رسائل صينية للنسر الأميركي

AFP (FILES) Photo taken November 25, 2004 shows a Chinese navy ship sail along the famous Victoria harbour during the replacement exercise in Hong Kong. An anti-piracy task force
محللون عسكريون أميركيون تحدثوا عن مخاوف من قوة بحرية صينية صاعدة (الفرنسية-أرشيف)

عزت شحرور-بكين

 
تواصل البحرية الصينية منذ نهاية الشهر الماضي مناوراتها العسكرية في بحر الصين الشرقي والتي ستستمر لمدة ستة أيام حتى الخامس من يوليو/تموز الجاري.
 
تجري المناورات بهدوء ودون صخب إعلامي يعكر المياه الصينية، ودون إعطاء أي أسباب أو مبررات لهذه المناورات أو لأهدافها.
 
آخر مناورة بحرية صينية كانت في مارس/آذار 1996, أجريت خلالها تجارب صاروخية بالستية لضرب أهداف بحرية في ظل أجواء من التوتر خيمت على جانبي مضيق تايوان.
 
وعادة ما تقوم الولايات المتحدة واليابان وقوى إقليمية أخرى بتوجيه انتقادات لاذعة للصين عند تحريك بعض قطعها العسكرية في مياهها الإقليمية.
 
توقيت المناورات هذه المرة لا يخفى على عين المراقب, التي يراها رسالة واضحة لواشنطن التي تستعد لإجراء مناورات بحرية مشتركة خلال الشهر الجاري مع كوريا الجنوبية في البحر الأصفر بمحاذاة شواطئ شبه الجزيرة الكورية. ومن المتوقع أن تشارك حاملة الطائرات الأميركية النووية (جورج واشنطن) بالمناورات المزمعة.
 
ويرى مراقبون أن ذلك قد يؤدي لمزيد من التوتر على الوضع المتوتر أصلاً في المنطقة. وتنظر الصين إلى البحر الأصفر بأهمية إستراتيجية بالغة تؤثر بشكل مباشر على أمنها القومي لا تقل عن أهمية خليج المكسيك بالنسبة لواشنطن.
 
الإعلان عن المناورات الأميركية الكورية الجنوبية جاء في أعقاب حادثة غرق البارجة الكورية الجنوبية تشونان في 26 مارس/آذار الماضي, والتي أودت بحياة عدد من أفراد القوات البحرية لكوريا الجنوبية.
 

"
آخر مناورة بحرية صينية كانت في مارس/آذار 1996, أجريت خلالها تجارب صاروخية بالستية لضرب أهداف بحرية في ظل أجواء من التوتر خيمت على جانبي مضيق تايوان
"

وكانت أصابع الاتهام قد وجهت لكوريا الشمالية بالوقوف وراء إغراق البارجة بناء على تقرير من لجنة تحقيق دولية, الأمر الذي نفته بيونغ يانغ واعتبرته محض افتراءات. ولا تزال الصين ترفض إدانته وتشكك في نتائجه.

 
قلق صيني
الصين من جانبها تنظر بقلق شديد وتوجس بالغ لهذه المناورات التي لن تكون بعيدة عن مياهها الإقليمية بل لن تكون بعيدة كثيراً عن العاصمة بكين وعن بعض الموانئ والمناطق الصناعية والتجارية الإستراتيجية الصينية والتي ستكون في إطار التهديد وتحت مرمى النيران المباشرة للقوات الأميركية خاصة أن الجيش الأميركي يتمتع بسجل طويل في توجيه "ضربات خاطئة"، وفق ما تقول بكين بالإشارة إلى قصف سفارتها في بلغراد عام 1999.
 
كما أن المناورات تأتي في ظل توتر تشهده العلاقات العسكرية بين واشنطن وبكين في أعقاب صفقة أسلحة كبيرة إلى تايوان, وبعد سلسلة انتقادات واتهامات مباشرة من البنتاغون للمؤسسة العسكرية الصينية باعتبارها عقبة أمام تطوير العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجانبين.
 
بعض الخبراء والمحللين العسكريين الأميركيين لا يخفون أن هدف المناورات هو إجراءات استباقية للحد من تنامي قوى بحرية صاعدة باتت تؤثر على الاستقرار والتوازن الإستراتيجي في منطقة آسيا/المحيط الهادي في إشارات بأن المقصود في ذلك هي قوات البحرية الصينية.
 
أمجاد قديمة
يذكر أن الصين تتمتع بحدود وسواحل بحرية يصل طولها إلى حوالي 18 ألف كيلومتر, وتمتلك ما يقارب من 6900 جزيرة. ويرى مراقبون أن الصين تحاول استعادة أمجادها البحرية التي وصلت إلى أوجها في القرن الرابع عشر إبان حكم أسرتي مينغ وتشينغ, عندما كانت تمتلك أكبر أساطيل العالم, وقبل أن تنكفئ داخل أسوارها وتتحول السواحل الصينية إلى الخاصرة الرخوة والضعيفة التي تتسلل منها كل القوى والدول التي تعاقبت على احتلال الأراضي الصينية في القرن التاسع عشر.
 
ويسود اعتقاد لدى الخبراء العسكريين والإستراتيجيين الصينيين بأن القوة البحرية لبعض الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا قد ساهمت إلى حد كبير في ازدهار تلك الدول وتطورها, وأن فقر الصين وتخلفها لفترة طويلة يعود بدرجة أساسية إلى ضعف قواتها البحرية.
 
مع ازدياد تنامي القوة الاقتصادية الصينية ومع تنامي حاجتها لمصادر الطاقة والموارد الأولية بات لزاماً عليها -كما يرى مراقبون- تنمية قدراتها العسكرية وعلى وجه الخصوص قواتها البحرية ليس لحماية حدودها فقط ولكن لحماية مصالحها وحماية طرق إمداد النفط والبدء بالتنقيب عنه في أعالي البحار.
 
يذكر أن تحركات البحرية الصينية في الآونة الأخيرة باتت تثير الكثير من اهتمام المحللين والمراقبين، خاصة بعد انخراطها في ما يسمى مكافحة القرصنة الدولية وإرسالها ثلاث قطع بحرية إلى خليج عدن.
 
وقد اعتبرت الخطوة نقلة نوعية في سياسة الصين العسكرية باعتبارها المرة الأولى التي تقدم فيها الصين على نشر قواتها خارج حدودها. كما أنها شرعت في بناء حاملة طائرات خاصة بها وتفكر بجدية في إيجاد قواعد عسكرية دائمة في مناطق مختلفة من العالم من ضمنها الخليج العربي.
المصدر : الجزيرة