صحفيو العراق بين موتين

شهاب التميمي نقيب الصحفيين الراحل .. طالب بالأنصاف فقتل

شهاب التميمي نقيب الصحفيين السابق أحد من حصدتهم آلة العنف بالعراق (الجزيرة نت-أرشيف)

فاضل مشعل-بغداد

بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وجد الصحفيون العراقيون أنفسهم مخيرين بين أمرين أرحمهما موت، فهم يكونون إما فريسة لرصاص جماعات مسلحة، وإما ضحايا موت بطيء بسهام البطالة إن هم اختاروا الابتعاد عن مهنة المتاعب.

هكذا أصبحت الصحافة مهنة موت في بلد قتل فيه نحو ثلاثمائة صحفي منذ عام 2003، وهو ما يفوق عدد من قتلوا من الصحفيين في فيتنام كل سنوات حربها.


قتل الإلهام
عادل البالغ من العمر 66 سنة ممن رفضوا العمل في الصحافة بعد الاحتلال، وهو لا يستسيغ أن يصبح خاضعا لسلطة أحد تلامذته، فاختار أن يلزم بيته لأن ظروف العمل الصحفي السوي لم تعد متوفرة في بلاد الرافدين، في نظره.

ويفسر ذلك في حديث للجزيرة نت قائلا إن "الإلهام في العمل الصحفي يشبه إلهام الشعر، تحركه نوازع ومبادئ وثوابت داخل كل منا، والمهنية تتطلب أن نطلق العنان لهذا الإلهام".

ويضيف أن الكثير من الصحفيين في عهد النظام السابق كانوا يتجنبون الحاكم فينجون، أما اليوم فهم مجبرون على تجنب "المئات من فرق القتل المزودة بكواتم الصوت وليس الفم فقط"، معتبرا أن الخوف من فرق الموت هذه "يقتل الإلهام والمهنية".

أما خيون أحمد الصالح (67 عاما)، الذي صال وجال مراسلا داخل وخارج العراق في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، فإنه هذه الأيام يجد نفسه مجبرا على العمل براتب بسيط يضيفه إلى راتب التقاعد الهزيل.


صحفيو العراق عرضة للبطالة أو للاغتيال(الجزيرة نت)
صحفيو العراق عرضة للبطالة أو للاغتيال(الجزيرة نت)

حقول الألغام
ومن جهته يقول عضو نقابة الصحفيين حارث محمد فرج للجزيرة نت "كنا نتمنى أن تتقلص حقول الألغام أمام الصحفيين في العراق، إلا أن العكس هو الذي حصل".

ويتذكر لائحة طويلة من الصحفيين العراقيين الذين حصدتهم آلة العنف مثل نقيب الصحفيين السابق شهاب التميمي ومراسلَيْ قناة الجزيرة السابقين طارق أيوب وأطوار بهجت، إضافة إلى صحفيين آخرين أمثال محسن خضير ومحمد البان وأحمد رشيد وعدنان البياتي، الذي قتل أمام أعين ابنته وزوجته، والمذيعة لقاء عبد الرزاق التي اغتيلت بعد شهرين فقط من اغتيال زوجها.

ومما يزيد الطين بلة لدى العديد من صحفيي العراق عزوف الصحف والمؤسسات الإعلامية الأخرى عن تشغيل من كان يعمل في مؤسسات النظام السابق، وهو ما تعاني منه ابتهال عبد الواحد.

وتقول ابتهال للجزيرة نت إنه لا أحد يبحث عن الخبرة، وإن وجد صاحب خبرة فأمامه مشكلتان، الأولى استهداف حياته من قبل الجماعات المسلحة "التي لا تحسن التدقيق في خلفيات الناس مثلما تحسن استخدام السلاح"، والثانية تهمة التعاون مع نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

المصدر : الجزيرة