تجريم الهجرة السرية بالجزائر مثار جدل

حراقة مبحرون للمجهول - فيلم الحراقة - ظاهرة الحراقة لاتحل بالتجريم - أميمة أحمد – الجزائر
لقطة من فيلم "الحراقة" للمخرج الجزائري مرزاق علواش

أميمة أحمد-الجزائر

                             
يدور جدل بالجزائر بشأن قضية تجريم الهجرة غير القانونية أو ما يعرف لدى الجزائريين بـ"الحراقة"، بعد تضاعف عدد المهاجرين السريين خاصة خلال الفترة الأخيرة.
 
فقد قال المحامي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية، إن عدد مهاجري "الحراقة" بلغ أسبوعيا نحو 60 شخصا جلهم من الشباب, بالتزامن مع نجاح خفر السواحل الإسباني في إحباط أكبر موجة هجرة نحو سواحله.
 
وأوقف خفر السواحل الإسباني الخميس الماضي سبعة زوارق تحمل 115 مهاجرا غير قانوني معظمهم جزائريون.
 
وكان البرلمان الجزائري صدّق العام الماضي على قانون تجريم الهجرة السرية في محاولة لكبح الظاهرة، ولقي القانون انتقادات حادة ووصفه البعض بأنه يحد من حق الإنسان في حرية التنقل والإقامة.
 
إلغاء السجن
ويعتقد قسنطيني أن كبح الظاهرة لا يكون بتجريمها أو بتسليط عقوبات سالبة للحرية، ويقترح الإبقاء على تجريم الظاهرة وإلغاء عقوبة السجن لتسهيل عودة هؤلاء المهاجرين الجزائريين إلى بلادهم, لأنهم "يرفضون العودة خوفا من السجن".
 
بوشاشي: القانون الدولي لا يلزم الدول باستقبال المهاجرين غير القانونيين
بوشاشي: القانون الدولي لا يلزم الدول باستقبال المهاجرين غير القانونيين

ويقول خبير القانون الدولي المحامي مصطفى بوشاشي إن المسألة يتنازع فيها حقان: حق دخول وخروج الإنسان من وطنه والتنقل والإقامة، والحق السيادي للدول الأوروبية في منع دخول الأجانب إلى أراضيها دون مبررات قانونية، مشيرا إلى أن القانون الدولي لا يلزم الدول باستقبال المهاجرين غير القانونيين باستثناء طالبي اللجوء السياسي.

 
ومن جهته يرى رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي بوجمعة غشير أن قانون تجريم الهجرة السرية مقبول من المنظور القانوني لمخالفة شروط مغادرة البلد.
 
ويضيف في المقابل أنه على الدولة أن تقوم بإزالة أسباب الهجرة السرية بدلا من سن قانون لتجريمها، فيصبح ذلك عقوبة إضافية لهؤلاء الشباب الذين يدفعهم لذلك الفقر والحاجة، على حد قوله.
 
أسباب
ويفسر الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي ظاهرة الهجرة السرية بتحولات المجتمع الجزائري خلال أزمة العنف في تسعينيات القرن الماضي، حيث تفككت الأسر وخسر مئات الآلاف من العمال وظائفهم لتتسع دائرة الفقر, وهو ما يدفع الشباب إلى الإحباط، حسب رأيه.
 
وأضاف أن من بين الأسباب كذلك الصورة النمطية لحياة الغرب في الفضائيات، وفشل دمج الشباب في المجتمع، إضافة إلى الحرمان الجنسي الذي يجده متاحا بالغرب.
 
أما مدير جريدة الشروق الجزائرية علي فضيل فيرى أن ظاهرة الهجرة السرية أصبحت مقلقة "لأن الشباب فقد انتماءه الوطني والأسري والديني، وهو ما لم يحدث أيام الاستعمار الفرنسي".
 
ويعتقد فضيل أن "عشرية الدم" خلال تسعينيات القرن الماضي أحدثت هزة في القيم، "وكان على الدولة والأسرة والجمعيات والمدرسة والمسجد أن تقوم بتوعية الشباب، لكن هذه المؤسسات استقالت دفعة واحدة".
 
يذكر أنه لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المهاجرين غير القانونيين, لكن إحصاءات البحرية الجزائرية تشير إلى أن أكثر من 2300 مهاجر سري جزائري تم إنقاذهم في عرض البحر خلال الفترة من 2004 إلى 2007، كما رحّلت إسبانيا وحدها خلال نفس الفترة 540 مهاجرا جزائريا.
المصدر : الجزيرة