الصوفية.. بوصلة السياسة بالسنغال

سياسي سنغالي يقبل يد الناطق الرسمي باسم المريدية

سياسي سنغالي يقبل يد الناطق الرسمي باسم المريدية (الجزيرة نت)

سيدي ولد عبد المالك-دكار

يتجدد الاهتمام بتأثير رجالات الطرق الصوفية في المشهد السياسي بالسنغال مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة مع بداية العام القادم.

ويعود تاريخ تأثير مشايخ الطرق الصوفية في المشهد السياسي إلى بداية نشأة هذه الدولة التي ظلت مستعمرة فرنسية لغاية عام 1960، بل إن البعض يرى أن دور الصوفية السياسي سبق ميلاد الدولة السنغالية، وكان حاضرا بقوة إبان الفترة الاستعمارية كدور مقاوم وممانع.

وتُراهن الأحزاب والقوى السياسية على دعم وتأييد زعماء الطرق الصوفية بالنظر إلى دورهم المؤثر والحاسم في رسم ملامح المشهد السياسي القادم، ولا يمنع هذه الأحزاب من ذلك مبدأ لائكية الدولة التي ينص عليها دستور البلاد، ولا حتى القناعات الفكرية لبعض رموزها وقادتها التي تطمح لتحييد دور المتدينين في الحياة السياسية.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية القادمة يبرز إلى السطح سباق الساسة والقادة، بمن فيهم الرئيس الحالي عبد الله واد، لكسب تأييد مشايخ الطرق الصوفية.

وتعيش كل من مدن طوبي وكولخ ومدينة باي وتيووان -وهي مدن تعرف في السنغال على أنها معاقل الطرق الصوفية- على وقع حملة انتخابية سابقة لأوانها، إذ دأب السياسيون على أن يبدأ نشاطهم الانتخابي بزيارات للبيوت الصوفية الكبيرة التماسا للدعم والبركة.

جوب: مرحلة الرئيس واد تعتبر أسوأ محطات استغلال الدولة للصوفية (الجزيرة نت)
جوب: مرحلة الرئيس واد تعتبر أسوأ محطات استغلال الدولة للصوفية (الجزيرة نت)

صانع الملك
واعتبر الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة عزيز جوب، أن ظهور زعماء الصوفية بمظهر "صانع الملك"، هو الذي دفع النخبة السياسية المحلية إلى تركيز أنشطتها الأولية للتوعية على وجهاء الطرق الصوفية. وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن الطرق الصوفية وُظفت كثيرا في المجال السياسي من قبل حكام السنغال.

وأشار جوب إلى أن رئيس السنغال الأول الليوبولد سيدارف سينغور لم يمنعه انتماؤه المسيحي من الارتماء في أحضان الطرق الصوفية السنغالية، ونجح باحتوائه للصوفية في إدارة شؤون بلد يتجاوز تعداد المسلمين فيه 90% لأكثر من عقدين.

وأكد جوب أن دعم الصوفية كان وراء وصول الرئيس عبد جوف، وخلفه الرئيس الحالي عبد الله واد إلى السلطة. غير أنه أكد أن مرحلة الرئيس عبد الله واد تعتبر من أسوأ محطات "استغلال" الدولة للصوفية.

نهاية الحجر السياسي
من جانب آخر، اتهم جوب الرئيس واد بالسعي إلى توريط زعماء الطريقة المريدية، التي ينتمي إليها، في بعض النزاعات السياسية الحساسة، ومحاولة جرها إلى خندقه السياسي في معاركه ضد الخصوم، وأوضح أن "واد يظهر  تقديرًا مبالغا فيه للخليفة العام للمريدية، حيث يظهر أمامه كأحد الأتباع لا كرئيس الدولة".

السائق منصور فال يحمل صورة شيخه(الجزيرة نت)
السائق منصور فال يحمل صورة شيخه(الجزيرة نت)

واستبعد المتحدث أن يتخذ مشايخ الطرق الصوفية مواقف سياسية منحازة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتوقع أن تنأى زعامات الصوفية بنفسها عن إظهار دعم علني لأي طرف سياسي، وبوجه خاص الوجوه السياسية "المحترقة" كالرئيس عبد الله واد، لأن الأمر سيضر بصورة زعماء هذه الطرق أمام أتباعها باعتبار أن الناخب السنغالي تجاوز سن "الحجر السياسي"، حسب تعبيره.

من جهته أيد المواطن منصور فال -سائق سيارة أجرة- ما ذهب إليه جوب، وقال -في تصريح للجزيرة نت- إن الجمع بين الولاء الروحي والولاء السياسي أمر غير ملزم. وأضاف "ارتباطي الروحي بشيخي في الطريقة قوي جدا، لكنني أرى أن المعتقدات الروحية شيء، والميول السياسية شيء آخر".

وتنتشر الطرق الصوفية بشكل كبير في المجتمع السنغالي. وتُعد المريدية والتيجانية من أهم الطرق وأكثرها انتشارا. وتمتاز الطريقة المريدية بكونها سنغالية المنشأ، حيث تأسست عام 1888 على يد العالم السنغالي الشيخ أحد بمبا الذي عرف بمقاومته للاستعمار الفرنسي.

المصدر : الجزيرة