماضي 290 شكوى متعلقة بالتمييز، تتناقلها في الغالب صفحات على الشبكة لمتطرفين يمينيين هولنديين.

وحول ما يجب عمله حيال هذه الظاهرة، تقول الباحثة إنه يجب العمل على حل المشاكل الاجتماعية التي تلعب دورا في جعل الناس يتخذون مواقف عنصرية، والابتعاد عن التعميم والأحكام المسبقة، مع تكريس الانفتاح والحفاظ على قيم التنوع والتعدد. ودعت إلى الأخذ من تجارب دول مجاورة في تحقيق التعايش وتفعيل مؤسسات المجتمع المدافعة عن مبدأ المواطنة.

قاموس جديد
وأوضح عبدو لمنبهي الذي دعم مركزه مشروع الكتاب، قائلا "كنا نريد أن ندخل مصطلحا جديدا إلى القاموس الهولندي بعدما رفض الساسة والقانونيون ضمه"، مضيفا أن كلمة إسلاموفوبيا بعد هذا البحث الأكاديمي المنفصل والمعتمد على أبحاث وإصدارات علمية، لا يمكن للقواميس تجاهلها.

وأشار إلى أن هذا الكلمة ستضاف إلى كلمات مثل السامية والجنوسية التي يعاقب من تثبت إدانته بها.

المصدر : الجزيرة