الحراك الأردني ينتقل للجنوب

من اعتصام الملكية الدستورية امام البرلمان1

من اعتصام الملكية الدستورية أمام البرلمان (الجزيرة نت)

محمد النجار-عمان

في تطور يحمل دلالات سياسية هامة، انتقلت حركات الاحتجاج إلى جنوب الأردن حيث شهدت مدينتا معان والطفيلة مظاهرات مطالبة بإسقاط حكومة معروف البخيت، التي اتهموها برعاية الفساد وعدم المضي في الإصلاح.

وجاءت مظاهرات اليوم بعد ساعات من إعلان البخيت استقالة اثنين من الوزراء على خلفية ما عرف بقضية تهريب رجل الأعمال خالد شاهين، الذي سمحت له الحكومة بالمغادرة للولايات المتحدة للعلاج، وتبين لاحقا أنه يقيم في لندن.

وتكمن أهمية وصول الاحتجاجات لجنوب الأردن في أن الجنوب كان له دور تاريخي في التأثير على المشهد السياسي بالأردن، حيث كان لـ"هبة نيسان" التي انطلقت في الجنوب عام 1989 الفضل في عودة الحياة الديمقراطية للبلاد، كما أن الجنوب كان وراء "ثورة الخبز" الشهيرة عام 1996، التي انطلقت احتجاجا على السياسات الاقتصادية والغلاء.

النائب حازم العوران:
الحكومة ليست صادقة لإحداث إصلاحات سياسية ولم تقم بأي خطوة ترضي الشارع

واتهمت مسيرتا معان والطفيلة الحكومة برعاية الفساد، وهتف المتظاهرون بالطفيلة "يا بخيت ارتاح ارتاح.. ما أنت ناوي عالإصلاح"، و"الشعب يريد إسقاط الحكومة"، ورفعوا لافتات تصف الأجهزة الأمنية "بالعدو الأول للديمقراطية والإصلاح".

بدوره اعتبر النائب بالبرلمان حازم العوران في كلمة له خلال المسيرة أن نية الحكومة ليست صادقة لإحداث إصلاحات سياسية، وقال إنها لم تقم بأي خطوة ترضي الشارع، كما انتقد تحذير البخيت لأي شخص من اتهام أي فرد بالحكومة بالفساد بدون دليل، مؤكدا أن الحكومة تعرف أين الفساد ومن هم الفاسدون، و"عليها أن تحاكمهم".

بدوره انتقد الشاب غسان المرايات أحد منظمي المسيرة ما أسماه بالتهميش الذي تتعرض له الطفيلة الذي حوّلها لمدينة طاردة، موضحا أن عدد سكانها تناقص من 220 ألفا إلى 80 ألفا، مؤكدا أن المشاريع التي أقيمت بالمدينة تمت خصخصتها واستولى عليها المتنفذون.

مظاهرة معان
وفي مدينة معان المعروفة بكونها إحدى بؤر الاحتجاج التاريخية ضد السياسات الحكومية خرج المئات من أبنائها في مسيرة جابت وسط المدينة، على وقع إضراب يشل سكة الحديد الحجازي بالمدينة للمطالبة بتحسين ظروف موظفيها وهم من أبناء المدينة.

حكومة البخيت تواجه سخطا شعبيا متزايدا (الجزيرة نت-أرشيف)
حكومة البخيت تواجه سخطا شعبيا متزايدا (الجزيرة نت-أرشيف)

وبالمسيرة التي أطلق عليها "مسيرة طلائع سحابة الفرسان" وُزع بيان جاء فيه "لقد دمرت الحكومة البخيتية روحنا المعنوية حتى وصلنا لحالة انكسار نفسي لا يشفيه سوى محاكمة حقيقية ونشر أسماء الفاسدين بالقطاع العام والخاص".

مظاهرات في عمان
وفي العاصمة عمان نفذ العشرات من مبادرة "الملكية الدستورية" أول تحرك لهم أمام مجلس النواب تحت شعار "الشعب يريد ملكية دستورية".

وحدد بيان وزع في المسيرة مطالب المبادرة التي اعتبرت أن الملك هو رأس الدولة، وليس رأسا للسلطات، وضامن للحقوق وليس مانحا للامتيازات والمكارم.

كما طالب البيان بأن يتم اختيار الحكومة ومجلسي النواب والأعيان عن طريق الانتخاب، ودعا لضمانات حقيقية ضد تزوير الانتخابات ومكافحة الفساد.

وقال جمال الطاهات أحد قادة المبادرة للجزيرة نت إن هذا التحرك هو الأول ولن يكون الأخير، ورسالته أن الملكية الدستورية تنتقل من كونها مبادرة بين النخب إلى مبادرة جماهيرية "لإرسال رسالة واضحة أن التسويف في الإصلاحات لم يعد مقبولا ويمثل خطرا على كل مكونات الدولة وهي الأرض والشعب والنظام السياسي".

جمال الطاهات (الجزيرة نت)
جمال الطاهات (الجزيرة نت)

ووجه رسالة للملك عبد الله الثاني بالقول "الشعب الأردني يثق بجلالة الملك ويطالبكم بأن تثقوا بهذا الشعب وأن تتخذ خطوات حاسمة تجاه الإصلاح".

رسالة مهمة
بدوره رأى المحلل السياسي فهد الخيطان أن انتقال حركة الاحتجاج لمدن الجنوب الأردني "رسالة مهمة جدا" ويدلل على أجواء التوتر بين رئيس الحكومة والجنوب، خاصة بعد فشل زيارته للطفيلة والتي نتجت عنها أزمة تمثلت بالحراك الذي تشهده منذ أسبوعين.

وقال للجزيرة نت إن رئيس الوزراء والحكومة "لم يستفيدوا شيئا من استقالة وزيري الصحة والعدل بل فتحت الباب لتساؤلات منها لماذا استقال الوزيران إذا لم يكونا مذنبين كما ذكر البخيت؟ ولماذا استقالا قبل استكمال التحقيق بقضية تهريب شاهين؟".

واعتبر أن الحكومة تخرج من أزمة لتدخل في أزمات جديدة، وعبر عن خشيته من أن تتحول لجزء من المشكلة بعد أن ضاق الشارع ذرعا بها.

ودعا لحوارات سريعة بين الحكومة والقوى الاجتماعية والسياسية بعد أن انتقلت الأزمة من عمان للجنوب قبل فوات الأوان.

المصدر : الجزيرة