صراع النفوذ يقسم صنعاء

نقطة امنية للفرقة تقوم بحماية المعتصمين شمال العاصمة صنعاء (الجزيرة نت).

قوات الفرقة المدرعة التي يقودها علي محسن تقوم بحماية المعتصمين شمال العاصمة صنعاء (الجزيرة نت)

حامد عيدروس-صنعاء

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء صراعا محموما بين القوات المؤيدة للثورة والقوات المؤيدة للنظام، فكل جهة وضعت متاريسها وأقامت نقاط تفتيش لها سعيا لبسط نفوذها على شوارع العاصمة، ويحاول كل طرف كسب مواقع إستراتيجية جديدة وتأمين محيط المنطقة التي تتمركز فيها قواته.

ويرى مراقبون أن العاصمة تعيش حالة من اللاسلم واللاحرب، فالمتجول في شوارع صنعاء يرى استنفارا للقوات وكأنها تستعد لمعركة وشيكة، حيث أصبحت السواتر الترابية أمرا مألوفا في العاصمة، فهي تنتشر في معظم التقاطعات الرئيسية ويتمترس فيها جنود الطرفين بشكل دائم.

ويمثل الاشتباك الذي حصل الأسبوع الماضي في تقاطع تسيطر عليه قوات الجيش المنشقة مع قوات أمن موالية للنظام واستعملت فيه الرشاشات وقذائف آر بي جي، مؤشرا إلى ما قد تؤول إليه الأمور في حالة غياب حل سياسي سريع للأزمة الراهنة.

ويرى خبراء أن ما تقوم به القوات المؤيدة للنظام من محاولات لكسب مواقع تمركز جديدة وسعي لتقليص وجود قوات الفرقة الأولى مدرعة بالأماكن الحساسة، والقيام بقطع إمدادات التموين العسكري عنها، هو محاولة لجرها إلى صراع قد تكون الغلبة فيه لقوات الحرس الجمهوري المتفوقة في العدد والعدة.

كما تُعد محاولات الاغتيال التي تنفذها السلطة ضد القادة المنشقين والتي كان آخرها ما تعرض له قائد المنطقة الشرقية اللواء محمد علي محسن من محاولة اغتيال فاشلة على يد مدير مكتبه، استفزازا آخر يهدف إلى تأزيم الوضع ميدانيا بهدف خلط الأوراق وإطالة عمر النظام.

القوات الموالية للرئيس تتمركز بمحيط القصر الرئاسي وحول المباني الحكومية (الجزيرة نت)
القوات الموالية للرئيس تتمركز بمحيط القصر الرئاسي وحول المباني الحكومية (الجزيرة نت)

تقسيم العاصمة
تزايد وتيرة الصراع الأمني دفع كل جهة الى محاولة فرض وجودها على الأرض، فالأحداث الجارية قسمت العاصمة صنعاء أمنيا إلى قسمين، قسم شمالي تسيطر عليه الفرقة الأولى مدرعة المنضمة للثورة، وهو ذو كثافة سكانية عالية وامتداد جغرافي كبير، وتقع فيه ساحة التغيير كما تتركز في هذا القسم مسيرات المعتصمين المطالبين بسقوط الرئيس علي عبد الله صالح.

وقسم جنوبي تسيطر عليه قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي الموالي للرئيس صالح، ويقع ضمنه القصر الجمهوري وميدان السبعين الذي يحتشد فيه أنصار حزب المؤتمر الحاكم كل جمعة، وبين القسمين حد فاصل هو شارع الزبيري الذي يتوسط العاصمة صنعاء.

ويصل الصراع أيضا إلى المرتفعات المحيطة بصنعاء، فالفرقة تسيطر على بعض الجبال شمال العاصمة حيث تتمركز دفاعاتها الجوية ومدفعيتها الثقيلة، كما تتمركز قوات من الحرس الجمهوري على مرتفعات أخرى منها جبل عصر المحاذي لسكن الرئيس، ويحاول كل طرف توسيع نفوذه في تلك المرتفعات لما تمثله من أهمية إستراتيجية، فهي تُسهّل التحكم بالعاصمة وتكشف مواقع الخصوم.

جيش شعبي
غياب حل سياسي قريب للأزمة وانعدام الثقة بين طرفي النزاع مع ازدياد حدة التوتر الأمني، دفع الجميع إلى تعزيز قدراته القتالية تحسبا لأي طارئ.

فالفرقة التي تعاني من نقص في عدد الجنود بسبب الحروب التي خاضتها مع الحوثيين اتجهت لتعويض هذا النقص، حيث قامت بتجنيد شباب كثر ودربتهم بشكل مكثف وألحقتهم بالخدمة العسكرية، ساعية إلى تكوين جيش شعبي يساهم في إيجاد توازن في القوى ضد قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس.

وفي المقابل، وزعت وحدات الأمن التابعة للرئيس أسلحة على الموالين للنظام وأعضاء الحزب الحاكم، ولوحظ كثير من المسلحين بزي مدني ينتشرون في المناطق التي تسيطر عليها قوات صالح وخاصة في شارع الستين المؤدي إلى القصر الرئاسي، الأمر الذي ينذر باحتمال نشوب حرب أهلية تكون خارج السيطرة.

غربلة
من جهة أخرى حرصت كل القوى الأمنية في طرفي النزاع على غربلة صفوفها من أنصار الطرف الآخر أو من يشك في ولائهم وخاصة في الرتب الكبيرة، سواء بالعزل أو النقل إلى أماكن بعيدة أو الإحالة إلى التقاعد، وقد رصدت منظمات حقوقية حالات اعتقال في صفوف منتسبي قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي ممن يتوقع أنهم يؤيدون الثورة.

يُذكر أن الرئيس قام بتعيين قادة جدد للمناطق العسكرية التي أعلنت انضمامها للثورة لكن دون جدوى، حيث لم يستلم أي منهم مهامه، فقد رفض الجنود دخولهم للمعسكرات وقاموا بطردهم.

المصدر : الجزيرة